فرص نشوب الحرب الأمريكية-الإيرانية
إمكانيات نشوب حرب بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران في هذه الفترة ضعيفة للغاية، فأي هجوم أمريكي على أهداف إيرانية سيكون له عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الخليج العربي ولكن سيصل تأثير هذا إلى مناطق أخرى في العالم، خصوصا في ظل حالة الصراع الأمريكي-الصيني الروسي.
وذلك يرجع إلى عدة أسباب، أولها، أن الولايات المتحدة ما زالت في مرحلة إضعاف إيران اقتصاديا وسياسيا عن طريق العقوبات الاقتصادية، ولم يحن الوقت بعد لمهاجمتها عسكريا، حيث ذلك سيجعل نظام الملالي يستعيد قوته الداخلية بعد أن فقد الكثير منها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة..
ثانيا، عندما سيطرت الولايات المتحدة على كل من أفغانستان والعراق في بداية الألفية الحالية، كان هناك غياب روسي كامل على المسرح الدولي، أما في وقتنا الراهن فروسيا قوة مناوئة للولايات المتحدة في العديد من النقاط الساخنة حول العالم، مثلا في القطب الشمالي وسوريا ومنطقة بحر البلطيق وأوكرانيا وفنزويلا وليبيا، لذلك روسيا لن تسمح بمهاجمة الولايات المتحدة لإيران بأي حال في هذا التوقيت..
حيث ذلك سيعني ضياع الكثير من المصالح الروسية سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في حوض بحر قزوين.
أما السبب الثالث، فيتمثل في أن إيران ليست كالعراق أو ليبيا، وإنما هي قوة عسكرية لها احترامها، وأي عمليات عسكرية سيكون من شأنها تهديد منطقة الخليج العربي بالكامل، وذلك يعني أزمة طاقة عالمية خطيرة.
بالإضافة إلى وجود قواعد عسكرية فرنسية، بريطانية وتركية في المنطقة مما سيجعل الأمور تخرج عن السيطرة في هذه المنطقة المهمة.
وأخيرا، مسألة مهاجمة إيران عسكريا العالم غير مستعد لها حاليا وستكون سببا في نشوب حرب عالمية، لذلك الولايات المتحدة تستمر في استخدام أسلوبها المعتاد الفعال- إضعاف الاقتصاد والعمل على صناعة ثورة ملونة في الداخل الإيراني.
أما ما يحدث حاليا من إرسال بعض القطع العسكرية الأمريكية للمنطقة ما هو إلا عملية إستعراض للقوة من جانب الولايات المتحدة ولا تنطوي على أي تهديد لإيران.
وبالنسبة لمواقف القوى الإقليمية من إمكانية نشوب هذه الحرب، في حالة تهور الإدارة الأمريكية وبدئها للعمليات العسكرية، ستجد المملكة العربية السعودية نفسها متورطة في هذه الحرب عسكريا وماليا، والمملكة غير مستعدة إستراتيجيا لهذه الحرب، فالحرب في اليمن مازالت مستمرة والمشاريع الاقتصادية الكبرى التي يحلم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ستنتهي مع بداية هذه الحرب.
أما بالنسبة لإسرائيل فستكون المستفيدة الوحيدة منها، فهي تحضر لهذه الحرب منذ فترة سواء بالقرب من حدودها أو بالقرب من الحدود الإيرانية-الأذربيجانية. ولكن أيضا على إسرائيل مواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية وأيضا عليها الاستعداد لإمكانية حدوث حرب برية مباشرة معها على الحدود اللبنانية والسورية.
أما مصر فلن تشارك بأي شكل من الأشكال في هذه الحرب، إلا إذا حدث تهديد مباشر على مصالح مصر في منطقة البحر الأحمر، فمصر رفضت مرات عديدة المشاركة في أي حلف عسكري ضد إيران وكان آخره الناتو العربي.
وإذا نظرنا للموقف التركي في هذه الحرب المحتملة، سنرى أن أي مهاجمة عسكرية ضد إيران لن تكون في صالح الأتراك، فتركيا وإيران حليفتان إستراتيجيتان لديهما العديد من المصالح المشتركة، التي ستتأثر بالقطع في حالة حدوث حرب أمريكية-إيرانية، لذلك الأتراك يحاولون منع هذه الحرب مع شريكتها قطر، لأنهم سيكونون خاسرين بلا شك في حالة وقوعها.