"عبد الناصر" و"السيسي" في كوناكري!
هنا كوناكري.. هنا عاصمة غينيا.. هنا بلد زعيم أفريقي كبير أحبته الشعوب الأفريقية والعربية؛ لأنه وقف معها وسار على خطى صديقه الأعز الذي سبقه إلى دار الحق "جمال عبد الناصر".
هنا بلد "أحمد سيكتوري"، الذي رحل عام 1984، وهو العام نفسه الذي يُطلق اسم "جمال عبد الناصر" على الجامعة التي تحمل اسمه منذ هذا التاريخ.. لم يسمونها باسم زعيمهم الراحل، ولا رئيس مصر وقتها.. ربما كانت وصية من "سيكتوري"، وربما كانت تكريما لمن وقف إلى جانب غينيا في تحررها ثم تنميتها.
لكن المؤكد الحقيقي، أنه بلد يحفظ للناس أقدارهم ومكانتهم، وشعب أصيل لا يتنكر لمن قدم له شيئا، ولا ينكر للآخرين ما قدموه.. وإن كان ذلك كذلك سيكونون على حق، عندما يطلقون اسم الرئيس "السيسي"، على مبنى داخل الجامعة لأنهم يشعرون بما يقدم لهم، ويُجرى معهم منذ خمس سنوات، وكتبنا قبل فترة عن زيارة المهندس إبراهيم محلب إلى هناك، وكان مسئولا عن ملف أفريقيا!
"السيسي"، والرئيس الغيني "ألفا كوندي"، يرفعان الستار عن تمثال عملاق لـ"جمال عبد الناصر".. يشعر الرئيس بالزهو، زعيم سابق لبلاده وقائد ثورتها الأم، محل تقدير إلى اليوم، رغم مرور نصف قرن على رحيله، ويتأكد أن أفريقيا أرض طيبة تثمر ثمرا طيبا، كلما ألقينا فيها بذور الخير.
هكذا تقول بلاد أخرى، يذكرون ويتذكرون "جمال عبد الناصر"، بكل الخير، كلما جاءت سيرة مصر أو العرب أو حتى دون أن تجئ!
تبقى ملاحظات أساسية منها وأهمها على الإطلاق، أن الرئيس "السيسي"، في كوناكري، كأول رئيس مصري يزورها بعد "جمال عبد الناصر"!!
أكثر من نصف قرن مضى، دون أن يهتم رئيس مصري واحد بزيارة بلد مهم، يقع في منطقة مهمة، في قارة اعتبرناها أمنا قوميا مصريا عربيا خالصا.. وبالتالي فعندما طالبنا بالحساب السياسي، وليس الجنائي لكل من فرط في حقوق ومصالح مصر وشعبها في أفريقيا وأهملوها وأهدروها وقدموها هدية للعدو الإسرائيلي.. كنا على حق!
وأخيرا.. أراد الرئيس - وهو يصحح أخطاء خمسين عاما - أن يذهب لواشنطن بزخم سياسي هائل.. أما زيارته لواشنطن ذاتها، وهي الأهم على الإطلاق، فلها وحدها إن شاء الله مقال مستقل وربما أكثر!
الزعماء الكبار لا ينساهم التاريخ أبدا.. ودائما سيرتهم أكبر بكثير من المدعين، ومزوري التاريخ وجهلاء التاريخ والجغرافيا والسياسة أيضا!