رئيس التحرير
عصام كامل

تفجيرات سريلانكا.. أصل الحكاية وجذورها!


ما الذي يدفع مجموعة من الشباب في مقتبل العمر إلى الذهاب من بلد إلى بلد آخر بعيد لتفجير أنفسهم وقتل أكبر عدد من الناس؟ الإجابة بسيطة جدا، وهي أنهم يعتقدون أنهم في اللحظة نفسها التي سيقتلون فيها سيكونون في الجنة! حيث الحور العين وحيث النعيم المقيم وحيق سبقهم من يحبونهم وسيلتقون بهم هناك!


ولكن من الذي أفهمهم ذلك؟ الإجابة أبسط.. أفهمهم ذلك شيوخهم وقادتهم! ولكن من أين أتى شيوخهم وقادتهم بذلك؟ ياه.. الإجابة أسهل وأسهل.. إنها كتب التراث! ولكن كيف يخالف التراث الإسلام هكذا عيني عينك؟! الإجابة بسيطة ولكنها تحتاج إلى تركيز.. لا يمكن لعاقل أن يقول لأتباعه أو لغير أتباعه أنه يخالف أو سيخالف الدين الإسلامي..

هذا الدين الذي يقول للمؤمنين به "إن الله لا يحب المعتدين"، ولكن هؤلاء يقولون لأتباعهم نحن لا نعتدي بل نرد العدوان! وهكذا سيدخلونك في دوامة.. ولن يقولون لأحد إن الإسلام يحرم أن نجمع العاطل بالباطل بدليل أنه منع حتى في ظل الحرب والقتال التعرض للنساء والأطفال وكبار السن ولا حتى للشجر ولا للحجر ولا للحيوان إلا في الحصول على الطعام.. فما بالنا بشعب آخر في بلد آخر لم يقترب من بلادنا ولم يعتد عليها؟!

إذن كيف وصل حال فهم الإسلام إلى هذا المستوى؟ الإجابة هذه المرة سهلة.. انتقلوا من الفهم المباشر للآيات القرآنية وكثير منها لا يحتاج إلى جهد كبير لفهمها.. إلى تفسير بعضهم لها.. وانتقل الأمر من حكم الآية إلى حكم من أن النسخ يكون بين الشرائع فسرها.. ومن حكم الله سبحانه إلى حكم الفقيه!

وعندما ظنوا أن هناك آيات تتعارض مع آيات وجدوا الحل فيما اسموه "الناسخ والمنسوخ" وقالوا إن آيات الرحمة والعدل تم نسخها ـ يعني إلغاء حكمها ـ بآيات أخرى عن القتل والقتال!!

من قال بالناسخ والمنسوخ ؟ هل الله ورسوله عليه الصلاة والسلام أم فقهاء بشر يخطئون ويصيبون؟ سيقول أحدهم إن النص على النسخ موجود في القرآن مثل قوله "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا" وهنا نصل إلى بيت القصيد.. إذ فهم بعض الفقهاء أن النسخ هنا بمعنى المحو.. بينما رأى آخرون أنها بمعنى الإثبات والتأكيد.. ومنهم من رأى أن النسخ هنا بين الشرائع وليس بين الشريعة الواحدة..

أي إن شريعة القرآن تنسخ أحكاما في شريعة التوراة لأن كل الشرائع من عند إله واحد بهدف التخفيف على البشرية إلا أن العقل والمنطق يقول إنه لا يمكن أن ينزل الله احكام ثم يلغيها خصوصا أن الملغي يتحدث عن الرحمة والعدل، وهي أجمل قيم يمكن أن يعلمها الله لعباده!

الخلاصة: الموضوع كبير يحتاج إلى من يفتح ملفه واسعا فقط أن يمتلك الجرأة خصوصا أن الفهم الخاطئ سيطر على الأغلبية حتى أنهم يتركون من يسيء تقديم الإسلام للآخرين، ويتحدث عن القتل والشتم ويهاجمون كل من يريد تنقيته وإظهار صورته الحقيقية المتسامحة والتهم جاهزة: تغيير الأحكام وكراهية السنة الشريفة ومؤامرة على الإسلام من العلمانيين الفجرة الكفرة فأصبحنا أمام مجتمع متطرف دون أن يدري أنه متطرف، ويتوهم هؤلاء أنهم يدافعون عن الإسلام وهو نفسه الوهم الذي سيطر على الإرهابيين!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله!
رحم الله ضحايا سيريلانكا وكل ضحايا الإرهاب!
الجريدة الرسمية