رئيس التحرير
عصام كامل

"المتاحف في عالم متغير".. أحدث إصدارات سلسلة كراسات متحفية

فيتو

صدر عن اللجنة المصرية للمتاحف عدد جديد في سلسلة كراسات متحفية التي تصدر بدعم من مكتبة الإسكندرية، بعنوان "المتاحف في عالم متغير" وهو ترجمة لعدة مقالات نشرت في مجلة المتحف التي تصدر عن المجلس الدولي للمتاحف، قام بترجمة المقالات الدكتورة شيرين القباني وقام بتقديم العدد ومراجعة المقالات الدكتور خالد عزب.

يذكر الدكتور خالد عزب في مقدمته لهذا العدد يصدر المجلس الدولي للمتاحف مجلة المتحف منذ سنوات، وقد كانت تترجم إلى العربية عبر اليونسكو، وتوقفت هذه الترجمة أمام قراءة العربية المعنيين بعالم المتاحف وجسور التواصل مع الجديد بها، وهنا طرحت عليّ الدكتورة شيرين القباني فكرة ترجمة عدد من المقالات التي نشرت في أعداد مجلة المتحف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. اختيرت هذه المقالات بعناية للنشر في سلسلة كراسات متحفية، التي تصدرها اللجنة الوطنية المصرية للمتاحف بدعم من مكتبة الإسكندرية.
هذه الكراسة تطرح موضوعات ملحة حاليًا في عالم المتاحف، ففي المقال الأول نرى ثلاثة من الباحثين، يؤكدون أن الآن مع البناء الوظيفي للعاملين في المتاحف صارت مهام أمناء المتاحف أكثر صرامة ووضوحًا من البحوث إلى الحفظ إلى النشر إلى العرض. كما أن السياسات الثقافية على الأصعدة الوطنية باتت تتداخل مع المتاحف بشكل غير مسبوق، لكن التطور الأهم هو تغير طبيعة العلاقة بين الجمهور والمتحف، الجمهور كان زائرًا بصورة مؤقتة، الآن أصبح هناك بناء لعلاقة ممتدة أو متبادلة أو أكثر تأثيرًا، إذا أضفنا إلى هذا مدخل جديد وهو الفضاء الرقمي والمتحف الذي تطلب تغييرًا في طبيعة العروض المتحفية، وقاعات العرض، والإضاءة، وحركة الزوار.
والمقال الثاني في هذه الكراسة "جسور التواصل بين المتاحف والدراسات التراثية"، والذي أعده باركو بابيك. فالمتاحف تشير إلى علاقة إنسانية خاصة مع الواقع توضح من نحن، مما يجعلنا نصدر أحكامًا على الحاضر عبر معطيات الماضي، مما ينتج عنه تساؤلات حول المجتمعات البشرية وعلاقتها بالواقع والتراث، خاصة أن المتاحف لها أدوار متعددة تعليمية، وبحثية، وترفيهية. إن هذا في رأي داركو يطرح عدة أسئلة مهمة:
-كيف يبدو متحف في جوهره التراث؟ وكيف يمكن أن يبدو في المستقبل.
- من المبدعون والمستهلكون للتراث؟
- ماذا يعني مصطلح التراث في ضوء المتغيرات المعاصرة؟
إن نمط المتاحف التقليدي كمتاحف القطع الأثرية التي تعرض قطعًا لتكشف عصرًا ما، أو نوعًا من الفنون في عصر ما، لم يعد جذابًا في ضوء حاجتنا لكي يعبر المتحف عن الهوية، ويقرأ الحياة في العصور القديمة لنستكشف المجتمعات، وكيف كان يعيش القدماء، ثم إن التكنولوجيا الرقمية تتيح الآن استدعاء قطع أخرى في متاحف بعيدة تستكمل الرواية التي تقصها القطع المعروضة، أو قد نرى الحياة اليومية بفضاء رقمي تخيلي من خلال القطع المعروضة. إذن، فالتراث بالنسبة لنا ليس مجرد قطعًا مادية للعرض، بل أيضًا تخيلًا بصورة علمية منهجية لحياة لم تعد موجودة، ومن هنا تأتي أهمية مقال داركو.
عرفت المتاحف لسنوات حركة الزوار الهادئة والأصوات المنخفضة، ومنعت بعضها زيارة الأطفال أقل من ست سنوات، الآن صارت هناك متاحف للأطفال وبرامج للأطفال والرضع، وعرفنا عبر المتاحف مصطلح "الثقافة الطفولية" وهو موضوع المقال الثالث في هذه الكراسة، الذي عنوانه "الأطفال والمتاحف: ربط الأجيال بواسطة الفن" كتبته تيتياناليفي، وهي باحثة متميزة في هذا المجال. هنا المتحف يبحث عن علاقة بين أسرة بأعمار متفاوتة علاقة توطدها معروضات المتحف، وتثير هذه الأسرة وتفتح آفاق أفرادها، حتى رأينا قطعًا الآن في المتاحف توضع على الأرض يتحسسها الصغار بحواسهم: (البصر، واللمس، والسمع، والشم). ولو رويت هذا لأحد في المنطقة العربية، لاستهجن ما تقول، لكن هكذا المتاحف الآن تقود برامجها ثورة في علاقة المتاحف بالأجيال الجديدة. سأتركك عزيزي القارئ لتستكشف هذا عبر هذا المقال الذي يعد معبرًا عن ثورة جديدة في عالم المتاحف.
تعاني العديد من البلدان من تعاظم شريحة كبار السن، هذا ما يجعل من المهم إعادة هيكلة برامج المتاحف مع هذه الشريحة وتنويعها، ومن هنا جاء اختيار مقال "دور المتاحف في مجتمع كبار السن" لبيا هوفي. هذا المقال وإن كان يؤشر على حالة موجودة في فنلندا، فإننا في المنطقة العربية يجب علينا دراسة هذه التجربة بعناية والاستفادة منها. فالآن شريحة كبار السن تتزايد في الوطن العربي عددًا، والمتاحف ليست بنايات منعزلة، فهذه الشريحة تمثل جمهورًا يطلب خدمات تتوافق معه، على جانب آخر إذا أرادت متاحفنا جذب مزيد من الزوار فدراسة متطلبات هذه الشريحة وما يجذبها سيجذب لها سياحًا من دول عديدة لديهم الرغبة في الحصول على المتعة الثقافية في المتاحف.
وهذه المقالات خاصة أول مقالين في حاجة إلى إلقاء الضوء حول العلاقة بين التراث والهوية، لذا أضفت في نهاية الكراسة دراسة قصيرة أعددتها حول "أبعاد العلاقة بين التراث والهوية"، حيث تحدد هذه العلاقة الآن أنماط عمارة المتاحف، والعرض المتحفي والخدمات المتحفية، وهو أمر لا يزال في حاجة إلى مزيد من النقاش على الصعيد العربي في السنوات القادمة.
سلسلة كراسات متحفية هي السلسلة الوحيدة باللغة العربية في علوم المتاحف وهي سلسلة أكاديمية معتمدة من المجلس الدولي للمتاحف في باريس.
الجريدة الرسمية