كيف أجهضت ألمانيا التحالفات السرية الجديدة للإخوان والسلفيين؟.. تراقب أعضاء الجماعة على مدار الساعة.. تضع مسجد المهاجرين وثيق الصلة بالتنظيم تحت المراقبة.. تحاصر الأنشطة غير المرئية للإسلاميين
مازالت أنباء عودة جماعة الإخوان الإرهابية، للنشاط السري في مدينة بون الألمانية في حاجة إلى فك رموزها، وخاصة بعد اضطرار السلطات الأمنية إلى وضع مسجد المهاجرين، الكائن بشارع بروهلر في شمال مدينة بون تحت المراقبة، في ظل علاقته الوثيقة بالرابطة الإسلامية التابعة للجماعة.
الإخوان وألمانيا
لاتترك الإخوان أي فرصة للعودة من جديد، في ظل الأنباء المتداولة عن قرب حظرها، إذ دشت شبكة تنظيمية أخطبوطية في مدينة بون، انطلاقا من مسجد المهاجرين، في محاولة لاستغلال عدم حظر التنظيم في ألمانيا حتى الآن، على أمل الاستحواذ على تعاطف الرأي العام، والكيانات المعنية بحقوق الإنسان.
جهود الإخوان لتنظيم الشبكة الجديدة باءت بالفشل، إذ ترصدها الجهات الأمنية، وتفرض متابعة لصيقة لكل شخص، على علاقة غير عادية بالمسجد المذكور، ويشارك بانتظام في فعالياته، أو كعضو مجلس إدارة فيه، ولاسيما أن المتابعة القوية، كشفت عن علاقات سرية تجريها الإخوان مع الجماعة الإسلامية الألمانية، لتوسيع نطاق عملها، على المدى الطويل، وترسيخ القبول لأفكار ما يسمى بالإسلام السياسي في المجتمع، حتى يستطيع الإخوان تدشين مجتمع مواز لهم، ينفصل عن النظام العام في الغرب، وفي الغالب سيكون معاديا له.
ومنذ عزل مرسي، والجماعة تشكل صداعا للغرب، حيث يرونها التهديد الأكبر للديمقراطية، ربما أكثر من المنظمات الإرهابية مثل القاعدة أو السلفيين المتطرفين، في ظل تمسحهم بالمدنية، وهم يضمرون لها أفكارًا عدائية، تنتظر الفرصة فقط للإجهاز على النسيج الديمقراطي، وتحويل المجتمعات بأكملها إلى توابع لهم.
انتشار الإخوان
في كتابها مستقبل الإخوان المسلمين، استراتيجيتهم السرية، وشبكتهم العالمية، تشير الباحثة النمساوية بترا رامساور، إلى أن عدد فروع الإخوان المسلمين يصل إلى 79 فرعًا في بلدان كثيرة في العالم، موضحة أن انتشارهم في أوروبا، بدأ منذ سبعينات القرن الماضي وتحديدا من ألمانيا، وبشكل كبير من المركز الإسلامي في ميونيخ.
ما تقوله رامساور، يؤكده الخبير في دراسات الإسلام السياسي، خالد دوران، بدراسته حول الظاهرة الجهادية في أوروبا، ويؤكد أن حكومة ألمانيا الغربية عندما قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الدول العربية التي اعترفت بألمانيا الشرقية، وأقامت معها علاقات دبلوماسية وفي مقدمها سوريا ومصر، سارعت إلى استضافة المنشقين عن هذه الأنظمة وغالبيتهم من الإسلاميين، فضلًا عن أن جماعة الإخوان كانت تعاونت مع النازيين قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية، حتى أن بعضهم قاتل في فرقة (Handschar) البوسنية سيئة الصيت.
ويكشف الباحث أن الإخوان في ألمانيا تحديدًا، أحرزوا نفوذًا مهمًا وقبولًا سياسيًا، أكثر من أي مكان آخر في أوروبا، لدرجة أن التنظيمات الإسلاموية في البلدان الأوروبية الأخرى كانت تقتدي بشكل كبير بنظيرتها الألمانية، لافتا إلى أن القيادي الإخواني المصري سعيد رمضان، السكرتير الشخصي لحسن البنا، كان أحد الرواد الأوائل للجماعة في ألمانيا.
تحت المراقبة
أسس رمضان في ألمانيا الجمعية الإسلامية، وترأسها حتى عام 1968، كما ساهم في تأسيس رابطة مسلمي العالم، التي أثارت انتباه السلطات الأمنية الأمريكية، فوضعتها تحت المراقبة المباشرة للاشتباه بتمويلها للإرهاب، وفي مارس من عام 2002، داهمت قوة أمنية مكاتب الجماعة في فرجينيا الشمالية بحثًا عن ملفات تربط هذه المنظمة بالقاعدة وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطينية.
كما طالبت لجنة التمويل في مجلس الشيوخ عام 2004 بسجلات الرابطة من جهاز الضرائب الداخلي كجزء من تحقيق أجرته حول صلات محتملة بين المنظمات غير الحكومية والشبكات الممولة للإرهاب.
محاولة الجماعة ممارسة أنشطتها بشكل غير مرئي، عن طريق إجراء تحالفات مع السلفيين بشمال مدن الراين وستفاليا، وهما من أكبر معاقل السلفيين في ألمانيا، هي محاولة لاستقطاب الشباب للانضمام إلى «ندوات الإسلام»، بجانب إعادة نفس آليات التجنيد والاستقطاب التي تستخدمها في مصر، عبر الأنشطة الترفيهية، وحفلات الشواء، وكرة القدم، في محاولة لخلق مجتمع إسلامي مواز، ولكن ألمانيا أسقطت المشروع قبل أن يكتمل للنهاية.