رئيس التحرير
عصام كامل

حافة الهاوية.. روسيا هي الهدف !


هل تحريك الأساطيل والسفن الحربية الأمريكية ومائة وخمسين قاذفة، وأربع قاذفات بي ٥٢ إستراتيجية.. عمل من أعمال الحرب لردع إيران حقا؟ هل وصلت رسالة الاستعراض بـ"القوة التي لا ترحم" كما أسماها "جون بولتون" مستشار الأمن القومي الأمريكي.. إلى إيران أم إلى روسيا أم إلى الدولتين معا؟


يتابع العالم مظاهرة القوة التي لا ترحم، حاملة الطائرات "إبراهام لينكولن"، باعتبارها موجهة إلى النظام الإيراني، بناء على معلومات نقلها رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي إلى نظيره الأمريكي قبل أسابيع، لكن روسيا وحدها هي من يدرك جيدا أن هذه القوة، وبهذه الطريقة هي في حقيقة الأمر رسالة واضحة جدا من واشنطن إلى موسكو وحضورها العميق في المتوسط وفي الخليج معا.

السفير الأمريكي "جون هانتسمان" لدى موسكو أدلى بتصريح استثنائي في الرابع والعشرين من أبريل الماضى لا يمكن تجاوزه أو إهماله.. قال فيه بالحرف: "إن كل حاملة طائرات أمريكية تمر في البحر المتوسط تعادل ١٠٠ ألف طن دبلوماسية العالمية!"، بل هو أول من قطع واعترف مسبقا بأن حاملة الطائرات الموجودة في المتوسط والسفن الحربية المرافقة لها هي إشارة إلى روسيا. 

يعني مائة ألف طن دبلوماسية ضد روسيا. الحقيقة أنه توجد حاملتان.. إحداهما "إبراهام لينكولن" التي مرت من قناة السويس قبل يومين في طريقها إلى بحر العرب.. وربما قريبا من مضيق هرمز الإستراتيجي الذي تمر منه خمس تجارة النفط في العالم. معنى الإشارة واضح أن القوة تختصر كلاما كثيرا لا طائل وراءه.. وهي بديل ناجع للمفاوضات المملة!

روسيا رصدت زيادة غير عادية في النشاط العسكري لحلف الأطلنطي على حدودها الغربية لتوسيع نطاق عملياته ضد "العدو الروسي" التعبير الأخير قال الرئيس الأمريكي ترامب أول أمس إنه لا يريد إطلاقه على روسيا.

الحرب بين الدولتين، روسيا وراءها الصين، وأمريكا وراءها الناتو، مستمرة علنا أو بالوكالة في مناطق الصراع المشتركة.. سوريا وليبيا وفنزويلا.. وأشد ما يثير قلق دول الخليج التوجه الخليجي نحو موسكو، في ضوء حالة الابتزاز التي يمارسها ترامب بوقاحة مطالبا أتعاب الحماية وتخويف إيران !

عن الموقف في فنزويلا قال ترامب ولسانه الثاني "بومبيو" إن كل الخيارات مفتوحة، ومنها استخدام القوة العسكرية لصالح المعارضة. وعن الموقف مع إيران قال إن واشنطن لا تريد الحرب مع إيران.. لكنه سيخنقها عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا. وهو يخنق إيران يصرخ يناديهم: تكلموا معي.. مستعد للحوار!

أو يطلب وسيطا يقنع الإيرانيين بأن مشكلته معهم النووى وفقط، وإذا أوقفوه تماما طابت العلاقات وازدهرت.

إيران دولة كبرى في الإقليم، وهي محارب لا يهمد ولا يتوقف، وتجربة صدام حسين معها مريرة، ودامت ثمانية أعوام، وحين تلقى الخوميني الهزيمة وافق على وقف إطلاق النار وهو يقول قولته الشهيرة: "إني أتجرع كأس السم".

وتعرف واشنطن أن اشتعال النار في الخليج سيحرق دول المنطقة، وهي لا يهمها كثيرا الاشتعال، بل يهمها أكثر استمرار التهديد به، فإن اشتعل فليستمر.. والفاتورة خليجية واجبة السداد.

"جون فوستر دالاس" وزير خارجية أمريكي بارز ومحارب عتيد للشيوعية في عهد الرئيس "دوايت ايزنهاور"، كان مواكبا لعصر "عبد الناصر".. عرف عنه انتهاج سياسة حافة الهاوية.. أي دفع الأحداث حتى حافة الجبل، ثم التراجع إن أصر الخصم على الانتحار!
شيء من هذا يأخذ به ترامب.. في سياسته الخارجية المتضاربة.
الجريدة الرسمية