لماذا نتعجل نزول الجيش؟
هناك دعوات صريحة الآن بل قد باتت لدى الكثيرين مطلبا أساسيا وهي أن ينزل الجيش إلى الشارع لكي يحسم ما يحدث ولكي يلملم ما تبقى من هذا الوطن الذي صار ممزقا شر ممزق بفعل ما يحدث ..
قد يكون ذلك الدافع لدى الكثيرين له مبرراته وقد يكون الخوف على مستقبلهم وعدم الثقة بالنظام الحاكم أحد المبررات كما قد تكون الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي آل إليها مصير مصر والذي يبث حالة من الرعب في قلوب الكثيرين المصريين وهو ما يدفعهم إلى التحصن بالجيش والاحتماء به ..
ولكن هناك أصواتا أخرى أو عندما يتم إعمال العقل والتأني والتفكر فيما لابد وأن تكون هناك حسابات وتقديرات أخرى لابد وأن نأخذها في الحسبان ولابد وأن نضع أمامنا العديد من النماذج لاسيما نموذج سوريا ولا يتعجل البعض في المقاطعة ويقول إن وضع مصر ليس كسوريا وإن هناك اختلافا كبيرا..
وقد يكون هناك بالفعل اختلاف ولكن هناك أيضا أرضية ليست بالفعلية مشتركة بيننا .. لذلك فإن توقع تكرار ذلك السيناريو مع حدوث اختلاف طلبنا وهو تبادل المواقع فالجيش قد يكون مع الشعب ذلك كما يؤدى هؤلاء الذين يتحصنون به وذلك صحيح فالجيش المصري وطني ولا يتبع النظام فعندما تتعارض مصلحة النظام مع الشعب فهو إلى جانب الشعب..
وتلك هى عقيدة الجيش المصرى وهو ما حدث بالفعل فى ثورة 25 يناير عندما وقف الجيش إلى جانب الشعب وقد حمى الثورة ولعل هذه هى السابقة التى تطمئن الشعب وهو ما يعد بمثابة العقل الأخير عندما تسقط جميع الأعمدة لكن هل الوضع الآن يمكن أن يظل على ما هو عليه الوضع في ظل هذه التغيرات الجديدة؟
من المؤكد أن الجيش يملك القوة والقدرة على حسم الأمور ولكن التكلفة المتوقعة والخسائر التي يمكن أن تحدث من جراء نزول الجيش وهي احتمالات الصدام المتوقعة ما بين الأطراف أيا كانوا فمن المؤكد أنه سوف يكون هناك "رد فعل" وذلك الرد فعل لابد وأن ينطوى على قدر كبير من العنف قد يصل إلى "حد الصدام" الذى يمكن أن يدخل بنا في حلقة من حلقات العنف المجنون وقد يصل بنا الأمر إلى ما وصل إليه فى سوريا وعلينا ألا نركن كثيرا على الوعد والمساعدات الخارجية فهذه كلها لا تسمن عن جوع ولا يمكن الوثوق بها..
لذلك فالجيش من المؤكد أنه يقدر للقدم قبل الخطو موضعها لذلك فهو يتأنى ويحاول أن يوازن الأمور وأن يخرج من ذلك "المأزق" الذي يمكن أن يدخل بالبلاد والعباد في نفق مظلم لكن إذا ما استمرت الأحوال على ما هي عليه فهو لابد وأن ينزل وذلك سوف يكون بفعل الظروف وسوف يكون إجباريا وحتميا بغض النظر عن التداعيات التي يمكن أن تحدث.