رئيس التحرير
عصام كامل

عاشوا في مصر (3)


مصر.. كنانة الله في أرضه.. منذ ما قبل التاريخ اتسع صدرها لمن ضاقت عنه كل دول العالم، واحتوت كل الطوائف، وشهدت أرضها نزول الديانات السماوية، وزارة غالب أنبياء الله.. تاريخها سبق تاريخ كل الأمم... إنها "أم الدنيا"، و"المحروسة".. من بين من عاشوا بها، رموز غيرت وجه التاريخ، نروي هنا بعضًا من تفاصيل حياتهم، ونستعرض شيئًا من جوانب عظمتهم.


أبو الأنبياء.. وهاجر
يوجد رسم على جدران إحدى مقابر بني حسن بمركز قرقاص بمحافظة المنيا، يمثل وفدًا جاء إلى مصر في السنة السادسة من حكم الملك الفرعوني سنوسرت الثاني، ويتألف من وفد مكون من سبعة وثلاثين شخصًا من البدو رجال ونساء وأطفال ارتدوا ملابس صوفية مزركشة، وترك الرجال فيه لحاهم، جالبين معهم الهدايا التي حملتها الحمير لحاكم منطقة بنى حسن..

هذا الرسم قد يمثل زيارة أبى الأنبياء إبراهيم، عليه السلام، وأسرته إلى مصر، حيث تظهر أربع نساء، ثلاثة منهن بملابس متشابهة مغطاة الأكتاف كعادة النساء الآسيويات، أمَّا زيّ الرابعة فيترك فيه الكتف اليسرى عارية كعادة ملابس نساء الفراعنة، وعليه كما جاء في أحد المراجع الألمانية التي نشرت الرسم بأن زمن زيارة الوفد يعود إلى عصر إبراهام «إبراهيم».

ومن هنا فإن رئيس الوفد هو نبي الله إبراهيم عليه السلام، والنساء الأربعة هن زوجته سارة، وزوجة لوط، وزوجة أليعازر الدمشقي، أما الرابعة ذات الزي المصري فهي السيدة هاجر.

الرسم يظهر القادمين مرفوعي الرأس ومعهم رماحهم وفي موكب يحمل الهدايا، هذا إلى جانب أن الكتابة الفرعونية المصاحبة تقول: «ويتقدم الجماعة رئيسها حاكم البلاد الأجنبية».

ومن المُسلم به أن نبي الله إبراهيم، عليه السلام، كان رئيسًا للجماعة التي صاحبته إلى مصر، وكان من القوة بحيث يقال إنه قد ملك دمشق ومن هنا فاللقب ينطبق عليه.

ولما كان سيدنا إبراهيم في زيارته إلى مصر قد قابل كهنة أون ومنف وهيراكليوبوليس، ودعاهم إلى الإيمان باللـه الواحد الذي لا يُرى، فكانت تلك المبادئ تتعارض مع ديانة البلاد مما استحال معها تسجيل الزيارة على جدران أحد المعابد الكبرى، فاقتصر تسجيلها فقط على جدران مقبرة حاكم الإقليم الذي يكون قد آمن سرا بنبي الله إبراهيم، عليه السلام، وأراد بتسجيل الزيارة في مقبرته أن يسجل حسن معاملته للرجل المبارك الذي يحميه إلهه من كل سوء، حتى يكون شفيعًا له في أمام محكمة قضاة الآخرة.
الجريدة الرسمية