رئيس التحرير
عصام كامل

مصر في دائرة النار !


ليس حديثا عن فوبيا المؤامرة، وليس ردا على هؤلاء الذين تجري على ألسنتهم مقولة (هو كل حاجة تحصل تبقي مؤامرة وإخوان)، ولا ردا على هؤلاء الذين يمارسون التضليل والتعمية على الناس عندما يقولون (كيف نعتبر أمريكا والغرب أصحاب مؤامرة على المنطقة العربية ونحن نقيم علاقات سياسية واقتصادية معهم، وكثيرا ما نسبح بحمدهم وشكرهم.. بل ونهرول إليهم)!


الحقيقة أن هؤلاء وهؤلاء هم شركاء في المؤامرة، وتروس تدور في آلاتها، وعندما يفقدون صلاحيتهم يتحولون إلى (كُهنة) تباع بأرخص ثمن أو تلقى في مكب النفايات بعد أن تكون أدت دورها!

بعيون لا تخطئ رؤية الواقع، وبصيرة تقرأ بعقل وقلب ما يجري على المنطقة كلها شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا من تداعيات أحداث تؤثر –شئنا أم أبينا– على مصر، وتضعها داخل دائرة النار.. بل في مرمى نيران من يحاولون عرقلة مسيرتها ووقف مشروعها التنموي والحضاري!

شركاء المؤامرة دائما يستخفون بالتحديات التي تواجه الوطن من الخارج والداخل، ولا يريدون أن يؤمن أحد بذلك لأنه ليس في صالحهم رغم أن طوق النار الذي يحيط بمصر يزداد اشتعالا.

* في الشمال تزداد التحديات في منطقة شرق المتوسط بسبب الغاز وحقوقنا الكبيرة في مياهنا الاقتصادية، ويزداد الصراع حول أحقية دول المنطقة من هذه الثروة البازغة التي تعيد ترتيب خريطة الغاز في العالم وبينها الكيان الصهيوني، العدو الأساسي لنا وللمنطقة كلها، وهذا يستلزم من مصر -بالضرورة– اليقظة والانتباه وتعظيم قوتها العسكرية والبحرية لمواجهة الخطر القائم عند اللزوم.

* في الجنوب حيث تزداد صعوبة الأمر في السودان، ويمكن في أي لحظة ينفلت الوضع وتعم الفوضي، وتفقد الحكومة المركزية السيطرة فتكون حدودنا الجنوبية منفذا ومعبرا للنازحين أو الخارجين على القانون أو فرصة سانحة لدخول عناصر إرهابية تستهدف التخريب والقتل، وبين رغبة مصر أن تظل السودان دولة وطنية عصية على التقسيم والتفتيت بعد تجربة فصل الجنوب، وبين موقفها الثابت في عدم التدخل في شئون الغير وحق الشعب السوداني في مطالبه المشروعة كيفما يراها.. تظل حدودنا الجنوبية على صفيح ساخن مما يستلزم أيضا اليقظة والانتباه أمنيا وعسكريا لمواجهة الخطر القائم أو أي تغيير مفاجئ في الموقف.

* في الشرق وعلى حدودنا مع الكيان الغاصب ورغم اتفاقية السلام بيننا وبينه إلا أننا ندرك جيدا أن إسرائيل لا يسرها أن يكون لدينا جيش قوي قادر ومسلح بأحدث أسلحة الحروب الحديثة يحقق الردع ويحقق النصر إذا دعت الضرورة، وقد قالها صراحة رئيس وزراء الكيان الصهيوني (لن نسمح لجيراننا أن يمتلكوا القدرة على النصر علينا مرة أخرى )، ويقصد تحديدا مصر بعد أن سقطت وتشرذمت الجيوش العربية حولها بفعل ثورات الربيع العبري..

وأضف إلى ذلك حالة الانقسام التي يعاني منها الفلسطينيون، وحالات المراوغة التي تمارسها سلطة حماس في قطاع غزة في الصلح أو في المناوشات مع إسرائيل لأهداف خاصة بهما سواء بالاتفاق أو بدون.. الأمر الذي يستنزف جهدا كبيرا من مصر، ويقظة واستعداد للخطر القائم في أي لحظة خصوصا والمنطقة مقبلة على تطور غير معلوم في قضية الصراع العربي الإسرائيلي وما يطلق عليه صفقة القرن !

* في الغرب.. الوضع واضح للعيان.. بعد أن حول الغرب وأمريكا ليبيا بؤرة متجددة للإرهاب بفرض حظر تسليح على الجيش الوطني الليبي الذي طهر الغرب والجنوب من الإرهاب وفرض سيطرته عليهما في الوقت الذي يسمح بتزويد الميليشيات الإرهابية في شرق ليبيا بالسلاح، ويغض الطرف عن شحنات السلاح التي تدخل من البحر والجو من تركيا وقطر لهم !

وحسب رئيس الشرطة الجنائية الدولية، "يورغن ستوك" الذي نبه إلى أن أوروبا تواجه موجة جديدة من الإرهاب بسبب عودة المتشددين من نقاط الصراع، وأن الإنتربول لديها قاعدة بيانات حول 45 ألف متشدد وأن تحديد مكانهم ما يزال تحديا بالنسبة لهم وقال إن المقاتلين يشكلون خطرا لأنهم راكموا تجربة ميدانية في القتال، وتدربوا على الأسلحة كما أنهم مرتبطون بشبكة دولية من المقاتلين لاسيما أن نحو 100 جنسية التحقت بأرض المعركة، وبعد تصريحات ترامب وقادة دول أوروبا عن رفض دخول الدواعش من جنسيات أمريكية وغربية إلى بلادهم، فإن هذا يعني ببساطة أن الملاذ الآمن للدواعش والإرهابيين هو ليبيا، لذلك نري تحرك الجيش الوطني الليبي تجاه الشرق لتطهيره من قواعد داعش والقاعدة والإخوان.

وبما أن حدودنا مع ليبيا تصل إلى 1200 كيلو تحتاج إلى يقظة وانتباه وتكلفة حماية وتأمين باهظة فإن موقفنا لا بد أن يساند موقف الجيش الوطني الليبي.. لأن ليبيا إذا كانت مخزنا أو مركز تجميع فإن الهدف هو مصر بلا شك، لذلك فإن اليقظة والانتباه للخطر القائم ضرورة وواجب.

بلا تهويل أو تضخيم.. مصر في دائرة الخطر لسنوات قادمة وعلينا الانتباه واليقظة، وكل من يقول عكس ذلك هو من وكلاء الفتنة وصناع المؤامرة وأعمي البصر والبصيرة، وسوف تنجو مصر بإذن الله.. فهل نامت أعين الجبناء؟!
الجريدة الرسمية