رئيس التحرير
عصام كامل

ليبيا وخطة "حافة الهاوية"!


نحن في مصر ومعنا كل عقلاء العرب وأحرار ليبيا نريد وحدة ليبيا وتحريرها من الإرهابيين.. والسؤال: هل الإرهابيون هناك في ليبيا صدفة؟ أم أنهم جزء من مخطط كبير وضع تصوراته للمنطقة كلها وليبيا جزء منها؟


بالطبع الإرهابيون هناك برضاء دولي تدعمه دول عظمي وكبري، وأخرى صغرى وتابعة، ووكلاء عن هؤلاء وأولئك.. وبالتالي فقرار -مثلا- حظر بيع السلاح أو منع تسليح الجيش الليبي الوطني لا يعني إلا ضمان تسليح هذه المليشيا الإرهابية وحدها.. وللأسف وقعت ليبيا في مخطط شرير رسم بعناية فائقة لا يمكن أن يتصوره أحد..

فالكتلة السكانية الكبرى تقع في الغرب، وفي نطاق طرابلس العاصمة، ومعها مؤسسات الدولة، بينما الكتلة الأكبر من حقول النفط تقع في الشرق حيث قوات حفتر!!.. وبينما كان التصور أن تقسم ليبيا إلى أقاليمها السابقة في طبرق وطرابلس وفزان إلا أن هذا لا يمكن أن يتم دون قوي على الأرض تحمي أي نفوذ يتم تقسيمه..

ومن هنا استبدلت الخطة بتقسيم الساحل نفسه، حيث يعيش غالبية الليبيين.. فصارت ليبيا ودون رغبة من أهلها مقسمة الفترة الماضية دون أن يشعر أحد.. ودون الاعتراف بذلك.. فثلاث قوى رئيسية لها نفوذ كبير.. حفتر ومصراتة وطرابلس.. مصراتة وطرابلس حلفاء لكن من حين لآخر تقفز الخلافات على السطح..

لكن لكل من هؤلاء الثلاثة مناطق نفوذ وقوات مسلحة وقوات أمن داخلي!!

وماذا تبقي إذن ليستقل كل منهم بنفسه؟!.. وإذا أضفنا اعتراف دول بكل منهم أدركنا أننا أمام تقسيم فعلي جري، وهذا التصور السابق كتبناه وحذرنا منه منذ عامين تقريبا.. ومن دون إشغال القارئ العزيز بتقسيم القوات والمليشيا وتحالفاتها ومعها قبائل ليبيا الموجودة في كل مكان، إلا أننا وللتبسيط الشديد نقول إن زحف الجيش الليبي إلى طرابلس تم توقعه منذ سيطر المشير حفتر على درنة..

لكن اقتحام طرابلس لا يقارن بدرنة على الإطلاق حيث المجموعات هناك أكثر عددا وأفضل تسليحا.. وبدأت الحرب الإعلامية ضد حفتر مبكرا كما فعلت في درنة وما أشيع عن انتهاكات وغيرها.. والقلق الذي برز على عدة دول أمس مثل بريطانيا وتركيا ومعهما قطر تؤكد انتفاض المعسكر الداعم لتقسيم ليبيا ببطء..

بوضع بذور تقسيمها مبكرا، ولذلك هذه القوى لن تسمح بإفشال مشروعها وما أسسته السنوات السابقة.. ومنذ صباح الأمس وتوقعنا اللجوء لمجلس الأمن، وفي مجلس الأمن لا نتوقع فيتو روسي أو صيني ضد أي مشروع بريطاني أو أمريكي، فروسيا والصين لا يستطيعان تحمل مسئولية الموافقة على حرب شاملة في ليبيا، وخسائرها، كما أنهما وافقا سابقا على قرارات حظر التسليح!

السؤال: هل المشير حفتر لا يعرف كل ذلك؟ بالطبع يعرف.. إذن ماذا يريد من إعلانه انطلاق الزحف إلى طرابلس؟!
اعتقادنا أنه يريد الوصول بالأمور إلى حافة الهاوية ليضرب أكثر من عصفور في ووقت واحد.. يقول للعالم نحن هنا مع تزايد الاهتمام بسيف الإسلام القذافي.. كما أنه يريد تحريك الأمور هناك حتى لا يستقر المخطط السابق.. كما أنه يريد اعترافا دوليا أكثر وضوحا بدوره هناك..

السؤال أيضا: هل هذا واقع نهائي وهو قدر ليبيا لا يمكن تغييره؟
لا.. ليس قدر ليبيا لكن استعادة ليبيا يحتاج إلى جهود كبيرة جدا، منها دعم أكثر للجيش الليبي، وخطط أخرى منها تفجير الأوضاع من داخل طرابلس ومصراته ذاتهما، والرهان على تناقضات الفرقاء بهما على غرار ما فعلت سوريا من الاستفادة من اقتتال كل الفصائل بها، بينما تفرغ الجيش السوري لتحرير المدن من الإرهابيين.. كما يحتاج الأمر إلى خلخلة في الموقف الدولي أيضا.. أما الحديث عن انتخابات ديمقراطية مع وجود السلاح في كل مكان فهو عبث ما بعده عبث!
الجريدة الرسمية