إحسان عبد القدوس يكتب: لماذا اتهموني بالجنون
في مجلة صباح الخير عام 1960 كتب الأديب إحسان عبد القدوس مقالا بعد صدور قرارات تأميم المؤسسات الصحفية قال فيه:
كنت في مدينة جنيف بسويسرا، وبينما أنا في طريقي إلى برن لزيارة مصنع آلات الطباعة لتطوير دار روز اليوسف فيما بعد.. .دق جرس التليفون في حجرتى بفندق "دى رون " والمكالمة من القاهرة لقد صدر قانون تنظيم الصحافة المصرية.
صرخت في التليفون صرخة فرح وقلت مبروك مبروك هذا هو الصح، كانت فرحتى تهز أعصابى نفس الفرحة التي فرحتها لسماع خبر ثورة 23 يوليو 1952.
صدقونى أن هناك إنسانا يفرح عندما تنتقل الملكية الخاصة إلى ملكية عامة، أي عندما تنتقل دار روز اليوسف من دار يملكها إلى دار يملكها الشعب.
انتشر الخبر في جنيف وجاء إلى أصدقائى وهم غاضبون كأنهم جاءوا لتعزيتى، ثم فوجئوا بفرحتى، والذين صدقوا منهم هذه الفرحة اتهمونى بالجنون، والذين لم يصدقوها اتهمونى بالنفاق والخوف من الحكومة.
ودعت أصدقائي الذين اتهمونى بالجنون والذين اتهمونى بالنفاق ثم طيرت فورا عائدا إلى القاهرة للاشتراك في تنظيم دار روز اليوسف بعد أن أصبحت مؤسسة عامة.
كنت أعرف أن هذا القانون سيصدر يوما ما.. لكن ليس في هذا التوقيت، كنت أعرف لأنى أؤمن بالاشتراكية، وأن ثورتنا اشتراكية تعاونية، وأن أي تفكير اشتراكى يصل حتما إلى هذا القانون.
وفى نفس الوقت كتبت أطالب بالملكية العامة للصحف، لا حل إلا هذا، وقلت رأيى هذا في في اجتماع عقد لتنظيم الصحافة دعا إليه المشرف على الاتحاد القومى كمال الدين حسين، وخرجت من الاجتماع وكتبت مقالا بتاريخ أول فبراير قلت فيه بوضوح رأيى، ومنذ عام 1954 وأنا أدعو إلى تنظيم الصحافة ووضعت مشروع لنقل ملكية روز اليوسف ومحرريها وموظفيها إلى ملكية عامة، وكان رأيى هذا يثير دهشة من حولى، وجاءت الدهشة من كونى صاحب دار صحفية فكيف أتنازل عن ملكيتى.
ولنتكلم بصراحة أكبر فإن قيودا مفروضة على الصحف منذ قبل الثورة، والقانون الجديد يجعل ملكية الصحف ملكية عامة، والتنظيم الجديد يضمن حرية الصحافة ويوسع من دائرتها.