رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية 4 محالج قطن في القليوبية.. الخصخصة تقضي على أمهر العمال.. وتنهي صناعة التصدير.. محلج «محمد على» الأقدم في الشرق الأوسط.. وجبهة شعبية للدفاع عن الصناعة العريقة



بالأمس القريب كانت جزءا من صناعة مصرية تغطي أرجاء المحروسة من شرقها لغربها، لكن سرى عليها ما سرى على تلك الصناعة التي تدهورت لأسباب كثيرة وأصبحت ذكرى تطل علينا من حين لآخر لتذكرنا أين كنا، هذا ما يمكن تلخيصه عن محالج القطن في القليوبية.


4 محالج
بعضها تحول إلى عمارات سكنية والأخرى خاوية على عروشها هذا آخر ما تبقى لمحافظة القليوبية من 4 محالج قطن كانت حتى وقت قريب خلية نحل وشعلة نشاط تضم ما يقرب من 1500 عامل من العمالة المصرية وأمهر الصناع ويصدرون المنتج المصري، لكن الإهمال وسياسة الخصخصة أضاعت معالمهم تماما وقضت على العمالة داخلهم منهم ما خرج معاشا مبكرا ومنهم من تم نقله إلى محالج أخرى بالمحافظات المجاورة.

محلج محمد على
نيفين محمد مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية بالقليوبية أوضحت من جانبها أن محلج محمد على الأثري بالقناطر الخيرية هو المحلج الوحيد الذي ما زال يحتفظ بشكله نوعا ما وهو المحلج الوحيد بالمحافظة المصنف أثريا منذ عام 1999م وحتى الآن، مؤكدة أن المكان يعد من أقدم محالج القطن بالشرق الأوسط تم بناؤه على مساحة 28 ألف متر مربع في عهد أسرة محمد على عام 1847م تقريبا وافتتاحه في عهد نجله إسماعيل باشا ضمن نهضة محمد على بالقناطر الخيرية.

وأشارت إلى أن المحلج به أكبر ماكينة حلج في الشرق الأوسط تم تصنيعها في سويسرا عام 1902 م، حيث كان يعمل به ما يقرب من 600 عامل، وكان متنوع الإنتاج، وبه مصنع للزيوت والصابون وآخر يحول قشر القطن إلى أعلاف وآخر للغزل والنسيج.

وأكدت محمد أن المكان بوضعه الحالي هو جزء من محلج كبير كانت تمتلكه شركة القاهرة للزيوت والصابون وشركة الدلتا لحليج الأقطان، وفي نهاية التسعينيات عندما كانت الحكومة تنتهج سياسة الخصخصة توقفت الماكينات به تباعا إلى أن توقف تماما عن العمل، وبدأت الشركات المالكة له تقطيعه وبيعه كقطع أراض إلى أن انضم للآثار وبقي الجزء الحالي به، مشيرة أن المحافظة في عام 2008م في عهد محافظ القليوبية الأسبق المستشار عدلي حسين باعت جزءا منه بنحو 36 مليون جنيه تقريبا وبقي جزء منه ملك المحافظة والآخر ملك شركة القاهرة للزيوت والصابون.

وقال حسين حسني مسئول قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالقليوبية إن الآثار لا تمتلك المكان وإنما تقوم باستئذان مجلس المدينة للإشراف عليه من حين لآخر، مطالبا المحليات بالوقوف مع الآثار لدراسة استغلال المكان بشكل جيد وتحويله إلى ما يشبه بانوراما حرب أكتوبر.

ملحجان
أما كامل السيد رئيس حزب التجمع بالقليوبية فيقول إن مدينة بنها كان يوجد بها محلجان الأول بجانب مجلس مدينة بنها، وكان يسمى محلج بنك مصر والآخر محلج عبد الستار العطار وكانا يضمان من 600 إلى 700 عامل تقريبا ويعملان بشكل جيد إلا أن تم إغلاقهما في عام 1995 تقريبا، مع بدء العمل بنظام الخصخصة الذي كان يهدف إلى تعطيل شركات القطاع العام تمهيدا لبيعها.

وأوضح «السيد» أن تلك المحالج كانت منارة مضيئة في مدينة بنها وتوفر الكثير من فرص العمل لأهل المدينة والمحافظات المجاورة، إلى أن تم هدم المحلجين وتقطيعهما وبناء عمارات سكنية بدلا منهما كنوع من الميل إلى النشاط العقاري المربح، مشيرا إلى أن المسئولين لم يعوا أن النشاط العقاري قصير الأجل وربحه مؤقت فبمجرد تشبع السوق ينزل سعر العقارات وتنعدم فرص العمل به بعكس النشاط الصناعي الذي يستمر ربحه ويوفر فرص عمل دائمة ويساهم في تقدم الدول.

جبهة شعبية
محمد الفرماوي أحد أهالي مدينة طوخ والذي كونوا جبهة شعبية للدفاع ضد بيع وتقسيم محلج القطن بالمدينة، الذي تم بيعه لأحد المستثمرين بالفعل أكد أن المكان تم بناؤه في عهد طلعت حرب بتمويل من البنك الأهلي والبنك المصري ومستثمرين آخرين، مشيرا إلى أن المبنى ما زال يحتفظ بشكله الخارجي ولكن وزارة الآثار لم تقم بضمه بالرغم من مساحته التي تبلغ 20 ألفا و858 مترا تقريبا وهو ما ساهم في بيعه.

وأكمل «الفرماوي» أن أهالي مدينة طوخ شكلوا وفدا للاعتراض على بيع المحلج وقابلوا محافظ القليوبية الأسبق المهندس محمد عبد الظاهر وأصدر قرارا باستغلاله في المنفعة العامة، ولكن المكان لأنه ملكية خاصة تم بيعه فيما بعد، مشيرا إلى أن المحلج يؤرخ لحقبة تاريخية هامة وكان يضم الكثير من العمال.
الجريدة الرسمية