رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم بين شركاء الخارج وفرقاء الداخل


حالة غريبة يمر بها التعليم المصري خلال الفترة الحالية، ففي الوقت الذي تتوسع فيه وزارة التربية والتعليم لبناء شركات وعقد برتوكولات تعاون واتفاقيات مع شركاء أجانب ومؤسسات دولية، هناك حالة من التباعد تحدث في الداخل، ورغم التصريحات التي يتشدق بها مسئولو التربية والتعليم حول ضرورة تكاتف الجهود من أجل إنجاح المنظومة التعليمية الجديدة فإن الواقع يشهد حالة من تشتيت الجهد، وذهاب كل فريق في واد، واتجاه غير الذي يسير فيه الفريق الآخر.


ويدلل على ذلك حالة الهجوم المباشر وغير المباشر التي يواجهها كل من ينتقد الوزارة من أجل إصلاح خطأ أو من أجل لفت الانتباه إلى جانب من جوانب القصور، وينعكس ذلك في التصريحات العصبية التي تصدر بين الحين والآخر تجاه فئة من فئات المجتمع، رغم أنه من المفترض أن الوزارة تسعى إلى أن يتكاتف معها هؤلاء من أجل الإصلاح.

وتظل الفريضة الغائبة في ذلك الأمر، هي عدم إدراك مسئولي التربية والتعليم أنه لا شراكة ولا تكاتف دون أن يسمعوا لمن يخالفونهم الرأي وعليهم أن ينصتوا جيدًا للنقد، خاصة أن الجميع يؤمن بضرورة التطوير؛ ولكن الخلاف على طريقة التنفيذ والأخطاء التي تتكرر.

فما صدر عن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أثناء مشاركته بمنتدى الإسكندرية للإعلام، والنقد الشديد الذي وجهه للصحفيين ورفضه أن يستقبل أي مقاطعات أو تساؤلات من قبل الصحفيين، هو أمر مرفوض ويدعو إلى مراجعة وتفكير عميق، ويطرح تساؤلات حول الصورة التي يراها الوزير ناجحة في نقل أخبار المنظومة الجديدة، ونقل نبض الشارع حولها إليه إن لم يستمع سيادته لتساؤلات الصحفيين؟!

الأمر لم يقتصر على هذا الموقف، فهناك العديد من المواقف التي وجه فيها السيد الوزير انتقادات لوسائل الإعلام والصحفيين، رغم أنه أكثر وزراء التعليم الذين حظوا وما زالوا يحظون بدعم إعلامي كبير.

المتابع لملف التعليم أيضًا، يدرك جيدًا حجم الانتقادات التي يوجهها أولياء الأمور بسبب السلبيات التي يشكو منها أبنائهم؛ ولكن لا يتم مناقشة تلك الأمور بالصورة التي تقضي على المشكلات في الغالب، الأمر الذي جعل فريق كبير من أولياء الأمور في دائرة الفرقاء، كما أن تجاهل إشراك خبراء التربية وأساتذة التعليم المتخصصين أمر يطرح العديد من التساؤلات حول مدى الاستفادة التي تعود على التعليم المصري من ذلك؟

ومن النماذج الصارخة في هذا الاتجاه أيضا، حالة التنافر القائمة بين نقابة المهن التعليمية ووزارة التربية والتعليم، والتي عبر عنها نقيب المعلمين "خلف الزناتي" في أكثر من مناسبة، حينما صرح أن النقابة لم يسبق دعوتها للمساهمة والعمل في أي شيء يخص منظومة التعليم الجديدة، وإعلانه أيضًا أنه بالرغم من ذلك فإن النقابة على أتم استعداد أن تقدم كافة الدعم الذي يمكنه تقديمه للوزارة من أجل إنجاح المنظومة.

الأمر يتطلب مراجعة الموقف بالكامل من قبل وزارة التربية والتعليم، وعلى مسئوليها أن يدركوا أنه لو تم عقد شراكات مع كافة المؤسسات والمنظمات العالمية العاملة في مجال التعليم، دون أن يكون هناك تكاتف داخلي وتنسيق بين جميع الأطراف، فإن النتيجة الحتمية لذلك ستكون سلبية بكل المقاييس.
الجريدة الرسمية