رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة تحول "حدائق الأهرام" من مدينة عالمية إلى منطقة عشوائية.. مخالفة اشتراطات البناء بدون رادع.. الإهمال يستهدف البنية التحتية.. وغياب المرافق الأساسية أبرز الأزمات (فيديو وصور)


على بعد كيلو واحد من نادي الرماية بالهرم، أمام أهرامات الجيزة وتمثال أبو الهول، أنشئت مدينة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة بقرار من رئاسة الوزراء منذ نحو أربعين عاما، بعد أن تم تخصيص قطعة الأرض الخاصة بها منذ السبعينيات، لتوفير قطع أراض لبناء فيلات وعمارات تطل على الأهرامات بسعر منخفض، فكان سعر المتر حينها لا يتجاوز خمسة جنيهات، وبلغت مساحتها طبقا للعقد المسجل 1400 فدان، تم تقسيمهم إلى 5041 قطعة، وستة عشر منطقة، وأقيم فيها حتى الآن ما يزيد على 4 آلاف عمارة سكنية.


اشتراطات البناء
وجذبت اشتراطات البناء داخل حدائق الأهرام الكثير من المواطنين في البداية، وكان أغلبهم من الفنانين والمشاهير وغيرهم من قامات المجتمع، نظرا لموقعها المتميز الذي يقترب كثيرا من المنطقة السياحية بالهرم، كما تضمنت الاشتراطات البنائية بالمدينة ألا تزيد نسبة المباني المقفلة عن 45% من مساحة الأرض، أي أن يكون هناك مسافة نحو 3 أمتار بين كل عمارة وما تجاورها، وألا يزيد ارتفاع المباني عن 4 أدوار بالإضافة إلى دور أرضي وجراج للسيارات.

كان يمكن لهذه المدينة أن تكون مدينة عالمية سياحية من الدرجة الأولى، نظرا لموقعها الأقرب للمنطقة الأثرية بالجيزة، كما أنها تطل على الأهرامات من كل زاوية، فهي تقع فوق أعلى ربوة بصحراء الأهرام، لكن تزامنا مع الانفلات الأمني الذي حدث عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، بدأت المخالفات تطول المدينة كما هو الحال في باقي الأحياء والمدن في مصر.

وقضى الإهمال على أحلام الناس في العيش بهدوء داخل تلك المدينة، وبدأ المقاولون في شراء الأراضي بها وتسقيعها حتى وصل سعر المتر فيها إلى ما يقرب من ثمانية آلاف جنيه في بعض المناطق بها، ناهيك عن انتشار المخالفات بها وعدم الالتزام باشتراطات البناء التي كانت موضوعة في السابق.

أبرز المخالفات
ويقول المهندس شريف البربري، أحد سكان مدينة حدائق الأهرام، إن المشكلة الأساسية في المدينة تتمثل في غياب المرافق الأساسية عنها، والسبب الرئيسي في هذا الإهمال هو حي الهرم، قائلا: "لما كانت الجمعية هي المسئولة عن إصدار تراخيص المحال مكنش فيه ولا محل مخالف، لكن بداية من عام 2007 عندما تولى الحي مسئولية التراخيص بدأ الفساد يظهر، وانتشرت المخالفات وتوسعت المحال بدون ترخيص، حتى أصبح يوجد الآن ما يزيد على 3 آلاف محل تجاري يزاولون النشاط دون ترخيص، بالإضافة إلى البناء المخالف".

أزمة المرافق
الانتشار الكثيف للتوكتوك، وأكوام القمامة المنتشرة في كل مكان، وحالة الشوارع السيئة المملوءة بأعمال التكسير والحفر، والباعة الجائلون الموجودون حول المنطقة في كل مكان، تعتبر كل هذه المشكلات من أبرز المشكلات الموجودة في المدينة، فيضيف البربري في حديثه لـ"فيتو" بأن بطء عمليات ترميم الشوارع وسفلتتها سببه تأخر دخول الخدمات الأخرى من غاز وخطوط تليفونات، وتضارب الأعمال فيما بينهم، فحتى الآن معظم الشوارع بحدائق الأهرام غير ممهدة على الرغم من توفير ميزانية قدرها 50 مليون جنيه لأعمال الأسفلت من جمعية تعمير صحراء الأهرام.

الممشى السياحي
ويشير محمد الجنزوري، أحد سكان حدائق الأهرام، أنه من المفترض أن يتم إنشاء ممشى سياحي داخل مدينة حدائق الأهرام عند البوابة الرابعة، حيث تم منح الرخصة لإنشائه منذ عام 2009، وتم وضع حجر الأساس له في عام 2016، وحتى الآن لم يتم البدء في أي أعمال به لتنفيذه على الرغم من أنه تم وضع ميزانية له من جمعية تعمير صحراء الأهرام.

المشكلة الأخرى التي أشار لها الجنزوري في حديثه لـ "فيتو" هي مشكلة التكاتك قائلا: "يعمل عليها الكثير من البلطجية وأطفال تحت السن القانوني، لذا لابد من وجود وسيلة مواصلات أخرى بديلة بمعرفة جهاز المرور وإدارة المرور، لكن للأسف تم توفير البديل في السابق ولم ينجح بسبب بلطجة أصحاب التكاتك وسطوتهم على المنطقة".

مشكلة المحولات
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، ونتيجة عدم كفاءة محولات الكهرباء بالمدينة، تنتشر حوادث الحرائق يوما بعد يوم داخل حدائق الأهرام، آخرها أمس حيث تسبب انفجار في صندوق محول كهرباء في حريق شقتين أعلى المحول، هذا بخلاف تدمير السيارات الموجودة بجواره، وفي المنطقة المحيطة به، هذا بالإضافة إلى مشكلة انقطاع المياه المستمرة منذ زمن بعيد، والتي تتفاقم في شهر رمضان وفي فصل الصيف.

وطالب سكان حدائق الأهرام بوضع حلول عاجلة لكافة المشكلات الموجودة بالمدينة، وإنقاذها من الإهمال الغارقة فيه، وكان هذا هدف أساسي لحملة "مخالفات وجرائم حدائق الأهرام" التي انضم لها عدد كبير من سكان المدينة لرصد المشكلات التي يواجهونها ويحاولون إيجاد حلول لها، حيث تواصل سكان الحملة مع اللواء إيهاب مكاوي، رئيس حي الهرم، وتم طرح جميع المشكلات أمامه، ووعد مكاوي بشن حملات كثيرة ومكبرة في الفترة المقبلة على مدينة حدائق الأهرام، ومحاولة القضاء على أي مخالفة في مهدها.
الجريدة الرسمية