رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عاطف فاروق يكتب: قطار الأخطاء الطبية يحصد أرواح الفقراء.. فصل طبيبين تسببا في وفاة مريضة داخل مستشفى حكومي.. والمحكمة لم تجد سببا يحملها على استعمال الرأفة حيال المتهمين (مستندات)


كشف حكم قضائي عن استمرار مسلسل الإهمال الطبي الجسيم بين الأطباء داخل المستشفيات الحكومية، وأكد أن قطار الأخطاء الطبية القاتلة لا يتوقف، مما يترتب عليه إزهاق أرواح المرضى البسطاء؛ حيث تحولت بعض المستشفيات العامة إلى مقبرة ومصائد للموت تحصد أرواح المرضى، ومن يفلت من الموت يصاب بعاهة مستديمة أو يدخل في غيبوبة تنتهي بالوفاة.


وأقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 101 لسنة 3 قضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسوان، متضمنة ملف تحقيقاتها في القضية ومذكرة بشأنها، وقائمة بأدلة الثبوت وتقرير اتهام ضد الدكتور "سامح صبحى حبيب"، طبيب النساء والتوليد بمستشفى كوم أمبو المركزي، والدكتور "وهبة أحمد فرحات"، أخصائى النساء والتوليد بالمستشفى، وإحالتهما إلى المحاكمة.

ونسبت النيابة إلى المتهم الأول مخالفة القوانين واللوائح وخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي؛ بأن خالف ما تقضي به التعليمات الطبية وارتكب خطأ مهنيا جسيما بأن استعمل "آل الفورسيبس" المحظور عليه استعمالها، وتعامل مع حالة المريضة "فاطمة أمين محمد" بتوليدها مما تسبب في حدوث تهتكات بالمهبل، وجروح قطعية بالرحم وارتخاء شديد بعضلة الرحم، مما أدى إلى نزيف حاد نتجت عنه وفاة المريضة، وتغيب عن مقر عمله بمستشفى كوم أمبو المركزى دون الحصول على إذن.

وأكد تقرير الاتهام أن المتهم الثاني لم يحافظ على مواعيد العمل، ولم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة وخالف القواعد والاحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها، وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي؛ بأن ترك عمله بمستشفى كوم امبو المركزي متوجها لعيادته الخاصة رغم كونه الاخصائي النوبتجي بالمستشفى في هذا اليوم، مما ترتب عليه قيام المتهم الأول بإجراء الولادة للمريضة "فاطمة أمين محمد" والتسبب في وفاتها.

وقالت المحكمة التأديبية في أسباب حكمها: إن محكمة جنح كوم امبو قضت بإدانة المتهمين بعقوبة الحبس لمدة سنة وتأييد الحكم من محكمة جنح مستأنف، وأنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة إلى المتهم الأول والمتمثلة في أنه خالف ما تقضي به التعليمات الطبية وارتكب خطأ مهنيا جسيما بأن استعمل "آلة الفورسيبس" المحظور عليه استعمالها، وتعامل مع حالة المريضة بتوليدها مما تسبب في حدوث نزيف حاد نتج عنه وفاة المريضة، والمخالفة المنسوبة إلى المتهم الثاني والمتمثلة في أنه ترك عمله بمستشفى كوم امبو المركزي متوجها إلى عيادته الخاصة، رغم كونه الأخصائي النوبتجي بالمستشفى في هذا اليوم، مما ترتب عليه قيام المتهم الأول بإجراء الولادة للمريضة والتسبب في وفاتها.

تحقيقات النيابة
وأضافت المحكمة أنه بناءً على ما طالعته المحكمة وما سطرته تحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية، وأقوال الشهود، والحكم الجنائي الذي جاء بحيثياته ثبوت أركان جريمة القتل الخطأ في حق المتهمين فتمثل الخطأ من جانب المتهم الأول في مخالفته لما تفرضه عليه أصول وظيفته، وذلك باستعماله آلة طبية (الفورسبس) وهو ليس على علم ودراية بكيفية استعمالها، وهو ما نتج عنه حدوث جروح قطعية وتهتكات وتمزقات بعنق الرحم والمهبل مما أدى إلى حدوث نزيف دموي غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة أدت إلى حدوث الوفاة، وكان خطأه سالف الذكر هو السبب المباشر في الوفاة.

وتمثل الخطأ في حق المتهم الثاني في مخالفته اللوائح والقرارات المنظمة لعمله والتي توجب عليه الوجود بمقر عمله بقسم النساء والتوليد بمستشفي كوم امبو المركزي، إلا أنه قام بمخالفة ذلك ولم يوجد بالمستشفى وترك المتهم الأول بمفرده يقوم بإجراء العمليات، مما أدى إلى قيام (المتهم الأول) بإجراء عملية ولادة للضحية نتيجة إصابتها بضرر تمثل في إصابتها بنزيف مهبلي حاد أدى إلى الوفاة، مما يتضح معه توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر إذ أن عدم تواجد المتهم الثاني بالمستشفى وتركه للمتهم بمفرده مما أدى إلى وفاة المريضة.

مهنة الطب
وشددت المحكمة على أن مهنة الطب مهنة إنسانية وأخلاقية وعلمية قديمة قدم الإنسان، أكسبتها الحقب الطويلة تقاليد ومواصفات تحتم على من يمارسها احترام الإنسانية في جميع الظروف والأحوال، وأن يكون قدوة حسنة في سلوكه ومعاملاته مستقيما في عمله، محافظا على أرواح الناس وأعراضهم، رحيما بهم، وباذلا جهده في خدمتهم، ذلك أن حق الإنسان في الحياة وسلامة جسده يعد من الحقوق الأساسية التي تحميها القوانين والدساتير.

وقالت المحكمة: إنه بعد أن ثَبُتَ لديها أن المخالفات المنسوبة إلى المتهمين ثابتة في حقهما ثبوتا يقينيا، وهي مخالفات تقشعر لها الابدان، ترتب عليها وفاة المريضة، حيث جرّدا أنفسهما من أدنى مقومات صلاحية الاضطلاع برسالة الطب السامية، وساهما بفعلتهما في زعزعة ثقة من يلجؤون إلى المستشفى وفي مرفق الصحة بوجه عام، فصار واجبا عليها إن أرادت عدلا أن تجتث المتهمين من منصبهما وترفع أيديهما عن رسالة الطب السامية، عسى أن يكون في حكمها خير قصاص لمرفق الصحة ومهنة الطب السامية وللمريضة.

وبحثت المحكمة بكل سبل البحث نحو سبب يحملها على استعمال الرأفة حيال المتهمين، فلم تجد، ولا تجد المحكمة في مجال الجرم الطبي سبيلا للقول بأن المسؤولية الطبية قد تشفع لصاحبها في الجزاء فيُخَفف، وتحصنه من المساءلة عن أعماله ليقترفا ما اقترفا من جرم، ذلك أن المتهمين أهملَا إهمالا جسيما أدى بلا ريب إلى وفاة المريضة، فصار إجتثاثهما من وظيفتهما، في يقين المحكمة، وهو ما تقضي به المحكمة بمعاقبة المتهمين بالفصل من الخدمة.

وصدر الحكم برئاسة المستشار "محمد أبو العيون جابر علي مهران"، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين "مصطفى عبد الغني حسن حسان"، و"أحمد السعدي عبد الحميد عبد العظيم".
Advertisements
الجريدة الرسمية