صانعات البهجة في رمضان.. أسماء قدمت أغانى عاشت في وجدان المصريين..«أهو جه يا ولاد» و«الراجل ده هيجنني» أبرز الأعمال..ونقاد يكشفون سبب بقاء أغاني الزمن الجميل
تنقضي الأشهر الهجرية تباعا، تتلون الأجواء بألوان الزينة والبهجة التي تولد وتكبر مع بزوغ الفجر الأول لشهر رمضان الكريم، وتخفت سريعا ما إن يتم البدر بدري وتنتهي أيامه الثلاثين، وما بين اليوم الأول والأخير، وبينما يصارع الصائم من أجل البقاء صامدا حتى يحين أذان المغرب، في حين تقف ربة الأسرة أمام أواني الطهي تستعد لتحضير وليمة دسمة قد لا تزور مائدة الأسرة إلا في تلك الأيام المباركة، تظل لرمضان أغانِ وأهازيج خلدها التاريخ، وباتت جزءا من تراث فني وشعبي لا يمكن للسنوات أن تمحوه، أو ينجح الملل وتكرار سماعها في إطفاء بهجتها. بين «أهو جه يا ولاد ووحوي يا وحوي، ورمضان يا رمضاني، الله على أجمل شهر، حتى تم البدر بدري»، هناك صفحة من التاريخ حُفرت في تاريخ الأغنية المصرية.
أهو جه يا ولاد
كان للسيدات القسط الأكبر من صناعة وتخليد ذكرى بهجة الشهر الكريم، من خلال أغنيات عاشت لسنوات في وجدان المصري وعقله، فإن كنت ضمن فئة مواليد السبعينيات والثمانينيات أو التسعينيات أو الألفينيات حتما ستكون قد استمعت إلى أغنية «أهو جه يا ولاد» مرة على الأقل في حياتك، تلك الأغنية التي ألفتها الشاعرة «نبيلة قنديل» زوجة الملحن «على إسماعيل» وتمت إذاعتها أول مرة في الإذاعة المصرية عام 1959، بعد أن تقاضى ملحنها «على إسماعيل» 20 جنيها فقط نظير تلحينها.
الراجل ده هيجنني
أيضا أغنية «الرجل ده هيجنني» التي جمعت بين الراحلين فؤاد المهندس والمطربة صباح، حينما التقت صباح بالصدفة بينما كانت في زيارة لمنزل المطرب فريد الأطرش بالشاعر حسين السيد، فأخبرها بأن لديه أغنية لرمضان لم يجد أحدا سيقدمها كما تصور إلا هي، وبالفعل حققت الأغنية نجاحا كبيرا ما زال صداه مدويا حتى هذه اللحظة.
على الصعيد ذاته وبنفس النجاح الذي حققته أغنية «الرجل ده هيجنني» جاءت أغنية «الصيام مش كده» للثنائي شويكار وفؤاد المهندس، ومع بداية انقضاء الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان، تأتي أغنية «تم البدر بدري» تنذرنا برحيل الشهر الكريم، تترك في النفوس أثرا لا يمحى لمدة عام كامل، تلك الأغنية التي رفضت المطربة شريفة فاضل أن تتقاضى أجرا نظير تقديمها، فحين كتبها الشاعر عبد الفتاح مصطفى ولحنها عبد العظيم محمد، وعُرضت على شريفة لغنائها، قالت إنها لا تريد أجرا على هذه الأغنية يكفيها أن تستمع إليها في الإذاعة كل عام، وهذا أمر يسعدها.
رمضان الرمضاني
سنوات عدة تمر وتنجح المطربة عفاف راضي في سكب المزيد من الإبداع في معين التراث الفني الرمضاني، من خلال أغنية «رمضان رمضاني» التي ألفها كمال عمار ولحنها سيد مكاوي، ويقول مطلعها : «رمضان يا رمضاني.. يا فرحة طارحة في أحضاني.. ياللي فانوسك نوّر أحمر أخضر برتقالي».
الناقدة الفنية ماجدة خير الله، من جانبها أكدت أن سبب بقاء هذه الأغنيات بيننا حتى هذه اللحظة هو الاهتمام الكبير بالكلمة واللحن، فصانعو وصانعات تلك الأغنيات لم يسعوا لمجرد عمل أغنية لرمضان تستمر لوقتهم فقط، ولكن كي تعيش إلى الأبد، قائلة: «من المعروف أن الزمن يضفي على الأشياء الجميلة والقيمة من حولنا المزيد من الجمال والقيمة مع مرور الوقت، مثل القطع الفنية مع الوقت تتزايد قيمتها»، مشيرة إلى أن هؤلاء السيدات اللاتي خلدن ذكرى رمضان بأغنياتهن، لم يعرفهن الكثير من أبناء الجيل الحالي، ضاربة المثل بالمطربة شريفة فاضل، التي لا يعلم الشباب عنها شيئا، لا هيئتها ولا أعمالها الفنية لكنهم على علم تام بأغنية «والله لسه بدري يا شهر الصيام»، وحينما يستمعون إليها يتساءلون من هذه السيدة فيعرفون أن هناك سيدة تسمى شريفة فاضل.
على الجانب الآخر يرى الناقد الأدبي والفني محمود قاسم، أن هذه الأغنيات حينما تم إنتاجها بداية من خمسينيات القرن الماضي، لم تكن أغنيات سينمائية أو ضمن أحداث فيلم سينمائي، ما جعلها لا تجد منافسا لها على الساحة، فعاشت على مدار السنوات لتصبح وصانعاتها تراثا شعبيا مصريا 100%، فيقول في هذا الشأن : «استطاعت هؤلاء السيدات بأغنياتهن أن يحولن تلك الأعمال إلى تراث شعبي، والدليل على ذلك أن هناك العديد من الأغنيات التي اختصت بشهر رمضان داخل الأفلام السينمائية مثل أغنية "وحوي يا وحوي" للطفلة السورية "نزهة يونس" في فيلم قلبي على ولدي، غنت الأغنية في استعراض داخل الفيلم لكنها لم تأخذ الشهرة ذاتها التي أخذتها "أهو جه يا ولاد" أو "تم البدري بدري" وغيرهما".
"نقلا عن العدد الورقي..."