فضيحة الإخوان في الكونجرس.. الجماعة تلجأ لسيناريو المنظمات المشبوهة.. ترامب كشف أوراق التنظيم ووضعه في محرقة المهملات.. وانتهاء زمن حج أحفاد "البنا" إلى البيت الأبيض

لسنوات طويلة، ظلت الولايات المتحدة الأمريكية الملاذ المفضل لقيادات "جماعة الإخوان"، المصنفة إرهابية. الجميع يحج إليها كل عام. يحصل على الدعم و«صك الغفران»، ثم يعود لاستكمال المخططات الإرهابية، إلا أن السنوات الأخيرة، لم تكن «سنوات سمان» على الجماعة، بل تحولت إلى «أعوام جوع» وطرد ورفض أمريكي لكل ما هو إخواني.

«حقوق الإنسان»، واحد من الأقنعة التي كانت تتقن الجماعة وضعها على وجهها القبيح في رحلة الحج إلى أمريكا، بل يمكن القول أيضا إنها «السبوبة» التي كانت توفر لـ«الإخوان» الدعم الأمريكي (ماديا ومعنويا)، غير أن ما حدث مؤخرا يؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"، كشفت كل أوراق «اللعبة الإخوانية»، ليس هذا فحسب، لكنها وضعتها في «محرقة المهملات».

ملف حقوق الإنسان
ومما هو متعارف عليه فإن ملف «حقوق الإنسان»، كان بمنزلة بوابة مرور «الإخوان» التي تجعلهم على اتصال مباشر مع القوى الدولية المختلفة، بما في ذلك البرلمان والرئاسات، وغرف البحث والجامعات في واشنطن، إلا أنه لم يعد سهلا عليهم الاشتراك في موسم العرض السنوي، للذهاب إلى العاصمة الأمريكية، وخاصة في مارس وأبريل من كل عام، لمناقشة قضايا وأزمات التيار الديني.

العشر الأواخر من شهر مارس.. ظلت لسنوات الموعد الرسمي لـ«حج الإخوان» إلى أمريكا، تحت شعار «يوم الدفاع عن مصر»، يذهبون إلى الـ"كونجرس"، بدعم من "توم مالينوفسكي"، عضو "الكونجرس" عن الحزب الديمقراطي، بالتعاون مع مجموعة من النشطاء المصريِّ الأصل، الأمريكيِّ الجنسية، وبدعم عدة جماعات ضغط أمريكية وأوروبية، ويجتمعون معا على هدف واحد، وهو محاولات تأليب بيت السلطة التشريعية، على القيادة السياسية المصرية، ودفع الإدارة الأمريكية، لممارسة أقصى نوع من الضغط على القاهرة، لدعم الديمقراطية، التي ترى الجماعة أنها لايمكن أن تكتمل إلا بسطوتهم عليها.

تشارك في تنظيم هذا اليوم المشبوه، منظمة "هيومن رايتس ووتش"، و"مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وبعض المنظمات الأخرى التي تساند منذ سنوات أعضاء بارزين في جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في مصر، وفي أكبر دول المنطقة، ويغفلون أن التيار الديني أُزيح من صدارة المشهد المصري، بعد احتجاجات شعبية هائلة ضد استخدامهم السيِّء للسلطة، وللإعلام وكل الأجهزة التي تشكل العمود الفقري للدولة المصرية، ومارسوا إرهابا كاد ينهي على تماسك الدولة المصرية ووحدتها، لولا تدخل القوات المسلحة لصالح المحتجين والثوار في 30 يونيو من عام 2013.

مبادرة «الحرية»
يجمع هذه القوى جميعا، مبادرة «الحرية» التي أسسها "محمد سلطان"، القيادي الشاب بالجماعة، ابن القيادي الإخواني المحبوس حاليا "صلاح سلطان"، و«سلطان» الابن كان مسجونا في مصر لمدة عامين تقريبًا بتهم تتعلق بالإرهاب، ولم يخرج إلا بعد أن تخلى عن جنسيته المصرية في 2015، ورغم خروجه من السجن بقرار من السلطات المصرية، إلا أنه يشن حملة دولية مدفوعة الأجر بأموال (قطرية، تركية) باعتباره ضحية للاضطهاد السياسي في مصر.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الظهور اللافت لـ«سلطان» في المشهد الأمريكي طوال الفترات الماضية، جعل بعض الأجهزة تبحث في تاريخه السياسي، ليتضح لها أنه صاحب تاريخ طويل من المشاركة في أنشطة إسلامية متشددة بكل من الولايات المتحدة ومصر، وكان يدعم قتل اليهود على الهوية، ويشجع حركة حماس، المصنفة إرهابية في أمريكا والاتحاد الأوروبي، على اتخاذ هذا المنهج.

الدول الداعمة للإسلام السياسي
ويعمل «سلطان» مع العديد من دوائر معارفه، مصحوبا بتأييد الدول الداعمة والمؤيدة للإسلام السياسي، على تنظيم "يوم منتدى حقوق الإنسان المصري"، الذي حرصت "الإخوان" على تنظيمه سنويا، ولكن هذا العام، أقيم بدعم من منظمة تدعى «المصريون الأمريكيون من أجل الحرية والعدالة»، والمثير أنه بالبحث عن أوراق وأصل هذه المنظمة، لم يعثر على اسم المنظمة أو شعارها، مسجلا بالبيانات الرسمية لدى السلطات، ككيان تابع للإخوان.

«المصريون الأمريكيون من أجل الحرية والعدالة».. المنظمة التي سيطرت على المشهد الداعم للإخوان مؤخرا، ويتزعمها "هاني القاضي"، و"آيات عرابي"، أصبحت معروفة لدى السلطات الأمريكية بـ«المنظمة الطائفية المزعجة»، التي تدعوا إلى المقاطعة الاقتصادية للشركات المسيحية، وتطالب بأن يكون الهلال الإسلامي أعلى من الصليب في البلدان العربية، ورغم تسجيل الكثير من الملاحظات عليها، إلا أنها حتى الآن ما تزال تتلقى الدعم من بعض أصدقائها في الكونجرس، الذين لديهم إصرار غريب على اعتبار كل مؤيد للإخوان أو التيار الديني سجينا سياسيا، وهذه الـ«بروباجندا» الكاذبة جعلت آيات عرابي، تتمكن من عقد اجتماع مؤخرا مع مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة «إليزابيث وارين»، لحثها على وضع القضية الإخوانية على أجندتها حال ترشحها وفوزها بانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.

أما هاني القاضي، فهو قيادي إخواني، مقيم في ولاية نيوجيرسي الأمريكي، ويتصدر الساحة السياسية والحقوقية الآن في الإعلام الغربي، باعتباره قائد الإخوان في أمريكا، وله علاقات متشعبة مع المنظمات الجهادية العنيفة في مصر والعالم، وأغلب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، تعادي اليهود والغرب المسيحي، وتؤيد المشروع الإسلامي بشكل متطرف.

كما أن «القاضي» من أنصار "محمد كمال"، زعيم جبهة المكتب الإداري الإخواني، التي تكفر المؤسسات المصرية، وترأس الحركات الإرهابية، مثل "حسم" و"لواء الثورة"، وبجوارها، "أحمد شحاتة"، وهو عضو قيادي، وله دور محوري مع مؤسسة «آيات» و«القاضي»، فضلًا عن مشاركته في جمعية الإغاثة الإسلامية الدولية الخيرية، وجمعية المجتمع الإسلامي الأمريكي.

دوائر مختلفة في الأجهزة الأمريكية ترصد، أن هذه المؤسسات كشفت حقيقتها بشكل واضح، بعد الزيارة الناجحة للرئيس "عبد الفتاح السيسي"، في 9 أبريل الماضي، إذ أصابت عناصر الإخوان حالة من الهياج، دفعتهم لتنظيم مظاهرة خارج البيت الأبيض، ضمت كل أنصار التيارات الدينية، وحملوا فيها شعارات جماعة الإخوان، ورفعوا صورا كثيرة لـ«محمد مرسي».

جماعات الضغط الموالية للإخوان
ومع استمرار عمل جماعات الضغط الموالية للإخوان في أمريكا، منحت صحيفة واشنطن بوست "محمد سلطان" مساحة للحديث بحرية عن رأيه في النظام المصري، وكال الاتهام لترامب، باعتباره الداعم للقاهرة في العالم، حسب رواية الإسلاميين.

موقف الإسلاميين المتطرف، واستخدامهم من جانب «واشنطن بوست» الصحيفة التي تكيد لترامب، جعل الموالين للرئيس الأمريكي، يفضحون الصحيفة والتحركات الإخوانية التي تسيس الوضع المصري، وتضعه مطية لأهدافها وأزماتها، وكشفوا أن الجريدة، قدمت «سلطان» دون أن تتحدث صراحة عن الانتماءات المتطرفة، والأرشيف المظلم المعادي لتاريخه، وإدعاء أنه أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، مع أنه لا يطرح إلا القضايا الإخوانية، أو التي تخدم عليها فقط، تحت شعار وهمي اسمه «مؤسس مبادرة الحرية».

في المقابل تضغط الجماعات المعارضة لنشاط الإسلام السياسي في الغرب عموما وأمريكا بشكل خاص، لمنع دعم الديمقراطيين للإخوان، والتذكير مع كل فعالية، بتاريخ العنف والقمع الذي اجتاح مصر تحت حكم مرسي، وترصد تاريخ كل شخص يأتي إلى الولايات المتحدة، ليهاجم «ترامب» باعتباره داعم للرئيس "عبد الفتاح السيسي"، من أجل إعادة الحياة لحركة راديكالية عنيفة، كانت خلف إنشاء كل حركات العنف الإسلامية في العالم، وهي نفسها التي أعلنت الولايات المتحدة في 2017 «دولة معادية» في بيان رسمي على موقعها، وتنتج سياسات عدائية تكفي جدا للابتعاد عن دعمها.

وفي هذا الإطار يستشهد الموالين لـ«ترامب» بالتحركات الأخيرة، التي تهدف لتكبيل الإخوان، وخاصة في ألمانيا وفرنسا، والأخيرة أعلن رئيسها «ماكرون»، أن الإخوان لن يجدوا نفس السهولة التي تمتعوا بها في الماضي، متعهدًا بـ«قطع شرايين الدعم عن الإسلام السياسي في بلاده».

كما يذكر الرافضون للإخوان في المجتمع الأمريكي، أن الجماعة ومن خلفها التيارات الدينية، التي تقيم مجتمعات موازية في الغرب، تهدد القيم الغربية وتشكل خطرا كبيرا على الديمقراطية، لا سيما أنها ألحقت الدمار بكل البلاد التي حلت على رأس السلطة فيها، فعلت ذلك في مصر على مدار السبع سنوات الماضية، ودعمت المتطرفين، ولم تتبنى بيانا واحدا يهاجم الإرهابيين المتهمين بتفجير الكنائس المصرية، ما فتح الباب على مصراعيه لتأجيج العنف والكراهية في العالم العربي.

غلق الكونجرس في وجه الإخوان
بدوره.. يرى "هاني غرابة"، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، الكاتب بنسخة الأهرام الإنجليزية، والذي كشف أغلب المعلومات السابق ذكرها، ضرورة غلق قاعات الكونجرس الأمريكي في وجه الإخوان، كما أغلقت قاعات الرئاسة والدبلوماسية في وجه الجماعة، منذ تولي الرئيس «ترامب».

«غرابة» يعتبر أن من يتبنى خيارات العنف، لا يجب استقباله كمدافع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة، ولا يجب أن يقدم له الدعم والشرعية من النشطاء وصانعي السياسة، وكفى ما ناب العالم من شرهم وأذاهم، حتى لو كان على حساب الديمقراطية لبعض الوقت في البلدان العربية، التي تتعافى حاليا من مرض الإخوان، وخاصة مصر.

"نقلا عن العدد الورقي...."