رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة "صدى البلد - السبكي" والمبادئ!


إذا سمعتهم يتحدثون عن حرية الصحافة بعد اليوم فلا تصدقهم.. وإن رأيتهم يتباكون على حرية الرأي والتعبير فلا تصدقهم أيضا.. فهؤلاء ممن يقلبون الدنيا ولا يقعدونها من أجل إرهابي مقبوض عليه على ذمة قضية إرهاب أو عنف لا علاقة له بالصحافة ولا بحرية الرأي والتعبير، ولا علاقة لأطرافها أصلا بنقابة الصحفيين، لم نسمع لهم همسا في قضية اقتحام موقع "صدى البلد" المثبت بالصوت والصورة. 


وقبلها تعرضت غيرها من الصحف لرذالات وسخافات عديدة، بينما المجموعة نفسها التي تلطم الخدود وتشق الجيوب ليل نهار على الصحافة التي "في خطر"، والحقوا "مقال فلان" أو "عمود علان"، حتى لو كان تأجيل النشر في الحالات السابقة لأسباب موضوعية تخضع لتقدير رؤساء التحرير، ولا علاقة لها بالمنع من الكتابة.. فهؤلاء جميعهم اختفوا الأيام الماضية من المشهد تماما! ذهبوا إلى كوكب آخر.. لم يشاهدوا ما جرى ولم يسمعوا به ولم يبلغهم أحد بتفاصيله وكأنهم في غيبوبة عميقة!

هؤلاء -بكل أسي- لا علاقة بكل بكائياتهم المصطنعة بحرية الصحافة ولا بالصحافة نفسها من قريب ولا من بعيد.. وإلا لأثبتوا أن القضية لديهم على مبدأ لا يتغير وفق أمزجتهم الخاصة ولا طبقا لتصنيفاتهم السياسية. لكن حتى هذه فاتت عليهم وأصابتهم غشاوة أبصارهم بعمى نقابي وأخلاقي فلم يستطيعوا حتى تمثيل الغضب والحزن وطبعا ولا حتى التضامن مع زملاء صحفيين. 

هم فقط يقلبون الدنيا بالصراخ والعويل طالما كان الصراخ والعويل يخدم أهدافهم في أي إثارة ممكنة ضد القيادة والسلطات المصرية.. بياناتهم ومواقفهم على صفحاتهم وحساباتهم تتحول على الفور إلى مادة مناسبة لقنوات إعلام الشر في قطر وتركيا لكن كانت المواقف من الأزمات كاشفة للجميع!

المبادئ -يا سادة- لا تتغير بتغير الأشخاص ولا المؤسسات.. فمن يدافع عن حرية الصحافة والصحفيين سيدافع عنها وعنهم حتى لو تعرض لها أو طالت خصومه السياسيين، وبما لا يخضع للهوى والانطباع الشخصي.. هذا فقط إن كان في الأمر مبادئ من الأساس!

قلنا في مقال أمس الأول إن الاعتداء على "صدى البلد" عدوان على المجتمع كله.. وهو بالفعل ينتفض الآن ضد استخدام لغة القوة والعضلات في أي خلاف.. وضد الاعتداء على مؤسسات تؤدي واجبها وتقدم خدماتها للمجتمع.. ولعل ذلك أجمل نتائج الأزمة.. وهو كاف لتأكيد تجاوز الوعي الشعبي لهؤلاء المتربصين من المحسوبين زورا على النخبة المصرية!!
الجريدة الرسمية