الطائفية تحمي الفساد في لبنان
"لبنان على وشك الإفلاس"، هذا العنوان كان الموضوع الرئيسي لصحيفة عربية ناقشت تدهور الاقتصاد اللبناني وسط مخاوف من انهيار الليرة اللبنانية. انتشرت الشائعات عن قيام الحكومة بخفض رواتب بعض الوظائف ورواتب المتقاعدين في الجيش. الصادم في الموضوع أن المدرسين كانوا ولفترة ليست بالبعيدة يطالبون بسلسلة جديدة "للرتب والرواتب" وكثرت الاعتصامات ومظاهرات المياومين (العاملين باليومية) للمطالبة بتثبيتهم في وظائفهم وصرف مرتباتهم المتأخرة.
وزير خارجية لبنان "جبران باسيل" دافع عن إجراءات خفض الرواتب قائلًا إن خفض الرواتب أفضل من عدم وجود رواتب، وأن من يتذمر من خفض راتبه لا يعرف أنه قد لا يجد مرتبه في المستقبل إن لم نقم بهذا الإجراء. صحيفة الإندبندنت –العربية– ذكرت أن "جبران باسيل" قال إن الموظفين في القطاع العام أمامهم خياران: إما قبول خفض رواتبهم وأجورهم، وإما انهيار الاقتصاد والليرة اللبنانية.
"رياض سلامة" حاكم مصرف لبنان قال إن الاقتصاد اللبناني بخير وإن الشائعات حول انهياره تتكرر، على الرغم من أن العجز في ميزان المدفوعات بلغ في الشهرين الأولين من عام 2019 ملياري دولار، وسط مؤشرات خطيرة بقلة التحويلات من المغتربين في الخارج وخروج الكثير من الأموال.
فكرة خفض الرواتب والأجور لها عواقب خطيرة على لبنان وقد تؤدي في حال تطبيقها إلى مظاهرات والتي عادة ما يصاحبها أعمال عنف تضع المجتمع اللبناني كله على شفا حرب أهلية.
الصبر الذي يتمتع به اللبنانيون قد ينفذ في حال اقتربت الحكومة من مرتباتهم لأنهم يعرفون أن ما تسعى الحكومة لاقتطاعه من رواتبهم لا يعادل الثروات الطائلة لزعماء في الطوائف المختلفة. المصيبة في لبنان أن اللبنانيين يعرفون من هم الفاسدون ويعرفون حجم الفساد ولكنهم عاجزون بسبب الطائفية التي تحمي هؤلاء الفاسدين، هكذا لسان حال كل لبناني.
وزير الداخلية الأسبق "شربل نحاس" قال إن موازنة الدولة تتضمن بنودا لهيئات تحصل على أموال في كل موازنة، رغم أنها لا تقوم بالعمل الذي تم إنشائها من أجله، مثل هيئة السكك الحديدية، فالسكك الحديدية في لبنان متوقفة منذ الحرب الأهلية ومع ذلك يحصل الموظفون بها على رواتبهم.
مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2016 صنف لبنان في المرتبة 136 عالميًا من أصل 176 دولة وبمجموع من النقاط بلغ 28 نقطة. المؤشر يصنف الدول حسب النقاط فكلما زاد عدد النقاط حتى وصل إلى 100 كلما كان ذلك دليلا على نجاح الدولة في مكافحة الفساد. تصنيف لبنان في المرتبة 136 بمجموع نقاط 28 نقطة فقط يعني أن الفساد مستشرٍ طولًا وعرضًا.
إنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار يتطلب شفافية كاملة للكشف عن أسباب الفساد وعن الشخصيات التي كونت ثروات طائلة مستغلة مناصبها أو طوائفها، فالشفافية هي كلمة السر في إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي وما قد يتبعه من انفجار مجتمعي، وإذا كان الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة اللبنانية لا يعرفان ذلك فقولوا على البلد السلام.