رئيس التحرير
عصام كامل

ترميم "نوتردام".. كيف تعيد فرنسا تحفتها المعمارية كما كانت؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مشاهد دراماتيكية لـ"كاتدرائية "نوتردام" التاريخية التي دمرتها النيران أول أمس الإثنين، أمام الناس في جميع أنحاء العالم.. حالة من الحزن طغت على الجميع حزنًا على دمار هذه التحفه المعمارية التي تعود لأكثر من من 850 عامًا، لكن بصيص من الأمل أعاد البهجه للمواطنين بعد أن تعهد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بترميمها مرًة أخرى وإعادتها أفضل مما سبق.


ولكن كم من الوقت ستستغرق عملية ترميم كاتدرائية "نوتردام دو باري"، كما وعد الرئيس إيمانويل ماكرون وبأي كلفة وهل سيكون ممكنا استعادة هذه التحفة المعمارية كما كانت قبل الكارثة: هذه هي التحديات في أعقاب الحريق الذي دمرها.

وسلطت هيئة الإذاعة البريطانية"بي بي سي"، الضوء على كيفية استعادة الكاتدرائية الفرنسية التاريخية، مشيرة إلى أنه وفقا للتقنيات التقليدية أو الجديدة التي يمكن استخدامها، سوف تختلف كلفة الترميم لكنها ستكون بأي حال سوف تصل إلى مئات الملايين من اليورو، بحسب الخبراء، وينبغي أن يغطي زخم التضامن هذه الميزانية بعد أن تعهد عدد من رجال الأعمال والشركات والمنظمات بالتبرع بمئات الملايين من اليورو للمساعدة في الترميم وإعادة المعلم الشهير إلى مجده السابق.

وأشارت الإذاعة البريطانية، إلى آراء المهندس جون ديفيد الذي بدوره تمكن من عرض أفضل الخطط لإنقاذ الكاتدرائية الشهيرة وإعادتها لمجدها السابق، مستندًا بذلك على عرض مخططات إعادة ترميم كاتدرائية "يورك مينستر" البريطانية التي تعرضت هي الأخرى لأضرار بالغة، بعد أن دمرتها النيران عام 1984 ، بعد أن ضربها البرق وتسبب في أضرار 2.25 مليون جنيه إسترليني.

وقال ديفيد: "عندما دخلنا كاتدرائية "نوتردام" لفحصها كان هناك رماد أسود ورائحة الدخان تسيطر على المكان ونوع من الكآبة، لكن فريقنا على ثقة بأنه يمكن إصلاح الكنيسة وتجديدها مرًة أخرى، كما أنه أعرب عن تقاؤله بأنه من الممكن تحقيق وإنجاز هذا العمل من خلال عدة خطوات.

هيكلة السقف

لا تعتبر إعادة الكاتدرائية إلى شكلها الأصلي صعبة، لكن هيكل السقف الرائع ومكان جوقة الترتيل والصحن، مع ما تحتويه من آثار تاريخية منذ القرن الثاني عشر ضاعت إلى الأبد، كون هذه المجموعة هي أحد أجمل هياكل السقف الفرنسية، وبالنسبة للمؤرخين المعماريين فإنها خسارة جسيمة للتراث الذي يروي قصتها وحرفية تناقلها في بعض الأحيان من الأب إلى الابن، ومن المقرر ترميم هيكل السقف من خشب السنديان تماما كما أراد البناؤون، طبقا لقواعد الفن واحترام خبرة الأسلاف، لكن آخرين يدافعون عن إعادة بناء أسرع مع هياكل معدنية أو خرسانية.

سقالات
يجب على فريق الترميم أولًا إزالة سقالة المحروق من "نوتردام" واسقاطها بدقة لأنها تعاني من الحرارة التي تعرضت لها أثناء الحريق، وبعد ذلك وضع غطاء واق فوق الكاتدرائية لحمايته من الرياح والأمطار، إزالة أي أخشاب سقطت وغيرها من الحطام داخل الكاتدرائية.

سيكون من الضروري توفير سقالات عملاقة ومعقدة، وربما وضع مظلة عملاقة فوق الكاتدرائية كي تجف الأسطح، ومن ثم يجب إزالة الاخشاب بحذر لتجنب أي خلل، وتبدأ بعدها مرحلة طويلة من التجفيف، إذا كان ضروريا تدعيم الأقبية التي ترتفع 33 مترًا، فسيكون الأمر معقدا من حيث تركيب السقالات.

تسجيل أثري
وبحسب الدكتور كيت جايلز من قسم الآثار بجامعة يورك: "ستشمل المراحل المبكرة من العمل التسجيل الأثري للشظايا المتبقية من الخشب والحجر والأعمال الفنية، وعلي أثرها سيتمكن فريق "نوتردام" من إنقاذ ما يمكن إعادة استخدامه وتقديم أدلة مهمة لتصميم أقمشة جديدة في المبنى"

مسح الضرر
بمجرد إخلاء الكاتدرائية، يقول الخبراء إن هناك حاجة لإجراء مسح شامل لتحديد مدى الضرر ولضمان إعادة دخوله بأمان، الأمر الذي أكدته الدكتورة أميرة النقلي، محاضرة في علم الآثار بجامعة لينكولن، مشيرة إلى أن السلامة هي الشاغل الرئيسي، حيث يجب أن يكون هناك عمليات تفتيش حرجة لتجنب أي مخاطر لمزيد من الانهيارات أو سقوط الحطام، وذلك من خلال عملية مسح الضرر التي ستتحول بعد ذلك إلى أعمال الحجر في الجزء العلوي من الكاتدرائية بالقرب من السقف.

ومن جانبه قال بول بينسكي، أستاذ تاريخ الفن في العصور الوسطى بجامعة كامبريدج: "ستُحفر الأعمال الحجرية العلوية، والقبو، والنوافذ العلوية، خاصة بعد أن أضعفت درجة الحراة المرتفعة من قوة الأحجار، لكن أول شيء يجب أن يقوم به فريق إعادة ترميم الكاتدرائية هو مسح هائل للأحجار وسقالة المبنى بأكمله والنظر عن كثب في حالتها.
الجريدة الرسمية