خَطيئتان فى أمتار السباق الأخيرة
على التيار المدنى أن يعترف بخسارة معركة الدستور، فيما يعرف فى أدبيات الحرب والسياسة بشجاعة المحارب، ومن ثم عليه إعادة تقييم الأداء وترتيب الأوراق.
عليه أيضاً أن
يعترف أن
رهانه (فقط) على الفوضى وإرباك الشارع والصخب، للحيلولة دون إجراء الاستفتاء، كان رهاناً خاسراً، إذ ترتب على ذلك أخطاء أو خطايا جوهرية، يمكن إجمالها فى
خطيئتين كبيرتين.
الأولى: أن التيار المدنى أغفل وأهمل إعداد أجندة للحركة والحشد للتصويت برفض الدستور، رغم أن الفرصة كانت سانحة، عندما حانت لحظة أدرك فيها الجميع أن الاستفتاء سيجرى فى موعده تحت أى ظروف، لاسيما بعد موافقة عدد كاف من القضاة على الإشراف، ثم إعلان القوات المسلحة عن تأمين عملية الاستفتاء رسمياً.
الخطيئة الثانية، وربما الأخطر، هى: غياب التناغم والتنسيق بين قيادات جبهة الإنقاذ، وعناصر ونشطاء الحركة على الأرض، الأمر الذى أفضى إلى خروج بعض الفعاليات عن سياق الانضباط، فبدت منفلتة بصورة فجة، لتصب فى النهاية لصالح تيار الموافقة.
أمتار السباق الأخيرة، شهدت صورتين من صور الخروج عن نص الانضباط الناجم عن غياب التنسيق والسيطرة، وأظنهما أسهمتا فى حسم السباق لصالح الموافقة على الدستور.
الصورة الأولى كانت حصار مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية وتهديد الشيخ المسن أحمد المحلاوى، ولا أعنى هنا المحلاوى بقدر ما أعنى عملية حصار المسجد فى حد ذاتها، لما للمسجد من رمزية ذات قداسة خاصة كدار عبادة عند عموم الناس (مسلمين ومسيحيين).
الصورة الثانية كانت ذلك الفعل المجنون الذى أقدمت عليه علياء المهدى الناشطة الليبرالية العلمانية (وفق تصريحاتها) بوقوفها عارية تماماً أمام سفارتنا بالعاصمة السويدية استوكهولم، احتجاجاً على أسلمة الدستور بحسب الشعارات المكتوبة على جسدها وجسدى رفيقتيها فى منظمة "فيمن".. (الشريعة ليست دستوراًــ لا للإسلام نعم للعلمانية ــ لا للإسلام دين العبودية).. أضف إلى ذلك بياناً للمنظمة بعنوان "محمد نهاية العالم" يؤكد أنهن تداعَيْن لتَقُلْنَ لا لدستور الشريعة فى مصر!.
ودون التطرق إلى ما تم رصده من تداعيات تأثيرالحدثين، أكاد أجزم أن الصورتين هما سر إضافة الرقم الحاسم فى نسبة التصويت بنعم.
أقولها مخلصاً لوجه الله والوطن، على التيار المدنى أن يعيد حساباته، فنحن بحاجة إلى معارضة قوية رشيدة واعية، تتحسس مناطق الألغام فى الوجدان المصرى، ولا تسمح بالتهور والعبث "الصبيانى" والمغامرات غير مأمونة العواقب، لضبط حركة السياسة والحياة.
نقلا عن جريدة فيتو