"داعش" بدأ الاستنزاف بخلايا التماسيح
أعلن البيت الأبيض أمس أن الولايات المتحدة تعتزم إدراج جماعة الإخوان "منظمة إرهابية"، ضمن اجراءات حاسمة لمواجهة الإرهاب، وان التصنيف "ماض في طريقه عبر الإجراءات الداخلية بعد تشاور ترامب مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق من الإرهاب".
لا يمكن فصل هكذا إعلان مهم عن زيارة الرئيس السيسي لواشنطن قبل ثلاثة أسابيع، ومؤكد أنه تشاور بشأنه مع نظيره الأمريكي وتبيان أن "الإخوان" هي الأصل الذي ولد من رحمه جميع التنظيمات الإرهابية والتطرف الذي يضرب العالم.
وسيؤدي تصنيف أمريكا "الإخوان" منظمة إرهابية، إلى خنق التنظيم ماديا وسياسيا وإعلاميا ومعنويا، ويسهم في دعم جهود مكافحة الإرهاب بالمنطقة والعالم.
الإعلان الأمريكي جاء كرسالة "تحذير" لدول تدعم الإرهاب وتموله بأن العقوبات تنتظرها، و"تحفيز" لدول أخرى كي تحذو حذوها بإعلان "الإخوان" منظمة إرهابية.. كما تزامن مع إطلالة نادرة لزعيم "داعش" الإرهابي أبوبكر البغدادي، وتسريب استراتيجيته الجديدة كنوع من الدعم والطمأنة لأنصاره في العالم وتهديد دول عدة بعمليات كبيرة كما حدث في سريلانكا يوم "عيد الفصح" الأسبوع الماضي.
استلهم البغدادي في جلسته واطلالته المتلفزة نهج زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن قبل مقتله، إذ افترش الأرض في "جلسة عربية" وبجواره بندقية خفيفة تشبه تلك التي كان يستخدمها بن لادن، ورغم اعترافه بالهزيمة فقد سعى لإعادة تشكيل التنظيم الإرهابي وتغيير استراتيجيته، كما حرض مقاتليه على "الثأر".
توعد البغدادي "بالانتقام لمن قُتلوا أو اعتقلوا.. نفّذنا 92 عملية في 8 بلدان؛ انتقاما لما حصل لمقاتلينا في سورية.. معركة داعش اليوم هي معركة استنزاف ومطاولة للعدو... الجماعة ستثأر لقتلاها وأسراها.. إخواننا في سريلانكا أثلجوا صدور الموحّدين بعملياتهم الانغماسية في عيد الفصح، وهو جزء من الثأر".
حرض البغدادي في كلمته على استهداف بعض الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، وبعض دول أفريقيا وأوروبا لا سيما فرنسا، في ظل انحياز الرئيس الفرنسي ماكرون للعلمانية وتأكيده "محاربة الإسلام السياسي بلا هوادة".
أما إستراتيجية "داعش" الجديدة فتناولتها تقارير بريطانية، تؤكد زرعه خلايا نائمة وفرق اغتيالات وخطف وحرق وتفجير مركبات، في دول كثيرة لاستهداف أعدائه أطلق عليها "خلايا التماسيح"، بعد تدريبها وتأهيلها وامدادها بالسلاح والمال بانتظام.
تفيد التقارير البريطانية أن الوثائق التي حصلت عليها محفوظة على "هارد ديسك" يضم تفاصيل كاملة، فقده أحد قادة التنظيم في سورية، وان اقتراح إنشاء "خلايا التماسيح" جاء تفصيليا من إرهابي عراقي وتقرر اعتماده، وهو يريد "تدريب وتأهيل قتلة بعيدا عن الأنظار يعملون تحت الأرض، بحيث ينصب عملهم على قتل أعداء الإسلام وسلب أموالهم وإرسالها البغدادي".
كما يحرص التنظيم على استقطاب من يجيد اللغات الأجنبية، ومتمكن من التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المشفرة لتنفيذ أعمال تخريبية، واستهداف حسابات إلكترونية بعينها وقرصنتها، وتحريض المؤيدين للفكر المتطرف بالغرب على شن هجمات أكثر عنفا ودموية بعد طرد التنظيم من العراق وسورية، ونجاحه في تنفيذ تفجيرات "الأحد الدامي" في سريلانكا، ستغريه بمزيد من الدموية وعمليات أكثر عنفا وخطرا في أماكن أخرى من العالم واستهداف مواقع يحددها قادة التنظيم.
تفيد التقارير أن "داعش" كان هيأ نفسه للهزيمة العسكرية واستثمر بعض من أمواله في مشاريع كبيرة، ساهمت في توفير رواتب شهرية لمقاتليه في الخارج ومكنتهم من تجنيد أكبر عدد ممكن من الانتحاريين وتدريبهم على إستراتيجية التنظيم الإرهابي الجديدة.
وان بعض العمليات المتفرقة في أوروبا تحديدا كانت نواة وتجربة على الأرض لما ينوي "داعش" تطبيقه، حتى كان النجاح الكبير للتفجيرات المتزامنة في سريلانكا يوم "عيد الفصح" وراح ضحيتها المئات، ليعلن بعدها البغدادي عن استهداف دول أوروبا أولًا بهذه الخلايا، وتطبيقها بعد ذلك في الكثير من المناطق حول العالم، بما فيها الدول العربية وروسيا عن طريق التنظيم المسمى "ولاية القوقاز".
جنون "داعش" يلزمه إستراتيجية أمنية مختلفة للمواجهة، جنبا إلى جنب خنق جماعة الإخوان الإرهابية وحصار أتباعها في بقية العالم.