رئيس التحرير
عصام كامل

عمل مخابراتي!


القيادة المؤقتة حاليا في السودان تبدي موقفا جيدا من مصر، وموقفا جيدا من أعداء مصر وأولهم تركيا.. ومصر تتحمل عبء دعوة قادة أفريقيا لإتمام قمة تشاورية بالقاهرة تمد الوقت للقيادة المؤقتة، وتمنحها فرصة منطقية ومعقولة لترتيب شئون البلاد.. ماذا يعني ذلك؟


يعني أن العلاقات المصرية- السودانية تسير في الطريق الجيد.. وهذا الاستنتاج يبدو تقليديا لا يحتاج إلى جهد كبير، لكن بمفهوم المخالفة يعني ابتعاد السودان أكثر عن محور "تركيا ـ قطر"، وهنا نتوقف لنسأل: هل يمكن أن يقف هذا المحور مكتوف الأيدي؟ بالطبع لا.. إذن كيف يمكنهم إفساد العلاقات المصرية- السودانية الآن ومن خلفها طبعا العلاقات السودانية- السعودية- الإماراتية؟

إجراءات كثيرة لكن تبدو القيادة المؤقتة في السودان تمتلك قدرا كبيرا من الحكمة، أما القيادة في مصر فتمتلك الحكمة والخبرة معا، ويستطيعان معا إفساد أي محاولات، تتبقي طريقة أخرى ومجربة ونجحت في السابق، وهي أن يضغط الرأي العام في السودان على القيادة، وتتحول إلى جزء من المطالب السياسية، مع اتهامات لمصر بالتدخل في الشأن السوداني الداخلي، ثم اتهامات أكبر وأخطر وكلها بالطبع كاذبة لذا تحتاج إلى ترويج كبير وتحتاج إلى التفاف شعبي سوداني..

هنا تأتي حروب الجيل الرابع لتحل المعضلة أمام المحور (التركي ـ القطري ـ الإخواني) ومعهم الوحدة 8200 الإسرائيلية المتخصصة في هذه الحروب.. والأمر بسيط جدا.. أن يهاجم إخوان السودان مصر.. هذا الأمر طبيعي واعتدناه من كل الإخوان في جميع أنحاء العال،م ولا يمكن-هنا- أن نحمل كل شعب السودان الشقيق ذنب الإخوان هناك، والا كان الشعب المصري يتحمل ذنب تصرفات إخوان مصر وهذا كلام غير منطقي..

لكن يشتعل الأمر عندما تنتشر حسابات وهمية سودانية تنشرها بكثافة اللجان الإلكترونية للأطراف الأربعة المذكورة تهاجم مصر ورئيسها وتاريخها، عندئذ ستأخذ الحمية المصريين للرد.. اعتقادا أن هذه الصفحات لسودانيين طبيعيين فيكيلون للأشقاء ولشعب السودان كله.. لنجد سودانيين حقيقيين ينتفضون للزود عن بلدهم وقد ساءهم تصرف المصريين!

سيزداد الغضب الشعبي السوداني على المصريين ممن هاجموهم وسبوهم وعايروهم بما هم فيه.. وسيجد الإخوان هناك التفافا شعبيا لا يستحقونه، وسيتحول كل ذلك إلى موقف لكل القوى حتى المختلفة والمعادية للإخوان، وسيجد المجلس الحاكم المؤقت في السودان الشقيق نفسه في موقف حرج، وقد تكون الضغوط كبيرة تؤدي إلى مواقف سلبية، وخصوصا أن الأطراف الأخري جاهزة بالدعم والمساعدات!

وهكذا بعمل مخابراتي بسيط تتسبب وأنت تعتقد أنك تخدم بلدك في أن تفعل العكس.. وهذه الخطة نجحت في إيطاليا، وتسببت الضغوط الشعبية هناك بفعل الإعلام إلى سحب السفير الإيطالي لمن يتذكر!

ولذلك وفي أسوأ التقديرات وبعد التأكد من أن الشخص الذي تحاوره طبيعيا وحقيقيا أن ترد عليه وحده والأفضل أن ترد عليه وتتهمه بالخروج عن تقاليد شعب السودان الطيب.. وهكذا مع أي فتنة مماثلة مع أي شعب شقيق آخر!

أصحاب الطاقات الكبيرة على الشجار والطاقات القليلة على التفكير يمتنعون..

اللهم بلغت اللهم فاشهد!
الجريدة الرسمية