مضيق هرمز.. ممر إستراتيجي عالمي يلقن النظام الإيراني درسا قاسيا
أزمة كبيرة شغلت عناوين الصحف العالمية خلال الأيام الماضية بعد تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي في الخليج العربي، الذي تمر عبره معظم إمدادات النفط العالمية.
وقال قائد القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، الأسبوع الماضي: "إذا لم يعبر نفط إيران من مضيق هرمز فإن نفط الآخرين لن يعبر من المضيق"، وجاء ذلك ردا على إعلان واشنطن وقف الإعفاءات والاستثناءات التي أعطتها لبعض الدول من تطبيق العقوبات الأمريكية التي تفرضها واشنطن على طهران.
أهمية إستراتيجية
ويعتبر مضيق هرمز ذات أهمية إستراتيجية كبيرة كونه يعد ممرا ملاحيا حيويا يربط منتجي النفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وما وراءها، ويقع منذ عقود في قلب التوتر الإقليمي.
ويفصل ذلك الممر المائي بين إيران وسلطنة عمان، ويربط الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب، ويقع في جنوب الخليج ويفصله عن مياه خليج عمان وبحر العرب، ويحده من الشمال إيران ومن الجنوب سلطنة عمان.
ويبلغ عرض المضيق 33 كيلومترا عند أضيق جزء منه، لكن الممر الملاحي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين وعمقه 60 مترا فقط.
جزيرة هرمز
ويحمل المضيق اسم جزيرة هرمز التي تقع في مدخله وكانت في القرن السادس عشر مملكة تخضع لحكم أسرة عربية من عمان، حيث نجح البرتغاليون في احتلالها عام 1515، وفي عام 1632 استطاعت القوات البريطانية والفارسية المشتركة طرد البرتغاليين منها، وهي تتبع لإيران منذ ذلك الوقت.
شريان نفطي
ويعتبر مضيق هرمز مدار اهتمام العالم اليوم نسبة لأهميته الإستراتيجية والاقتصادية، فهو أهم شريان نفطي في العالم تعبره ناقلات النفط الخليجي إلى معظم الدول، حيث يستوعب من 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميا، بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة محملة بنحو 40% من النفط المنقول بحرا على مستوى العالم.
تستخدمه البلدان المصدرة للنفط في الخليج: العراق، والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، إذ يمر عبر المضيق معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كما تبحر في مياه الخليج العربي قطع بحرية أمريكية مهمتها الأولى تأمين هذا الشريان، وثانيا مراقبة تنفيذ العقوبات الصارمة على إيران التي اقتربت صادراتها النفطية من الصفر بعد إلغاء واشنطن للإعفاءات التي منحتها لبعض المستوردين.
طرق بديلة
وتسعى الإمارات والسعودية - بحسب وكالة سبوتنيك الروسية- لإيجاد طرق أخرى لتفادي المرور بمضيق هرمز، بما في ذلك مد مزيد من خطوط أنابيب النفط، وفي يونيو 2012، أعادت المملكة العربية السعودية فتح خط الأنابيب العراقية السعودية (IPSA).
كما بدأت الإمارات العربية المتحدة باستخدام خط أنابيب نفط حبشان — الفجيرة الجديد من حقول حبشان في أبوظبي إلى محطة نفط الفجيرة على خليج عمان، وتصل سعته إلى 1.5 مليون برميل يوميا.
صعوبة التنفيذ
ويري مراقبون أن تهديدات إيران بشأن إغلاق مضيق هرمز كلام في الهواء خاصة مع صعوبة تنفيذ تلك التهديدات ولكي تنفذ إيران تهديداتها نظريا، يلزمها قوة عسكرية تقوم بشكل خاطف بإغراق سفن في أضيق مسار بالمضيق كي تعيق حركة السفن، أو نشر ألغام بحرية بكثافة تجعل من الصعب على السفن التجارية تجاوزها.
ولفت تقرير نشرته سكاي نيوز إلى أنه عمليا فإن حادثة واحدة فقط يمكن أن تجيب عن ما إذا كانت طهران قادرة على تحمل عواقب أي عمل يشكل خطرا على السفن الحربية أو التجارية في الخليج العربية، خاصة بعد العملية "فرس النبي" التي وقعت في أبريل عام 1988،- وتعتبر درسا قاسيا للنظام الإيراني - عندما كانت فرقاطة الصواريخ الموجهة الأمريكية "يو إس إس صامويل روبرتس" تبحر خلال مهامها في حماية ناقلات النفط ضمن مهمة أطلق عليها "إرنست"، قبل أن تصطدم بلغم بحري أحدث انفجارا كاد أن يغرق الفرقاطة بعد أن أحدث ثقبا بقطر 4.5 متر في هيكلها.
رد أمريكي
وتمكنت البحرية الأمريكية من إنقاذ الفرقاطة وسحبها، لكن عملية بحث وتحقيق أفادت بأن الأرقام المتسلسلة على الألغام التي عثر عليها تشير إلى أنها إيرانية، لتبدأ في غضون 4 أيام فقط عملية انتقامية لا تزال ماثلة للأذهان كدرس أمريكي للنظام الإيراني.
وأطلق الأمريكان على العملية العسكرية "براينج مينتيس" - فرس النبي- نسبة إلى الحشرة الخضراء الشهيرة.
وانطلقت العملية العسكرية في 18 أبريل عبر مجموعة من السفن الحربية الأمريكية السطحية، بالإضافة إلى قوة جوية من حاملة الطائرات "يو إس إس إنترپرايز"، والطراد "يو إس إس تركستون".
ومع نهاية العملية، كانت البحرية الأمريكية وقواتها الجوية قد دمرت منشآت بحرية واستخباراتية إيرانية على منصتي نفط، وأغرقت على الأقل 3 زوارق سريعة إيرانية مسلحة وفرقاطة واحدة وزورق هجومي، كما أصيبت الفرقاطة الإيرانية سابالان في العملية، لتفقد إيران، نصف الأسطول العملياتي في هذه المعركة، كما قتل في الاشتباكات 55 عنصرا في البحرية الإيرانية.