رئيس التحرير
عصام كامل

كفى الزغبي.. عبثية "شمس بيضاء باردة" أهلتها لـ"بوكر"

الروائية الأردنية
الروائية الأردنية كفى زغبي

"كل ما حدث في الماضي ينتهي، لكنه لا يختفي. إنه يذوب شيئا فشيئا في الزمَّن، فيصبح قليل الكثافة، بيد أن هذا المحلول الناتج من ذوبانه يظل يسري في دمائنا ويشكِّل مصدرًا لعذاباتنا" إنها "شمس بيضاء باردة" سطرتها كلمات الروائية الأردنية كفى زغبي.


البناء الروائي
وصلت رواية "شمس بيضاء باردة" للقائمة القصيرة لجائزة البوكر2019، وأكد عدد من خبراء النقد الأدبي أن الرواية تستحق ذلك على صعيد البناء الروائي الذي قدمته "كفى الزعبي"، والذي وصف بالممتاز، واللغة السلسة التي استخدمتها، والتركيب اللغوي، والسرد المشوق في الكثير من الأحيان والوصف المعبر للمشاهد وتحويل الكثير من الأسئلة الفلسفية إلى جمل سهلة القراءة والفهم.

بين الأردن وموسكو

ولدت كفى الزعبي عام في الرمثا بالأردن عام 1965، وأنهت دراستها الثانوية العامة بمدرسة الرمثا الثانوية للبنات عام 1984.

وحصلت على بكالوريوس الهندسة المدنية في جامعة بطرسبورج في روسيا، وبقيت بها حتى 2006، ثم عادت لتستقر في وطنها الأردن، حيث حصلت على عضوية رابطة الكتاب الأردنيين، وتكتب في عدد من الصحف الأردنية والعربية.

قدمت كفى الزغبي خمس روايات للمكتبة العربية، بدأتها برواية "سقف من طين" صدرت عن اتحاد الكتاب العرب في سوريا عام 2000، أما روايتها الثانية فكانت بعنوان "ليلى والثلج ولودميلا" صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر من بيروت عام 2007، وتناولت مرحلة انهيار الاتحاد السوفيني عام 1992، وسؤال الأنا العربي والآخر الروسي، وترجمت الرواية إلى الروسية وصدرت في موسكو عام 2010.

أما الرواية الثالثة لكفى فكانت بعنوان "عد إلى البيت يا خليل"، وصدرت باللغة الروسية فقط عام 2009، عن دار بيبلوس كونسالتينج.

الراعي
أما روايتها "شمس بيضاء باردة" فهي الرواية الخامسة، كتبتها كفى الزعبي للصحافة الأردنية والعربية، وتنطلق الرواية من الريف، كمكان وكناية عن العيش على هامش الحياة، وسط حالة من الجهل والتخلف، حيث يوجد بطل القصة "راعي"، الذي تربى في بيئة يهمها المظهر العام والمحافظة على الصورة النمطية في أعين الآخرين حتى لو كانت هذه الصورة متكسرة ومنحطة من الداخل، كما صورتها الكاتبة.

ويعيش راعي "كفى" في كبت عقلي واجتماعي، تقيده العادات الموروثة، ويحكمه أب "متدين" لا يفقه شيئًا سوى الجشع، يحاول أن يثور على هذا الواقع بواسطة الثقافة والكتب، لكنه يستجيب لغريزته مع فتاة ساذجة التجأت إليهم، فيغدر بها وتبدأ معاناته النفسية، وهنا تمكنت الكاتبة من وصفها بدقة.

وتأخذ كفى ملحمة جلجامش من زمانها، وتنسج أحداثًا تحاكيها في الزمن الحالي، ثم تعرج على جبران ونيتشه وميللر وكامو وشوبنهاور، ودمجت الفلسفة الوجودية بالعبثية المطلقة، وصورت الوجود بالعبث في المقدمات والنتائج، مستفيدة من دراسة تحليلية لنفسية الشخصيات المتناقضة والمتصارعة من أول صفحة إلى آخر صفحة.

الجريدة الرسمية