ما بنى على باطل فهو باطل
لقد شاب الدستور الصادر فى ديسمبر 2012 الكثير من العوار القانونى وكذا الكثير من الأخطاء التى شابت عملية الاستفتاء عليه مما يبطل الدستور طبقا للقاعدة القانونية "كل ما بنى على باطل فهو باطل"، ونستعرض الأوجه القانونية التى تبطل الدستور على النحو التالى:
أولا: إن الجمعية التأسيسية التى كلفت من قبل مجلس الشعب المنحل باطلة،
إذ إن تلك الجمعية قد تم تشكيلها من قبل مجلس الشعب المنحل والذى قضت المحكمة
الدستوريا العليا ببطلانه، ومن ثم فإن تشكيل الجمعية التأسيسية على النحو السالف
بيانه يكون باطلا دستوريًّا، وكل ما بنى على باطل فهو باطل، ومن ثم فإن البطلان
يشوب الدستور الصادر فى ديسمبر 2012 طبقًا لما ذكرنا.
ثانيًّا: إن نتيجة الاقتراع على مسودة الدستور قد جاءت مخالفة لنص
المادة 60 من الإعلان الدستورى الذى تم الاستفتاء عليه فى 19 مارس 2011 وتمت
الموافقة عليه فى 20 مارس 2011، والصادر بموجبة الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011
والذى يلزم الجهات المعنية بالعمل به حتى موافقة الشعب على الدستور الماثل والصادر
فى ديسمبر 2012، فقد تضمنت الفقرة الأخيرة من نص المادة سالفة الذكر أنه (يعمل
بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء)، وموافقة الشعب عليه
تعنى نصف عدد المقيدين بجداول الانتخابات زائد 1، ولما كان عدد الناخبين 52 مليون
ناخب ومن ثم فإنه يشترط لصحة الدستور وإقراره موافقة 26 مليون ناخب زائد 1، ولما
كانت نتائج الاستفتاء قد انتهت بأن عدد الناخبين الذين أدلو بدلوهم على مسودة
الدستور الماثل ممن قالوا "نعم" وقالوا "لا" ما يقرب 16 مليون
ناخب أو يزيد، ومن ثم يكون عدد من أدلوا بأصواتهم على الدستور لم يبلغ العدد
المقرر قانونًا وفقًا لنص المادة 60 من الإعلان الدستورى سالف البيان، ومن ثم تكون
النتيجة النهائية لعملية التصويت على الدستور قد شابها البطلان وجاءت مخالفة للشرعية
الدستورية، ولا يقدح فى ذلك ما جرى عليه نص المادة 225 من الدستور الماثل، والتى
تضمنت أنه يعمل بالدستور من تاريخ موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء و ذلك بأغلبية
عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء، والمفهوم من نص المادة سالفة الذكر
ان هذا الدستور لا يطبق إلا بعد نتيجة الاستفتاء، ومن ثم فإن الاستفتاء على هذا
الدستور الصادر فى ديسمبر 2012 لا تنطبق عليه المادة سالفة الذكر، وإنما وجوبًا
يجرى الاستفتاء عليه وكذا نتيجة الاستفتاء طبقًا لنص المادة 60 من الإعلان
الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، ومن ثم فإن تطبيق نص المادة 225 من الدستور
الماثل على نتيجة الاقتراع عليه يعد مخالفًا للقاعدة القانونية، وهى أنه لا يجوز
تطبيق النصوص الدستورية والقانونية إلا على الوقائع اللاحقة لصدوره، وبشأن ما
انتاب عملية الاقتراع على الدستور الماثل من تجاوزات وخروقات تم رصدها بمعرفة أجهزة
رقابية عدة، والتى تمثلت فى أن أكثر من لجنة فرعية تم الإشراف عليها بمعرفة قاض
واحد، و هذا مخالف للشرعية الدستورية التى جرى عليها العمل من قبل وهى قاعدة قانونية
دستورية أصدرتها المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها الدستورية السابقه، وهى
قاعدة قاض لكل صندوق كما أن الأجهزة الرقابية قد رصدت أن بعض اللجان الفرعية لم
يكن المشرفون عليها قضاة إنما كانت عناصر ـخرى غير القضاة، وهذه الأخطاء والتجاوزات
التى انتابت عملية الاقتراع على الدستور الماثل قد تقدمت جهات عديدة بالإبلاغ عنها،
وتتولى الجهات المعنية التحقيق ولو ثبت صحة تلك البلاغات لأبطلت عملية الاقتراع وعصفت
بالدستور الماثل برمته.
وفى النهاية نختم قولنا بقول الحق سبحانه و تعالى: "وإذا قيل لهم
لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون". صدق الله العظيم.