رئيس التحرير
عصام كامل

ولكنهم لا يفقهون!


ما أحوج حكامنا العرب إلى استيعاب ما يجري على أراضي دول عربية شقيقة من أحداث، وعلى وجه الخصوص سوريا والجزائر وليبيا والسودان، ليدركوا أن آفة الآفات التي تقود إلى انهيار الدول الوطنية، تبدأ من إصرار حكامها على البقاء في الحكم إلى أبد الآبدين، ولا يتركونه إلا إلى القبر..


ولكن ليس كل ما يسعى إليه المرء يدركه، فمنهم من غادر كرسي الحكم إلى القبر بأيدي شعبه الذي عانى الكثير من الآلام بسبب رغبات الزعيم المجنونة، وأغرب نوادر الحكام العرب في الاستمرار في الحكم رغما عن إرادة شعوبهم، جرت بأيدي الرئيس السوري حافظ الأسد، الذي لم يكتف بأن يستمر في الحكم حتى نهاية العمر، إنما أعد المسرح لابنه من بعده، بينما استبعد شقيقه الآخر لأنه لا يصلح لإدارة الدولة من بعده..

حيث حظي الابن الأكبر برعاية والده، وخصص له مجموعة من الخبراء يعدونه لتولي الحكم، ولكن إرادة الله كانت أقوى، حيث مات الوريث في حادث مؤلم، ولم يجد والده سوى شقيقه ليؤدي الدور الذي أعد لسنوات لئلا يخرج حكم سوريا من عائلة حافظ الأسد، والنتيجة هي ما يجري الآن على الأراضي السورية، من محاولات لتقسيمها، وأن يحصل أعداؤها كل على نصيبه من الكعكة، بينما ملايين السوريين لجأوا إلى العديد من دول العالم.. بعد أن خربت بلادهم.

وما يجري الآن على الأراضي الليبية، ليس إلا نتيجة لحكم الزعيم الأوحد معمر القذافي الذي قدم للعالم نظرية تضمن للزعيم البقاء في الحكم إلى الأبد.. وكان مصيره معروفا، ولو أن الرئيس الجزائري بوتفليقة حافظ على تاريخه الوطني في مقاومة الاستعمار وترك مسئوليات حكم لم يعد قادرا على تحملها لما حدث الانقسام الذي يهدد وحدة الجزائريين، ولن نذهب بعيدا عن بلدنا مصر التي حكمها مبارك لمدة ثلاثين عاما ثم أراد أن يورث الحكم لولده الذي أدار بالفعل شئون الدولة سنوات طويلة.. فانتشر في البلاد الفساد وعجزت عن توفير الضروريات لمواطنيها.

أما حاكم السودان البشير فحدث ولا حرج فقد انفرد بحكم السودان التي قسمت إلى دولتين في عهده، وقتل آلاف المواطنين الذين ثاروا ضده، وظل يراوغ ويتآمر حتى آخر لحظة، على أمل أن يلتف على مطالب الجماهير، وسيلاقي نفس مصير من سبقوه، فهل يدرك الحكام العرب خطورة البقاء في الحكم سنوات طويلة، لا أعتقد.. لأنهم لا يفقهون.
الجريدة الرسمية