شكرًا.. راديو مصر
في زمن السَّطحية والتفاهة والسُّخف والاستخفاف، يجبُ أنْ نرفعَ القُّبعة للعاملين في "راديو مصر"، الذين احتفلوا الأسبوعَ الماضى بمرور 10 سنوات على انطلاق محطتهم الواعدة والمؤثرة، وأن نقول لهم: كلَّ عامٍ وأنتم بخير، شكرًا على تفانيكم وعطائكم المُستمر على مدار الساعة، ومن تقدُّم إلى تقدُّم، ومن نجاح إلى نجاح..
من بين المحطات الإذاعية حديثة النشأة، يقف "راديو مصر" شامخًا ومُتصدرًا، بما يملكه من مواهبَ وكوادرَ متميزة، تملكُ من الحضور والتميز، ما لا يملكه أقرانُهم في الإذاعات حديثة النشأة.
"راديو مصر.. في قلب الحدث".. هذا هو شعارُ الإذاعة الأكثرُ تنوعًا وتوهجًا، وأثبتتْ السنواتُ العشرُ الماضية، أنه ليسَ مجرد شعارٍ زائفٍ أو خادع، ولكنه "اسمٌ على مُسمى"، يؤكدُه مواكبتُها المستمرة للأحداث والحوادث والفعاليات المهمة، لا سيَّما السياسية منها.
على رأس كلِّ ساعة، يُقدمُ "راديو مصر" نشرة أخبار مُفصلة، كما يُقدم كلَّ نصف الساعة موجزًا لأهم الأنباء، بإيقاع سريع لا يعرفُ الملل، ما يجعلك دائمًا في قلب الحدث، أو على مقربة منه!
يمتلكُ "راديو مصر" نُخبة مُتميزة من قراء النشرة، يجمعون بين الإتقان والرصانة وجودة الأداء، مثل: سهام نصار وهدى عبد العزيز ووفاء شهبور وحازم البهواشى وجلال حبيش وسامح رجب ورامى سعد وطاهر أبو زيد ونسرين عكاشة وأحمد الموجى ومروة الشريف وراندة الهادى ومنة المصرى..
بعيدًا عن نسبةِ أبناء العاملين والهابطين بالبراشوت، فإنَّ الأمانة تقتضى الاعترافَ بأنَّ معظم قراء وقارئات النشرة في "راديو مصر" على مستوى عالٍ من الاحترافية والتميز، وبعضُهم أفضلُ كثيرًا من زملائهم وأقرانهم في المحطات الإذاعية الأخرى وفى التليفزيون، ممنْ يُلحنون نُطقًا ونحوًا وصرفًا، ولا يُمكنهم ضبط ألسنتهم أو التحكم فيها!
هذا بالنسبة للجزء الإخبارى.. أمَّا فيما يتعلقُ بالجانب البرامجى ففيه كلامٌ كثيرٌ؛ سواء على مستوى الشكل، أو مستوى المضمون، وفى حاجة إلى إعادة نظر وتقييم، دون أن يثيرَ هذا الكلامُ غضبَ القائمين على مقاليد أمور "راديو مصر"، كما تروقُ لهم عباراتُ الإشادة والإجادة والاستحسان.
معظمُ برامج "راديو مصر"، يخلو من روح الابتكار والمبادرة، ويفتقدُ إلى الإيقاع السريع؛ حتى أنَّ زمنَ بعض البرامج يصل إلى ساعتين كاملتين، سواء في فترة الصباح، أو في فترة المساء، ما يخلقُ حالة من الملل والرتابة عند المستمع، الذي لن يجدَ ما يجعله مضطرًا إلى عدم تحريك مؤشر الراديو يمينًا أو يسارًا..
ينطبقُ ذلك على "من قلب القاهرة"، إلى "طلعت شمس النهاردة"، و"اصحى للدنيا"، مرورًا بـ "كلام وسط البلد"، وصولًا إلى برامج فترة الظهيرة، مثل: "كلام معقول" وغيره، خاصة أنَّ بعض البرامج يكتفى بمناقشة موضوع أو قضية وحيدة خلال الساعتين، ولا أدرى إنْ كانَ هذا إفلاسًا أو استسهالًا! أضفْ إلى ذلك ضرورة الاهتمام بالدقة في اختيار الضيوف، كلٌّ في تخصصه، وعدم الركون إلى التكرار أو الاستعجال.. وأحيانًا "الاسترخاص"!
تفتقدُ برامج "راديو مصر" أيضًا إلى الجُرعة الثقافية والفنية والدينية الجادة والجيدة، بدرجاتٍ متفاوتةٍ، ولا ضيرَ من الاهتمام بإدراج مثل هذه النوعية من البرامج في الفترة المقبلة، مع بذل الجهد في تنفيذها، ما يُضفى على المحطة زخمًا وثراءً وتنوعًا، ليستْ في غِنىً عنه.
مع انطلاقة عام جديد.. نتمنى أنْ يشهدَ "راديو مصر" طفرة حقيقية في خدماته الإخبارية، وأنْ تكونَ أكثر نُضجًا وعُمقًا وفى قلب الحدث، وتطويرًا وتجديدًا شاملًا لبرامجه، على جميع المستويات، وأن يتمَّ إعادة النظر في الفواصل والبروموهات، ونوعية الأغانى، ومدى ملاءمتها.. وكلَّ عامٍ وأنتم "راديو مصر"..