«حياتك تستاهل تتعاش».. حملة حكومية لمواجهة الانتحار.. «هتموت نفسك وتموت كافر» عبارة ممنوعة.. ومحطات المترو على قائمة «استبيان الميول الانتحارية».. وخط ساخن لاستقبال المكا
شهدت الآونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في معدلات الانتحار، وهناك من أرجع الأمر إلى مشكلات اقتصادية، وفريق ثانٍ تحدث عن الأزمات النفسية، غير أنه ورغم اختلاف التبريرات، أصبح الانتحار واقعًا ملموسًا، ليس في مصر فقط، بل على مستوى العالم، إلى درجة أنه يحل في المرتبة الثالثة في قائمة «وفاة المراهقين» حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
المواجهة
في مصر.. وتزامنًا مع زيادة أعداد حالات الانتحار خلال الفترة الأخيرة، بدأت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة، اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الظاهرة، تمثلت في إنشاء وحدة متكاملة لعلاج الأفكار الانتحارية، وكذلك الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تتسبب في التفكير بالانتحار، بدأتها في مستشفى العباسية للصحة النفسية.
وأطلقت أمانة «الصحة النفسية» بحسب الدكتورة منن عبد المقصود، أمين عام الصحة النفسية وعلاج الإدمان حملة «حياتك تستاهل تتعاش» والتي تعتبر باكورة الحملات المقرر أن تطلقها الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان لمكافحة الانتحار، وذلك للحد من زيادة معدلات الانتحار.
المقبلون على الانتحار
«د. منن» كشفت أن الحملة كان لها عدة مراحل بدأت بتدريب متطوعين على كيفية التعامل مع المقبلين على الانتحار، وزيادة التوعية المجتمعية واستخدام السوشيال ميديا في ذلك، مشيرة إلى أنه «تم تدريب ما يقرب من 150 شخصا من مختلف الفئات سواء طلبة جامعات أو خريجين أو أخصائيين على كيفية التعامل مع شخص مقبل على الانتحار»، كما أشارت إلى «توفير خط ساخن 0220816813 لاستقبال المكالمات حول الراغبين في الانتحار، ويستقبل المكالمات اخصائيون نفسيون»، موضحة أنه تم تفعيل الحملة في 13 محافظة من محافظات الصعيد وهي (بني سويف، أسيوط، سوهاج، قنا، أسوان، والأقصر) لمواجهة الاكتئاب والإدمان والانتحار.
27 محافظة
«د. منن» كشفت عن اختيار 27 محطة مترو أنفاق سيتم تفعيل حملة جديدة فيها، وذلك بعد وجود 23 واقعة انتحار في 4 أشهر، لافتة إلى أن المترو يتردد عليه ما يقرب من 4 ملايين راكب يوميا، وهو عدد ضخم يسهل الوصول لجميع فئات الشعب وجميع الأعمار، وتابعت: سيتم تقديم استشارات نفسية سريعة وتوعية وتوزيع منشورات وكذلك استبيان يقيس الحالة النفسية لرواد المترو في الفترة من نهاية أبريل حتى 22 يوليو المقبل، لتغطية المحطات التي تشهد كثافة مرتفعة، والاستبيان يقيس معدل إذا كان يوجد معاناة من أي مشكلات نفسية سواء اكتئاب أو حزن، وقياس مدي جدية الأفكار الانتحارية لديهم، ليوضح في النهاية نسب الميول الانتحارية لدى المصريين.
كما أكدت أن «الخط الساخن مفعل، ويستقبل مكالمات من 9 صباحا وحتى الثالثة مساء، وخلال شهرين استقبل 40 مكالمة خاصة بالانتحار فقط، ويمكن في المكالمة وقف الشخص عن رغبته في الانتحار، وإبعاد الفكرة عنه ثم يأتي لعيادة جديدة في مستشفى العباسية تعمل 3 أيام في الأسبوع للعلاج تستقبل الحالات وتقدم لها العلاج المناسب».
عيادة نفسية متكاملة
وعن فكرة إنشاء عيادة نفسية متكاملة لعلاج من لديهم أفكار انتحارية واضطرابات نفسية، قال الدكتور أحمد صلاح، طبيب نفسي بمستشفي العباسية للصحة النفسية، مسئول العيادة المسائية الجديدة، عضو مجلس نقابة الأطباء: فكرة العيادة جاءت بسبب زيادة حجم التردد على عيادات مستشفى العباسية صباحا، حيث يتردد ما يقرب من 300 مواطن يوميا أي 8 آلاف شهريا، وما يقرب من 100 ألف مريض سنويا، بجانب مرضي الإدمان والمراهقين والأطفال.
وأكمل: تلك العيادات الصباحية تعمل من 8 صباحا إلى 1 ظهرا على 10 أطباء، مما يمثل ضغطا كبيرا على الأطباء في مراجعة حالة المرضي، فجاءت فكرة إنشاء وحدة مسائية تقدم العلاج لكل فئات المجتمع، كما أن بعض المرضي حاليا لا يقدرون على أسعار العيادات الخاصة النفسية، مما زاد الضغط على عيادات مستشفى العباسية للصحة النفسية وعلاج الإدمان ما أدى إلى التفكير في إنشاء عيادة مختلفة عن خدمات العيادة الصباحية، وعمل جلسات نفسية، وكذلك تخفيف العبء على العيادات الصباحية، وتوفير وسائل علاجية جديدة لا تتوافر صباحا لضيق الوقت، فضلا عن إزالة الوصمة عن مستشفى العباسية بأنها مستشفى الفقراء فقط، والتأكيد بأنها تخدم كل الشرائح، إلى جانب العمل على تغيير الصورة النمطية المأخوذة عن المستشفى.
أقل سعر
وأردف: الوحدة الجديدة سوف تعمل من 2 ظهرا حتى 8 مساء بأسعار أقل من الكشف في العيادات الخاصة وفقا لأسعار قانون التأمين الصحي الشامل الجديد، ومن المقرر التوسع فيها لتشمل عيادات أطفال ومراهقين مستقبلا، وتعمل العيادة المسائية على مدار 3 أيام، وفي رمضان من 12 ظهرا حتى 6 مساء، ويمكن لأى مريض نفسي يعاني من الأفكار الانتحارية أو الاكتئاب الاتصال بالخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية، ويحدد له موعد بالعيادة، يضم طبيبا متخصصا وكل طبيب معه نائبان مضي على عملهما بالصحة النفسية عامين للإلمام بالأساليب العلاجية ومتابعة المرضي، والعيادة لن تقتصر على حالات الانتحار فقط، لكنها تشمل جميع الاضطرابات النفسية.
المراحل العمرية
«د.صلاح» أكد أنه «لا توجد أرقام واضحة حتى اليوم بمعدلات الانتحار، وأغلب الحالات لا توثق نتيجة الوصمة المجتمعية، وأغلبهم في المرحلة العمرية من 18 إلى 40 سنة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ويعتبر الانتحار ثالث سبب للوفاة بين المراهقين، والأطباء النفسيين يكتشفون يوميا من لديهم ميول وأفكار انتحارية».
وأضاف: 70% من المنتحرين كانوا يعانون من الاكتئاب أو الفصام أو الاضطراب النفسي إلا أنه ليس كل مكتئب يقبل على الانتحار، ودور الطبيب النفسي يبدأ من خلال التدخل اللحظي لحظة إقبال الشخص على الانتحار، سواء تليفونيا أو زيارة سريعة له، وأغلب المنتحرين يكون لديهم آلام يرغبون في التخلص منها نهائيا، والتخلص من حياتهم، ويتدخل الطبيب النفسي لتهدئة فكرة الانتحار لديه، وبعد ذلك يمكن أن يذهب إلى العيادة لبدء العلاج أو الحجز المؤقت، ومن طرق العلاج ألا يتحدث الطبيب مع الشخص عن الدين إلا لو كان لديه قابلية لذلك، بعيدا عن عبارات «هتموت نفسك وتموت كافر» لا تذكر إطلاقا.
"نقلا عن العدد الورقي..."