كيف تنكر الإخوان لأحمد كمال أبو المجد؟
عن عمر ناهز الـ89 عاما، رحل الفقيه الدستوري والمفكر الإسلامي، أحمد كمال أبو المجد، الذي لم يمنعه توجهه الإسلامي، من الانضمام لدولاب الحكومات المصرية، وتولى أقوى تنظيم شبابي سياسي عرفته مصر خلال ستينيات بداية سبعينيات القرن الماضي، وتبقى علاقته بالإخوان والتيارات الدينية، أكثر ما يثير الجدل في مشواره الحافل.
نائب لرئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ووزير الإعلام والشباب، أمين شباب مصر، بالإضافة إلى العمل في المنصات الدولية، وأستاذ القانون العام بجامعة الكويت، وقاضٍ ورئيس المحكمة الإدارية للبنك الدولي في واشنطن، ثم العودة كمحام أمام محكمة النقض ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا بمصر وغيرها العديبد من المناصب تقلدها الراحل.
لم تقف محطات الرجل في العمل العام، وإن كانت أكثرها بروزا الانتماء إلى الفكر الإسلامي، من عضو بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إلى عضوية المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية بالمملكة الأردنية الهاشمية، والتقارب بدرجة ما مع الجماعات الإسلامية، التي رفعته عاليا بعد ثورة 2011، وكان ضيفا لأكثر من مرة على قصر الرئاسة، إبان حكم مرسي.
في عام 1991، ألف الدكتور أبو المجد مجلدا ضخما تحت عنوان «رؤية إسلامية معاصرة» صاغ فيه رؤيته للفكرة الإسلامية، ورغم اتهامه من بعض دوائر المثقفين بعدم أحقيته في لقب المفكر الإسلامي، بسبب عدم وجود مشروع فكري واضح له في هذا المضمار، إلا أن التيارات الدينية بأكملها كانت تنسبه إلى المشروع الإسلامي.
مع عزل جماعة الإخوان الإرهابية عن الحكم، اختار الرجل طريقا مختلفًا، يميل قليلا إلى الدولة المصرية ومؤسساتها، ثم سريعًا يعود إلى تبني حلول لا تتماس مع رؤيتها في كيفية التعامل مع جماعة خرجت على القانون والنظام العام.
تقارب أبو المجد من الرئيس السابق عدلي منصور، قدم له أكثر من مبادرة لإعادة احتواء الإخوان، بعد أحداث 2013، والمثير أن مبادراته لم تقبلها قيادات الجماعة في السجون، الذين تمسكوا بحلول صفرية، رغم العلاقة المتميزة بينهما، ولقاءاته المتعددة مع قيادات الجماعة والرئيس المعزول محمد مرسي، وإن كانت هذه اللقاءات لم تمنعه من توجيه نقد شرس للجماعة واتهامها بالتآمر على الدولة المصرية، في الوقت الذي رفض فيه أيضا، التماهي مع الدعوات الشعبية لعزلها عن السلطة، رغم تأييده لمطالب ثورة 30 يونيو.
قدم الفقيه الدستوري الراحل، عدة مبادرات لاحتواء أزمة الإخوان، آخرها مبادرة بالتعاون مع القيادي الإخواني المحبوس حاليا محمد على بشر، لإعادة إدماج الإخوان في الحياة السياسية والاجتماعية، والمثير أنها عندما لم تجد الصدى المناسب من الدولة، بعدما استنفدت الإخوان كل الفرص، تنكر محمد على بشر للمبادرة، وكذب أبو المجد وهاجمه، ليهدأ الرجل من بعدها، ويبتعد تماما عن الأضواء، ليرحل أمس عن الحياة، بما له وما عليه، والتاريخ دائما خير حكم بين الجميع.