اعتقال.. ومحاصرة.. وأعمال ممنوعة من العرض.. ضريبة نضال محسنة توفيق (فيديو)
من الصعب أن يطغى فنان على آخر قدم نفس الدور بقدرة فائقة، لكن القلم في يد أسامة أنور عكاشة لا يعرف المستحيل، واختيار من يقول حديثه لم يكن عبثيًا، لذلك فإن الفنانة محسنة توفيق التي غادرت عالمنا خلال الساعات الماضية كانت الرهان من خلال شخصية «أنيسة» والدة بطل مسلسل ليالي الحلمية.
المدقق في التفاصيل التي رُسمت بها شخصية «أنيسة» يُدرك منذ اللحظة الأولى سبب نجاح «محسنة توفيق» حتى إن الكثيرين لم يتذكروا أن بطلة الجزء الأول كانت الفنانة فردوس عبد الحميد، نعود لدور «أنيسة» الثائرة المؤمنة بثورة 1952 والرافضة للانفتاح الاقتصادي الذي يستغل الفقراء، المُدركة أن حجاب العيب أهم بكثير من حجاب الرأس، ذلك كله يمكن اعتباره الخط الرئيسي لحياة محسنة التوفيق.
كما أشارت هي في أكثر من لقاء قبل رحيلها، فمولدها في عام 1939، أتاح لها أن تُدرك التغيرات المصرية منذ البداية، وحين أكملت 13 عاما كانت مصر تتغير من الملكية للجمهورية وهي قد آمنت بثورة يوليو لكنها آمنت بها كفكرة وليس كأشخاص، ورغم وفاة والدتها في سن مبكرة إلا إنها اتجهت للتمثيل بعد أن غوت الغناء في سن التاسعة.
البذرة السياسية الأولى كما وضّحت هي كان في مظاهرات الطلبة في عصر الملك فاروق حين حاصر قوات البوليس الطلاب وسقط أكثر من 100 طالب، وقتها شاركت في التظاهرات، وما إن تغير الوضع حتى آمنت بالأفكار، فكما أيدت جمال عبد الناصر في قرارات كثيرة حتى إنها كانت ضمن مئات الآلاف الرافضين لتنحيه، لم يمنعها ذلك من اعتراضات كثيرة دفعت بها في نهاية المطاف إلى المعتقل ضمن حملات اعتقال الشيوعيين التي انتشرت في بداية ستينيات القرن الماضي، وفي السجن كانت مغنية للسجينات تنشد الحرية وترفض القهر.
كان يمكن لكل ذلك أن ينتهى لو انتهت محسنة توفيق، لكن مع بداية عصر السادات كان هناك نضال من نوع آخر ينتظرها، أما هي فلم تتخذ طريقا واحدا للنضال، فبجانب أفلام ذات ثقل سياسي واضح مثل العصفور، وصيحتها الخالدة «هنحارب» كانت فاعلة أيضًا في الأوساط اليسارية وعلى رأسها حزب التجمع.
البذرة السياسية الأولى كما وضّحت هي كان في مظاهرات الطلبة في عصر الملك فاروق حين حاصر قوات البوليس الطلاب وسقط أكثر من 100 طالب، وقتها شاركت في التظاهرات، وما إن تغير الوضع حتى آمنت بالأفكار، فكما أيدت جمال عبد الناصر في قرارات كثيرة حتى إنها كانت ضمن مئات الآلاف الرافضين لتنحيه، لم يمنعها ذلك من اعتراضات كثيرة دفعت بها في نهاية المطاف إلى المعتقل ضمن حملات اعتقال الشيوعيين التي انتشرت في بداية ستينيات القرن الماضي، وفي السجن كانت مغنية للسجينات تنشد الحرية وترفض القهر.
كان يمكن لكل ذلك أن ينتهى لو انتهت محسنة توفيق، لكن مع بداية عصر السادات كان هناك نضال من نوع آخر ينتظرها، أما هي فلم تتخذ طريقا واحدا للنضال، فبجانب أفلام ذات ثقل سياسي واضح مثل العصفور، وصيحتها الخالدة «هنحارب» كانت فاعلة أيضًا في الأوساط اليسارية وعلى رأسها حزب التجمع.
وفي حوار سابق كشف نبيل زكي لـ«فيتو» أن الصحفي الراحل موسى صبري نشر قائمة بأسماء لجنة الفن في حزب التجمع والتي حوت نجوما مثل عبد الرحمن أبو زهرة، صلاح أبو سيف، جميل راتب، محسنة توفيق، وجميعهم عانوا من العزلة الفنية وتوقيع عقاب بسبب انتمائهم الحزبي تمثل في عدم إجراء أي حوار صحفي معهم في وقت كانت الدولة هي من تلك وسائل الإعلام فقط.
هذا الأمر أكدته محسنة توفيق قبل رحيلها، كاشفة كيف تم تعرضها لعزلة فنية أبعدتها عن السينما، ورغم ذلك لم تلن وحين قامت ثورة 25 يناير كانت من أبرز الفنانين الذين تواجدوا في الساحة، وكما بدأت حياته ثائرة أنهتها ثائرة من خلال آخر أعمالها الفنية «أهل الإسكندرية» تأليف بلال فضل والذي لم ير النور حتى الآن.