رئيس التحرير
عصام كامل

رمضان في الغربة.. رحلة صيام السفير محمد المنيسي في «9 عواصم»


مكانة فريدة يحتلها شهر رمضان في ذاكرة ووجدان المصريين، لا سيما وأنه يأتي بمظاهر ومعان جعلته مختلفا عن سائر بلدان الشرق الأخرى، فأقاموا من أجله الليالي الاحتفالية العامرة، إلى جانب حرصهم في ذات الوقت على التقرب إلى الله طوال أيامه ولياليه.


لكن رمضان في حياة المسؤولين المصريين المغتربين، خصوصا السفراء، الذين يقضون جزءا كبيرا من حياتهم في بلدان لا تعرف عن بهجة رمضان شيئًا، ليس ذلك فحسب بل يفتقدون أيضًا مظاهر الاحتفال الرسمية بالشهر الكريم مثل "زينة رمضان" التي تملأ الشوارع كجزء أساسي من الطقوس الرمضانية، فكل ما عليهم أن يتابعوا ذلك من خلال شاشات التليفزيون للاستمتاع بجزء من مظاهر احتفال الشهر الكريم الذي فقدوا مذاقه بسبب طبيعة عملهم خارج البلاد.

«فيتو» تواصلت مع بعض السفراء المصريين بالخارج لسرد ذكرياتهم في الخارج خلال الشهر الكريم، ومن جانبه أعرب السفير محمد المنيسي، مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج، والذي تقلد شئون مصر في عدة سفارات مختلفة على إثرها عرف ثقافة وطرق احتفال الشعوب في رمضان، عن سعادته بقضاء رمضان في بعض من الدول المختلفة بسبب طقوسهم المتشابهة قريبا إلى الروحانيات المصرية.

وقال السفير محمد المنيسي، الذي بدأ حياته المهنية بالخارج منذ صيف 1974 عضوًا في السفارة المصرية بالخرطوم وظل هناك 4 سنوات، كانت مليئة بالصداقات الطيبة خاصة أن السودان دولة مسلمة، ليقضى أيام الشهر المبارك على أرضها مفردة، كونه كان شابًا أعزب وقتها الأمر الذي استصعبه في البداية فكيف يتغلب على فقد مظاهر الاحتفال الشهيرة للشهر المبارك، لكن سرعان ما تناسي ذلك بسبب المعاملة الجيدة المليئة بالأخوة والمحبة التي قوبل بها من جانب الأشقاء السودانيين في العاصمة الخرطوم، والعائلات التي كانت تتعامل معه كأنه أحد أبنائهم، وأنهم أبناء بلدة واحدة، وكثرة العزائم التي كانت تتردد عليه بصفه مستمرة، غير عزائم الإفطار الجماعي داخل القنصلية.

«المنيسي» أكد أنه «كان لا يشعر بفارق كبير في أول رمضان قضاه خارج الوطن خاصة أن عدد ساعات الصيام كانت تقريبا متشابهة مع مصر، العزائم تلو الأخرى كما لو أنه كان يعيش بأرض الوطن، شيء وحيد كان مختلف بأراضي العاصمة السودانية في رمضان ارتفاع درجة الحرارة والجفاف الشديد عن ما يستطيع المصري تحمله، لكن قدرة الله التي يمنحها للبشر على تحمل الصيام في الشهر الكريم ساعدته أيضًا في تحمل درجات الحرارة».

للحظة خلال حوار السفير محمد المنيسي عن رمضان في الخارج واسترجاع ذكرياته، استوقفه موقف رائع وعظيم من الإخوة المسيحيين من الجنسية المصرية والمقيمين في العاصمة الخرطوم، خلال شهر رمضان عندما قاموا بدعوته للإفطار معهم في شهر رمضان وحرصهم على تحضير أشهى الأكلات التي يشتهر بها المصريون في الشهر الكريم ومشاركته الطعام وكأنهم عائلة واحدة من ديانة واحدة في أرض الوطن.

رغم أن المحطة الأولى للسفير «المنيسي» في الخرطوم كانت مليئة بالذكريات الجميلة خلال شهر رمضان، لكنها لم تدم طويًلا فهذه هي حياة السفراء دول تلو الأخرى يمرون عليها لفترة ويرحلون من بعدها.

محطته الأولى كانت في دولة أفريقية مسلمة.. أما المحطة الثانية في حياته كسفير مصري فجاءت في ميلانو بإيطاليا.. الدولة الأوروبية والوجهة المختلفة التي واجه فيها مشقة خلال الشهر الكريم، بسبب عدد ساعات الصيام كانت أكثر من المعتاد فكان موعد أذان الفجر في الـ2.30 والمغرب في العاشرة إلا الربع.. نقطة هامة وتختلف كثيرًا عن مواعيد الصيام في مصر والدول العربية، وهي مشقة عاني منها السفير «المنيسي» إلا أن قدرة الله للمرة الثانية جعلته يتمكن من إكمال الصيام وساعده على ذلك أيضًا أنه في تلك الوقت لم يكن بمفرده فقد أصبح رب أسرة بعد أن تزوج وأنجب واصطحب عائلته برفقته، إلى جانب حرصه الشديد على تعليم أبنائه مفهوم الدين الإسلامي الصحيح والصبر والتحمل والعلم بالعادات الدينية وسط المجتمع الغربي.

9 محطات مختلفة مر عليها قطار السفير محمد المنيسي منذ أن كان شابًا إلى أن أصبح أبًا وجدًا، من بينهم 3 دول عمل بها كسفير للمصريين، مثل قطر وسنغافورة وميانمار.

سنوات عديدة قضى فيها شهر رمضان خارج أراضي الوطن، لكنه بعدما تزوج وأنجب حرص على أن تتزامن إجازته السنوية مع شهر رمضان ولو حتى جزء من الشهر للحفاظ على العيش وسط الروحانيات الرمضانية في مصر وسط عائلته، وحرصه أن يعيش أبناؤه وسط هذه الروحانيات وليس من قبل شاشات التلفاز، مؤكدًا أن لكل دول شكل في مختلف في الشهر الكريم، إلا أنه لم يجد أجمل من الروحانيات والاحتفال بالشهر الكريم وسط شوارع القاهرة والمعز والحسين.
الجريدة الرسمية