رئيس التحرير
عصام كامل

د. مختار غباشي: القضية الفلسطينية إلى نفق مظلم بعد فوز نتنياهو بولاية خامسة

فيتو

  • المنطقة تعيش أجواء ربيع عربي جديدا نتائجه غير مضمونة
  • القضية الفلسطينية انتهت دبلوماسيا وسياسيا ومن لديه "أمارة" لحلها يظهرها لنا

أنْ يفوزَ "بنيامين نتيناهو" بولاية خامسة في إسرائيل، رغم تهم الفساد التي تلاحقه، فهذا أمرٌ يمكنُ تفهمه، لكنْ أنْ يقولَ الرئيسُ الأمريكىُّ "رونالد ترامب": إن انتصار رئيس الحكومة الإسرائيلية في الانتخابات "مؤشر جيد للسلام وفأل خير"، فهذا يعدُّ قهرًا للمنطق في العُمق.

هكذا تمضي الأمورُ في "تل أبيب" – كما هو مُخططٌ لها، ويسود الهدوء والاستقرار، أمَّا الدولُ العربية، فيبدو أنها أبرمتْ مع الفوضى عقدًا أبديًا، وضربتْ معها سلسلة من المواعيد لا نهاية لها، وما يحدث في السودان والجزائر واليمن وسوريا وليبيا دليلٌ حي على خَيباتِ العرب.

المراقبون والمحللون السياسيون يرون بقاء "نتنياهو" على رأس الحكومة الإسرائيلية، مدعومًا برجل البيت الأبيض "رونالد ترامب"، حلقة دموية جديدة من حلقات الصراع العربى، تميل الكفة فيه إلى الفريق الصهيو- الأمريكى، الذي يعرف ما يريد، ويحقق ما يريد، بوتيرة متسارعة، وخطوات لا تعرف التراجع ولا التردد.

في المقابل.. وبنفس الثبات الذي تخطو فيه إسرائيلُ إلى الأمام في تحقيق أحلامها وطموحاتها الآثمة، فإنَّ العرب يرتدون إلى الخلف، ويتسابقون في السقوط في المستنقع، لا تجمعهم كلمة أو موقف أو هدف.

عن تداعيات فوز "نتنياهو" على مستقبل القضية الفلسطينية تحديدًا، وعلى المنطقة العربية بشكل عام، واستمرار التشرذم العربي، وسيناريوهات صفقة القرن وغيرها.. حاورت "فيتو" أستاذ العلوم السياسية ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور مختار غباشى، الذي أكد أن المنطقة العربية خلال الفترة الحالية، وما سيليها تشهد موجة ربيع عربي جديدة، قد تتشابه مع تلك التي انطلقت من سوريا ومصر وتونس في عام 2011، في ظل تعطش تام للشعوب العربية نحو العدالة والحرية، والتخلص من حكم الفرد والأنظمة الفاسدة، مستشهدا بما يحدث في السودان والجزائر، في ظل توحيد المطالب في كلتا البلدين. 

وفي حوار تطرقنا خلاله لعدة قضايا عربية تشهد تطورا كبيرا خلال الفترة الراهنة، أكد غباشي أن القضية الفلسطينية تسير في نفق مظلم بعد فوز نتنياهو بولاية خامسة، وعودة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقوة وتأييد أمريكي قوي، واصفا العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية بعلاقة العاشق بمعشوقه، مشيرا إلى محاولة الولايات المتحدة استقصاء رأي مصر فيما يتعلق بالقضايا العربية المهمة، وإلى نص الحوار.

* بداية.. في رأيك هل نحن أمام ربيع عربي جديد تشهد المنطقة تطوراته خلال الفترة القادمة؟
بالتأكيد نحن أمام ربيع عربي جديد، الشعوب تتشوق إلى الحريات والديموقراطية، بعد أن سأمت حكم الفرد وشمولية الحكم في معظم الأنظمة، ما يتم في الجزائر والسودان هو شكل من أشكال التعطش العربي إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وغيرها من القيم التي يفتقدها العالم العربي.

* على ذكر ما حدث مؤخرا في الشارع السوداني وعلى إثره إقالة الرئيس عمر البشير عن منصبه واعتقاله وتولى الجيش السوداني حكم البلاد لفترة انتقالية.. كيف قرأت هذا المشهد وإلى أين يذهب السودان، خاصة وأن البعض يرى أن التحركات في الشارع السوداني يشوبها بعض الغموض؟
بالفعل هناك غموض يشوب المشهد حتى هذه اللحظة، هناك تشكيك من داخل السودان نفسها بعيدا عن المشهد خارج السودان، الجميع لا يرى حتى هذه اللحظة الطريق التي تسير نحوه السودان، علاوة على الأحزاب الرئيسية المعارضة داخل السودان كأحزاب تجمع المهنيين، وحزب الأمة القومي والمبادرة الوطنية للتغيير، وغيرهم رافضون لما تم.

* بالانتقال إلى الشأن الليبي والتطورات الأخيرة من تلويح كلا الجبهتين المتناحرتين في طرابلس حكومة الوفاق الوطني بزعامة فايز السراج والجيش الوطني بقيادة حفتر.. هل يمكننا أن نحدد الملمح الذي ستكون عليه الأوضاع في ليبيا خلال الفترة المقبلة في حال بسط أي من الطرفين نفوذه على العاصمة؟
ما زالت الأقوال متضاربة بالنسبة لما يحدث في مناطق غرب طرابلس وغريان، لأن حركة المقاومة شديدة جدا من كلا الطرفين، الكثير يتحدث عن أن ما حدث هو شكل من أشكال الانقلاب الوطني الذي كان من المفترض أن يعقد بين أطراف الصراع داخل الساحة الليبية للوصول إلى نقاط اتفاق، ليفاجأ الجميع بتحرك غير مفهوم من القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر صبيحة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، الجميع وجد عنصر المفاجأة، وشكلا من أشكال التحريض الفرنسي بتأجيج الصراع نكاية بالجانب الإيطالي الداعم لحكومة الوفاق الوطني وفايز السراج، إذن الأزمة نتجت في المقام الأول عن صراع دولي بين فرنسا وإيطاليا فكل منهما يريدان بسط نفوذهما على الدولة الليبية، حتى جلسات مجلس الأمن غير مجدية إطلاقا ولن تجدي خلال الأيام المقبلة، لأن الأمر ما هو إلا لعبة صراع بين دولتين أوروبيتين، والعالم العربي أيضا منقسم حيال الأزمة، ما بين مؤيد لخليفة حفتر والجيش الليبي ومؤيد لفايز السراج، ولكني أرى أن سيطرة حفتر على طرابلس معناها كتابة شهادة وفاة لحكومة الوفاق الوطني بشكل نهائي.

* نتطرق إذن إلى الملف الجزائري وما بعد تنحي بوتفليقة عن منصبه، واستمرار التواجد الشعبي في الشارع، للمطالبة برحيل أذناب نظامه.. كيف تابعت المشهد خاصة بعد خروج قائد الجيش قائد بن صالح بتصريحات تفيد ببقاء الجيش مع الشعب لعبور الفترة الانتقالية؟
صحيح هو بالفعل أحد أذناب النظام السابق الذي ترأسه بوتفليقة، ليس هو فحسب بل الرئيس الجزائري المؤقت أيضا وهو رئيس البرلمان هناك، والذي سيقود المرحلة الانتقالية مدة 90 يوما، في حين أن الشعب يرفض أن يكون هو قائد المرحلة الانتقالية، باعتباره كان أحد المقربين من بوتفليقة، ما زال الصراع محتدما في عدم وضوح الخريطة الخاصة بانتقال السلطة من بوتفليقة لرئيس آخر جديد يجمع عليه الشعب الجزائري، الذي يريد ما يريده الشعب السوداني بالضبط في رأيي، وهي ذهاب النظام الحاكم بكافة رموزه، لذلك هم غير قابلين لرئيس البرلمان يحكمهم خلال الفترة المقبلة، وهم يعلمون أنه شكل من أشكال الالتفاف على مطالب الناس، وستعود ريما إلى عادتها القديمة.

* ننتقل إلى القضية العربية الأكثر تعقيدا دائما.. كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية تقدم حزب الليكود اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو، وما سيترتب عليه من تشكيله للحكومة للمرة الخامسة؟
الوضع داخل إسرائيل هو وضع التشدد، بمعنى الميل ناحية اليمين المتطرف، ما يعني رفض إسرائيل كدولة وككيان تماما للسلام والحل السياسي، فضلا عن أن القضية الفلسطينية في الأساس انتهت دبلوماسيا وسياسيا، ومن لديه "أمارة" لحل القضية أو لمعالمها داخل حدود 67 يظهرها لنا!، فالحل الدبلوماسي والتفاوضي بشأن القضية انتهى، الحديث الآن أصبح عن صفقة القرن وآليات تنفيذها، وقدرة الأطراف العربية على مقاومتها أو الوقوف ضدها، والولايات المتحدة وروسيا على وجه التحديد يتلاعبون بالعالم العربي لخدمة إسرائيل والعمل على تشويه معالم القضية الفلسطينية بشكل تام، فها نحن نجد هدايا أمريكا لإسرائيل لا تنتهي، بداية من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مرورا بإعلان السيادة الإسرائيلية على الجولان السورية المحتلة، في ظل ردود عربية "ميتة"!، لأن العالم العربي أصبحت أرضه مستباحة.

* إذن أنت ترى أن الحكومة الخامسة لنتنياهو ستشهد المزيد من المغازلة الإسرائيلية – الأمريكية ؟
بالطبع فالعلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أشبه بعلاقة العاشق بمعشوقه!، في تطور دائم وتوطيد غير مسبوق يتم بين الحين والآخر.

* وهل سنجد عودة للوزارات اليمينية المتطرفة في التشكيل الجديد؟
بالطبع وعلى رأس العائدين سيكون ليبرمان وزير جيش الاحتلال، والذي اشترط لعودته أن تتوقف المفاوضات نهائيا مع حماس في قطاع غزة، وفوز نتنياهو نواة لما تبقى من أطروحات خاصة بالقضية الفلسطينية بالفعل انتهت وأبيدت.


* كيف قرأت نتائج زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن ولقائه بترامب؟
لا جديد في هذه الزيارة عما سبقتها، سوى استقصاء للرأي المصري فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة في فلسطين، كنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والسيطرة على الجولان، والأكثر من ذلك الحديث عن سيادة إسرائيلية على الضفة الغربية.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية