"سافر فارس العشق".. بعد رحيله بـ11 عاما فاروق جويدة يرثي صديقه
في قصيدته «سافر فارس العشق» يرثى الشاعر فاروق جويدة صديقه الشاعر نزار قبانى فكتب يقول:
نهر من الحب.. بركان من الغضب.. كيف التقى الماء في شطيك باللهب
منذ امتطيت جواد الشعر منطلقا نحو السحاب.. رأينا الشعر كالشهب
كيف التقى البحر والبركان في قلم.. وكيف صارت خيوط العشب من ذهب
خمسون عاما وانت النجم في زمن.. بين السفوح أضاع الجد باللعب
خمسون عاما نثرت الحب في وطن.. ألقى المحبين أشلاء بلا سبب
منذ ارتحلت تركت الأرض خاوية.. فقد تخفى الردى في كرمة العنب
وفى مجلة الهلال عام 2009 كتب فاروق جويدة يقول:
أفتقد نزار الذي أقتربت منه كثيرا واحببته شاعرا وإنسانا فكان غيابه خسارة لى على المستوى الإنسانى والشخصى.. نزار الإنسان صاحب المواقف وصاحب التاريخ الطويل لن يغيب عنا أبدا، فهو ما زال يطل من بعيد شاعرا فذا وصديقا كبيرا وإنسانا ملأ حياتنا حبا وولاءً وقيمة.
مات نزار قبانى.. النسر المحلق في سماء الشعر العربى طوال نصف قرن من الزمان، انطفأ القنديل الذي عشنا معه أجمل أيام عمرنا شعرا وطربا وجمالا.
سقط الفارس المكابر عن جواده بعد معارك كثيرة صال وجال فيها..ثم عاد منها مكسورا في زمن أجهض أحلامه وبعثر أمانيه أمام واقع عربى قبيح.
جدير بالذكر أن اليوم تمر الذكرى الـ21 على رحيل شاعر الحب والرومانسية نزار قبانى، والذي توفى في 30 أبريل 1998.
وتوفيَّ نزار قباني في عاصمة الضباب التي أنس إليها في سنواته الأخيرة واختارها وطنا بعد أن خذلته كل الأوطان، ومع أشباح الغربة قضى أيامه الأخيرة حتى داهمه المرض وقضى في غرفة الإنعاش أكثر من شهر كامل، لكن كان القدر ينتظره في لندن ليخسر الشعر العربي واحدا من أكبر فرسانه، ولنخسر نحن محبيه صداقة عمر طويل.
ولا أدري ماذا أقول عن نزار.. ذلك الطفل المشاكس الذي رفض دائمًا أن يرى الأشياء في أماكنها وظلت هوايته أن يبعثر أوراق اللعبة وأن يعيد ترتيب الأشياء وأن يعلن العصيان على كل مظاهر البلادة والتسلط.
وكان عاشقا من عشاق الحرية وكان يراها أجمل ما منح الخالق للبشر، وتحول الشعر عند نزار إلى سيف من سيوف الحرية.
وكان حزينًا وهو يرى أمته تخسر كل يوم قلاعًا جديدة وتنطفئ بين ربوعها كل شمعة أمل وليد، لقد هزمت أحزان الوطن قلبه وحاول وسط الأحزان أن يغنى وأن يغرس للناس أحلاما جديدة.. لكن كان قدره أن يعيش غريبًا.
وسوف تخسر الحياة أشياءً كثيرة بدون نزار قبانى وسوف يخسر الشعر واحد من أكبر فرسانه وسوف تخسر المرأة العربية عاشقها الأول الذي دفع عمره ثمنا لمنحها الحق في أن تحب.
وسوف نتذكر نزار الحاضر الغائب والمسافر المقيم والشاعر الذي أخذ نصف عمرنا حبا وجعل من نصفه الثانى عتابا لزمان لم يقدر قيمة الأحلام حين يحملها قلب شاعر كبير، سوف يبقى نزار خيمة لكل عاشق يطارده صقيع الغربة ووحشة الأيام، فأمثال نزار قبانى لا يموتون.