رئيس التحرير
عصام كامل

«كريسبر».. مشروع إنتاج إنسان «خارق».. عالم صيني يعلن عن اكتشافه بـ«المقص الجزيئي»..السلطات تزعم وقف التجارب.. «نيويورك تايمز» تكشف قائمة الدول التي تجري تجارب ل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تكنولوجيا «تعديل الجينات».. واحدة من التجارب التي فرضت نفسها على الأحاديث العامة، لا سيما بعد إعلان عالم صيني يدعى جيان كوي، في نوفمبر الماضي، أمام قمة للجينوم في هونج كونج تعديل جينات توءمتين لحمايتهما من الإصابة بفيروس الإيدز.


ما أعلنه العالم الصيني أثار موجة غضب ضده، خوفا من استعمال تلك التكنولوجيا لأغراض أخرى، كما وصفها العلماء بأنها فتحت أبواب الجحيم حول التلاعب بالجينات، واصفين إياها بأنها غير أخلاقية وجنونية، لتزعم بعدها الصين عن وقف نشاط ذلك العالم، بسبب خطورة ما قام به، إلى جانب إعلانها حظر كل الأبحاث العلمية المتعلقة بتغيير الجينوم البشري، وبعدها يختفي «كوي» في ظروف غامضة.

تعديل جينات
علميًا.. يتم تعديل الجينات بدءً من البويضة عن طرق تعديل الحمض النووي لها، عبر إضافة مكونات لها أو اقتطاع جزء منها، ففي تجربة العالم الصيني، تم استخدام «مقص جزيئي» لتعديل نوع معين من الحمض النووي، إما عن طريق قطعه أو استبداله أو تغييره، أما في ظروف أخرى يتم حقن البويضة بمواد كيميائية تساعد على تغليب جينات على أخرى مثل القوة أو الذكاء أو القدرة على التحمل، وبعدها يتم تخصيبها وزرعها في الأم.

المثير في الأمر هنا أن أبحاث «تعديل الجينات» لم تتوقف على الجانب الصيني فقط، بل دخلت أمريكا ومن بعدها إسرائيل وبريطانيا هي الأخرى حقل التجارب، وذلك حسب ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عن أن تلك الأبحاث تتم بالفعل، موضحة أن أطباء الخصوبة في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، عدلوا الجينات لميلاد أطفال يحملون جينات 3 أفراد، بدلا من الأب والأم فقط، وقال أحد هؤلاء الأطباء في 2011، إنهم ينتجون تلك البويضات في مصانع مصغرة تسمى «الميتوكوندريا»، وكل ميتوكوندريون يحمل مجموعة صغيرة من الجينات، موضحا أنه يتم إزالة الكروموسومات المخصصة للتفاعل مع الأمراض من الحمض النووي للبويضة، من أجل خلق أطفال أصحاء تماما لا تتمكن الأمراض من اختراق أجسادهم مطلقا، وبينت الصحيفة أن هناك العديد من الأطفال الذين ولدوا بالفعل وهم يحملون تلك الجينات.

البنتاجون
يذكر هنا أنه في 2014، أشار أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي، إلى أن هناك تجارب مخالفة تتم بوزارة الدفاع (البنتاجون) من أجل تعديل الجينات البشرية، مطالبًا بوضع قانون يمنع تلك التجارب، ليتم إقرار تشريع في 2016، ينص على منع الحكومة الفيدرالية حتى من النظر في العلاج باستبدال الكروموسومات.

ولكن ما سربته التقارير بعد ذلك يوضح العكس، فذكر معهد جلوبال سيرش، أن عالم يدعى «هي» وهو أستاذ مساعد في الجامعة الجنوبية للعلوم والتكنولوجيا في مدينة شنتشن الصينية، حذر من أن هناك تكنولوجيا جديدة تدعى «كريسبر» تستخدم لتغيير الحمض النووي للأجنة البشرية، عن طريق قص الجزء غير المرغوب فيه من الحمض، وإضافة مواد كيميائية أخرى تجعل الجينات أفضل، موضحا أن هناك تجارب سرية بأمريكا والصين لإنتاج جينات لأطفال لا يشعرون بالألم أو لديهم قوة وذكاء خارقين، وعبر عن تخوفه من استخدامهم لأغراض سياسية، ولكن تم توجيه انتقادات شديدة له وإدانته.

إسرائيل
ليس من المستغرب أن تحاول إسرائيل تطوير تلك التكنولوجيا، فهي تتماشى مع الادعاء بأنهم «شعب الله المختار» ويجب أن يكونوا مميزين في كل شيء، فذكرت صحيفة «ذا تايمز أوف إسرائيل» العبرية، أن تكنولوجيا تعديل الجينات بلغت مستوى كبيرا من التقدم، موضحة أنه يتم استخدام «تكنولوجيا الكريسبر» من أجل خلق أطفال خالين من الأمراض ولديهم قدر كبير من الذكاء.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن هناك تقنية جديدة قادرة على مساعدة الآباء في اختيار خصائص أطفالهم قبل ولادتهم بما في ذلك تعديل الأجنة لأسباب غير علاجية، مثل تحديد طول الشخص ولون الشعر والعين والبشرة وحجم الفم أو الأنف، عبر إضافة جينات لأشخاص غرباء غير الأب والأم للحمض النووي للجنين.

كما أوضحت الصحيفة أن تلك الأبحاث شهدت اهتماما كبيرا منذ عام 2012، عندما نجحت أول تجربة تم تنفيذها على 86 جنينا، نجا منهم 70، لافتة الانتباه إلى الآلية الجديدة التي تستخدم حاليا وهي «كريسبر كاس 9»، التي تمكن من تعديل أي نوع من الكروموسومات داخل الحمض النووي، مشيرة إلى أن تلك التجارب تتم تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية وكبار الحاخامات بدولة الاحتلال.

بريطانيا
بريطانيا أيضا، تجري تلك الأبحاث، ولكنه غير معلوم إلى أي درجة وصلت بها، وكشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن هناك تجارب سرية يجريها علماء تابعين للحكومة البريطانية، من أجل تعديل جينات الجيل القادم ليكون قادرا على مقاومة التحديات المستقبلية والفوز بالحروب التي سيشهدها العالم بعد ذلك، وبينت أن الأمر يتم تحت إشراف المخابرات البريطانية.

مخاطر تكنولوجيا تعديل الجينات عديدة ولا تحمد عقباها، فما شهدناه في أفلام الخيال العلمي حول صناعة جنود لا يشعرون وكل مهامهم تنفيذ الأوامر والقتل أو وجود أشخاص خارقين، بات حقيقيا بفضل تلك التكنولوجيا.

وفي هذا الإطار أكد مركز علم الوراثة والمجتمع الأمريكي، أن الجهود الرامية إلى هندسة الأجيال المستقبلية وراثيا غير آمنة وغير ضرورية طبيا ومدمرة بشدة للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، لأنها ستخلق جيل مختلف غير متساوي مع غيره، وذكر المركز أن الأمر سيشجع الحكومات على مر القرون لتسليح مواطنيها جينيا، ضد فيروسات قد تطلقها ضد دول أخرى أو استخدامهم في الحروب وإنتاج أسلحة مدمرة، أو قد تتحول تلك التكنولوجيا لتجارة ينتفع بها الأثرياء مقابل دفع الملايين للحكومات، مشددًا على ضرورة وجود رقابة دولية على تلك التجارب، تكون ملزمة لكل الدول مهما كانت قوتها.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية