نتنياهو «عاد لينتقم».. تهم الفساد تطارده في كل مكان.. ومحللون يتوقعون عدم استمراره في موقعه طويلا.. مازن الصافي: ترقبوا انهيار مبدأ الأرض مقابل السلام وتصفية القضية الفلسطينية
بطرق بهلوانية وأساليب التخويف من اليسار الإسرائيلي نجح رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وحزبه الليكود في تحقيق الفوز في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، في أشرس معركة انتخابية خاضها أمام تحالف الجنرالات الثلاثة «أزرق أبيض» الذي استطاع أيضًا أن يحقق نجاحًا في إرباك نتنياهو، وإن لم يتمكن هذا التحالف من تشكيل الحكومة، لتؤكد تلك الانتخابات أن التوجه العام الإسرائيلي بوصلته نحو اليمين المتطرف.
معارضة ضعيفة
وفي الوقت الذي تعالت فيه خلال الآونة الأخيرة أصوات معارضة لنتنياهو على خلفية تهم الفساد الموجهة ضده فإن نتائج الانتخابات أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن معارضته ضعيفة جدًا، حتى وإن ظهرت بعض الأصوات المعارضة له، والتي وجهت له سهام النقد في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، متوقعة أن تكون حكومته المقبلة هي الأسوأ في تاريخ إسرائيل مثلما قال الكاتب الإسرائيلي، عوزي برعام، في مقال نشر في صحيفة «هاآرتس» العبرية.
وأضاف أن نتنياهو ربما لن يستطيع أن يستمر في الحكم، في ضوء تهم الفساد الموجهة ضده، فيما نشر الملحق الاقتصادي للصحيفة «ذا ماركر» تقريرًا أكد فيه أن نتنياهو تجاهل وتخلى عن الاقتصاد الإسرائيلي خلال العقد الأخير الذي تولى فيه الحكم، كما أن هناك مخاوف خطيرة من أن إسرائيل ليست مستعدة لمواجهة تحديات العقد المقبل.
صحيفة «معاريف» العبرية، أيضًا أكدت أنه كان من الضروري بالنسبة لنتنياهو أن يفوز في الانتخابات الحالية، من أجل تنظيف كل ما تركه وراءه، في إشارة إلى تهم الفساد التي لاحقته خلال الفترة الأخيرة، والتي لم يتم البت فيها بعد، فيما ذكرت مجلة «كالكليست» العبرية، أن التحالف الضيق الذي يعتزم بنيامين نتنياهو تشكيله لخدمة رفاهيته الشخصية سيخدم نتنياهو، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن سيناريو تشكيل ائتلاف يميني متطرف يعني تجربة مرعبة على مستقبل الدولة.
مستوطنة جوش دان
كما يشير الإعلام الإسرائيلي إلى أن هناك شريحة ليست قليلة من الإسرائيليين غير راضية عن حكم نتنياهو، خاصة سكان مستوطنة «جوش دان»، موضحًا في الوقت نفسه أن هذه الشريحة تتمتع بمزايا حكم نتنياهو، وربما أكثر من غيرها، مع العلم أنها لا تعارض سياسته تجاه الفلسطينيين، ولا يزعجها ارتباطه بالقوى الفاشية في جميع أنحاء العالم، ولكنها تعارض زوجته سارة نتنياهو أكثر من نتنياهو نفسه، وتشعر بالصدمة إزاء الأسلوب المبتذل الذي يسيطر على إسرائيل، وبالطبع، فإنها غاضبة من فضيحة الفساد التي كشفت خلال فترة ولايته الأخيرة.
وكلام الإعلام الإسرائيلي يؤكد بالفعل أنها ليست معارضة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإنما من الممكن أن ترقى لمستوى الخلافات في وجهة النظر، وخاصة أنهم يوافقونه في سياساته الإجرامية تجاه الفلسطينيين وقضيتهم، ويضيف الإعلام الإسرائيلي أنه بما أن نجاح نتنياهو يتناسب مع الموجة اليمينية في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة فإن هزيمته لن تكون ممكنة إلا من خلال تغيير الظروف الدولية، موضحًا أن هناك بالطبع، فرصة معقولة لإجبار نتنياهو على الاستقالة، عندما يتم تقديم لائحة الاتهام ضده، لكن هذا أيضًا لن يؤدي إلى تغيير سياسي أساسي في إسرائيل، وليس أمام المعارضين لأيديولوجية حكومة نتنياهو سوى الأمل في هزيمة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الولايات المتحدة وانتصار الحزب الديموقراطي، موضحًا أن مثل هذا السيناريو، من الممكن أن يجعل الواقع السياسي الذي يزدهر فيه نتنياهو يتغير بالكامل.
القضية الفلسطينية
دكتور مازن صافي الكاتب والمحلل الفلسطيني، أكد في حديث لـ«فيتو» أنه بنظرة عميقة لمنهجية الليكود اليميني المتطرف، واعتلاء الليكودي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على القمة في الانتخابات الإسرائيلية فإن هذا يعني ترجمة الرضا الإسرائيلي حول مواقف حكومة نتنياهو السابقة من القضية الفلسطينية والدول العربية والعلاقة مع روسيا وأمريكا، بحيث ظهر نتنياهو في الأسابيع الأخيرة الفائز بهدايا ثمينة منها موافقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على استكمال ضم إسرائيل للجولان، وإعادة روسيا لجثة الجندي الإسرائيلي الذي قتل في ١٩٨٢، وبالتالي فإن هذا أحدث رضا نوعيا لدى الجمهور الإسرائيلي، وضعفا في برامج الأحزاب اليسارية بجانب تفتت القائمة العربية الموحدة، وعزوف العرب عن المشاركة الفعلية والمؤثرة.
دكتور «مازن» أضاف أن ما سبق يعني أن المعارضة ضد نتنياهو ضعيفة وغير مؤثرة، كما أن الناخب الإسرائيلي اختار العنصرية والأبارتايد وقانون السيادة وضم التجمعات والكتل والمستوطنات الاستعمارية، وإنهاء كل ما له علاقة بالعملية السياسية، ونتنياهو من جانبه، سيعمل على ضم أحزاب أكثر تشددًا ليبدو أنه وسطي معتدل.
وتابع أن قضايا الفساد المعروفة والموجهة ضد نتنياهو هي ثلاث قضايا رئيسية لن تتأثر بإعادته رئيسًا لحكومة جديدة، ولكنه سيعمل على تفريغ القضايا من زخمه، وربما تستمر بصورة إعلامية أكثر منها إجرائية، وسيعمل على الرضوخ لمطالب المجتمع الإسرائيلي، ورفع وتيرة التطرف الاستيطاني وعزل القدس، وانتهاك السلطة الفلسطينية وتهديد قطاع غزة.
وتابع أنه سيرفض كل ما يتعارض مع ما وعد به الناخب الإسرائيلي، وهو يجاهر برفض صفقة القرن الأمريكية، وأنه أجبر على بنود وصفها ترامب بالمفاجأة، وحتى إن دخل في مواجهة مع ترامب، وهذا عمليًا غير وارد، لأن صفقة القرن هي ترجمة لسياسة الأمر الواقع المتبعة إسرائيليًا، وأخيرًا فإن المؤيدين لنتنياهو سيعملون على دعم سياسته، والتي ستكون أكثر تطرفًا مما ظهرت في السنوات الماضية، وختم قائلًا: إن ولاية جديدة لنتنياهو في ظل وجود ترامب، تعني أنه لم يعد هنا وجود لمبدأ «الأرض مقابل السلام»، أو تطبيق الشرعية الدولية على أساس القرارين 242 و338، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية.