رئيس التحرير
عصام كامل

"حق الغلابة".. خطة الحكومة لحماية المستهلكين من حيتان الأسواق.."المالية" تتحرك لمحاصرة التضخم.. وتوفير الدولار لاستيراد السلع الإستراتيجية.. والمجمعات الاستهلاكية:"مفيش نقص تاني في السلع"

فيتو

مع كل مرة تتحرك فيها الأجور والمعاشات، يعيش المواطنون حالة من القلق والترقب، خوفًا من بطش التجار الذين لا يفوتون فرصة واحدة دون استغلالها أسوأ استغلال، لمصلحتهم الشخصية، فيبتلعون أية زيادة محتملة، قليلة كانت أو كبيرة، في جيوبهم التي لا تمتلئ، وبطونهم التي لا تشبع.


يحدث هذا إذا ما تحرك الدولار إلى الأمام، أو تحركت أسعار الوقود، ومع تحريك الأجور والمعاشات، يبقى ارتفاع الأسعار بصورة عشوائية هاجسًا حاضرًا في أذهان القطاع الأكبر من المصريين.

ومع بدء العد التنازلى لقدوم شهر رمضان يتضاعف القلق، حيث يسئ المصريون التعامل مع أيام الصوم، ويستبدلون الهدف النبيل من تلك الفريضة إلى الاستهلاك المفرط في كل شئ، ما يدفع التجار إلى اقتراف ممارساتهم الاحتكارية في ظل غياب الأجهزة الرقابية المعنية، والاكتفاء بأداء كاريكاتورى لا جدوى لها ولا تأثير.

خلال هذا الملف.. نناقش هذه الإشكالية المتجددة: جشع التجار والتعامل الانتهازى مع أي متغير، دور الحكومة في المواجهة والتحدى، لا سيما مع اقتراب شهر رمضان، الدور الغائب للأجهزة المختصة بحماية المستهلكين.. وأخيرًا: سلاح المقاطعة وجدواه ومدى تأثيره..

تولى الحكومة اهتماما كبيرا في توفير السلع الأساسية بالسوق، حيث تقوم وزارة المالية بدور حيوى وكبير من خلال الموازنة العامة للدولة، حيث شهدت السنوات الماضية معدلات نمو كبيرة في دعم السلع الأساسية، حيث تشير الأرقام إلى أن شراء السلع والخدمات سجل في السنة المالية 2015/ 2016 نحو 35.7 مليار جنيه، وقفزت في السنة المالية 2016 /2017 إلى 42.5 مليار جنيه، بينما سجلت في السنة المالية 2017/ 2018 نحو 53.1 مليار جنيه.

والمتوقع أن تصل إلى 60.1 مليار جنيه بنهاية السنة المالية الحالية 2018/ 2019، والمتوقع أن تصل في السنة المالية المقبلة 2019/ 2020 نحو 74.9 مليار جنيه بمعدل نمو 24.6%، وتركز الموازنة العامة للدولة العام القادم على رفع كفاءة برامج دعم السلع، وبرامج الدعم النقدى من خلال البرامج الضمانية الموجهة للفئات الأولى بالرعاية، وتشمل برامج تكافل وكرامة وبرنامج الرعاية الصحية لغير القادرين، وبرامج القضاء على الفيروسات وإنهاء قوائم الانتظار للحالات الحرجة والعمليات الجراحية، بالإضافة إلى التأمين الصحى الشامل وتطوير المستشفيات القائمة، والعمل على رفع جودة الخدمات المقدمة وبرامج التغذية المديرية، ودعم المرأة المعيلة واشتراكات الطلبة على خطوط السكك الحديدية والمترو.

وراعت وزارة المالية دعم السلع الأساسية من خلال تثبيت الدولار الجمركى عند مستوى الــ16 جنيها وعدم تحريكه، بما يعكس جهود الحكومة في تدعيم شبكة الحماية الاجتماعية للمواطنين والشريحة الأكثر تضررا من الآثار الناتجة عن تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذي تنفذه الحكومة على مدار الثلاث سنوات الماضية، وعدم اتخاذ أي قرارات ذات آثار تضخمية على المواطنين، ويأتى ذلك الإجراء على عكس استيراد السلع غير الأساسية، والذي يتحرك فيه سعر الدولار الجمركى وفقا لحركة سوق الصرف، والذي تجاوز في الوقت الراهن الـــ 17 جنيها، ونص قرار وزارة المالية على استمرار التعامل بسعر الدولار الجمركى عند 16 جنيها بالنسبة للسلع التي تمثل أهمية إستراتيجية للصناعة الوطنية وعلى راسها المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والمدخلات ومنتجات الصناعات المغذية وحتى قطع الغيار.

وفى السياق نفسه تقوم البنوك المحلية بتدبير الدولار للمستوردين لاستيراد السلع خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وبدء موسم استيراد السلع الرمضانية، حيث قال مسئولون بالبنوك إن مصارفهم تقوم بتدبير الدولار للمستوردين بدون أي عواقب، وإن المصارف المحلية تستجيب لجميع مطالب تدبير النقد الأجنبي للمستوردين، لافتين إلى أن الفترة الماضية شهدت إقبالا على شراء الدولار لاقتراب شهر رمضان الذي تكثر فيه عملية استيراد السلع الرمضانية المعتادة.

من جانبه قال هانى عادل الخبير المصرفى: إن أكثر الفترات إقبالا على شراء الدولار من البنوك موسم رمضان لقيام المستوردين باستيراد السلع الرمضانية، وهو ما يجعل الطلب أكثر على الورقة الخضراء، مشيرا إلى أن البنوك حاليا لديها فائض دولارى، وتمويل العمليات الاستيرادية يتم بدون مشكلات، خاصة في الفترة الأخيرة التي لحقت قرار تعويم الجنيه، وأضاف أن البنوك قادرة على تمويلات أي عمليات استيرادية لشراء السلع من الخارج، لافتا إلى أن مصر فاتورة الاستيراد آخر عامين تراجعت بشكل كبير مع اعتماد المصريين على المنتجات المحلية بالتزامن مع غلاء بعض السلع التي يحتكرها بعض التجار.

من جانبه قال مصدر مصرفى مسئول بأحد البنوك المحلية: إن المصارف قامت في الفترة الأخيرة بفتح اعتمادات مستندية لمستوردين مع اقتراب شهر رمضان المبارك ،ولم يتم رفض أي طلبات من مستوردين فيما يخص تدبير النقد الأجنبي، وأضاف أن الطلبات على فتح اعتمادات مستندية ارتفعت في الأيام الأخيرة على استيراد السلع الغير أساسية، ولم يتم رفض أي اعتمادات لوجود فائض دولارى بالبنوك، وارتفع صافي الاحتياطيات الدولية خلال شهر مارس الماضي بقيمة 52 مليون دولار، لتصل إلى 44.112 مليار دولار بنهاية مارس، وسجل صافي الاحتياطات الأجنبية 44.06 مليار دولار في نهاية شهر فبراير الماضي، مقارنة بشهر يناير السابق، والذي سجل خلاله 42.616 مليار دولار.

مستوردون: 150 مليون دولار فاتورة مستلزمات رمضان!!


رحب مستوردون بدعوات المقاطعة للسلع غالية الثمن والتي تفوق قدرة المستهلك، متوقعين أن يشهد شهر رمضان المقبل حالة من الهدوء والاستقرار في حركة الأسعار.

وأشاروا إلى أن الفاتورة المبدئية لاستيراد مستلزمات شهر رمضان من السلع الأساسية وصلت إلى 150 مليون جنيه، في الوقت الذي قامت فيه البنوك بدورها على أكمل وجه ووفرت السيولة اللازمة من الدولار لتغطية تكاليف عمليات الاستيراد.

في البداية قال أحمد شيحة، الرئيس السابق لشعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية: إن هناك توافرا في الدولار لاستيراد السلع الخاصة بشهر رمضان القادم، ولم يكن هناك أي نقص في موارد العملة وتدبيرها للمستوردين لتوفير السلع الرمضانية للمواطنين خلال الشهر الكريم، والبنوك قامت بدورها في توفير الموارد اللازمة للمستوردين.

ونوه "شيحة" إلى أن الفاتورة الاستيرادية المبدئية لشهر رمضان تقدر بـ150 مليون دولار على أقل تقدير، تشمل: الياميش والمكسرات والمواد الغذائية المختلفة، وهناك بعض الإحصائيات غير الدقيقة تخرج عبر أشخاص غير مؤهلين ولا يعملون في السوق يتحدثون عن حجم الفاتورة الاستيرادية دون فهم حقيقى للموجود داخل الأسواق، والرقم غير شامل الفوانيس خاصة مع تراجع الطلب على استيرادها من الخارج في السنوات السابقة بسبب التشديد على منع استيرادها.

وبخصوص الدعوات المتكررة لمقاطعة بعض السلع، شدد "شيحة" على أن المقاطعة حق أصيل للمواطن، للقضاء على أي تجاوزات أو مغالاة أو جشع وانتهازية من جانب البعض.

وعما إذا كانت هناك عمليات احتكارية تمارس على استيراد الياميش أو السلع الرمضانية، أوضح "شيحة" أن هناك سلعا محدودة لا تخضع للإجراءات المعتادة، لذا كان هناك دائما قيود استيرادية تتمثل في المتابعة والفحص والصحة والزراعة، وغيرها من الإجراءات المفروضة عليها لضمان جودة استيرادها من الخارج، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف بعض المستوردين عن الدخول في مثل هذه الصفقات الاستيرادية، خشية عدم قدرتهم على الالتزام بالمواصفات المطلوبة لهذه السلع ورجوعها مرة أخرى مما يكبد العاملين فىها خسائر كبيرة جدا ودفع ارضيات وغرامات.

من جانبه.. ثمن أسامة جعفر، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، وعضو شعبة المستوردين، دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمواطنين بمقاطعة السلع التي تزيد أسعارها بشكل مبالغ فيه، مشيرا إلى أن الدعوات الرئاسية لمقاطعة شراء السلع المرتفعة تساهم في تحقيق الاستقرار في الأسعار.

وأعرب "جعفر" عن أمنيته في أن تلقى هذه الدعوات صدى عند عموم المواطنين بمن فيهم القادرون، لإعادة الانضباط مرة أخرى داخل الأسواق، منوهًا إلى أن الدعوات الخاصة بالمقاطعة حققت صدى غير عادى داخل السوق المحلى، وخاصة في مجال السيارات، وحملة مثل "خليها تصدى" تسببت في تراجع أسعار بعض السيارات الفارهة بما يقارب 100 ألف جنيه، واستمرار الحملة على أرض الواقع ومع اقتراب دخول موديلات جديدة من السيارات للسوق المصري في يونيو القادم فإن أسعار السيارات سوف تهوي وتكون في أدنى معدلاتها، والحملات الأخرى لمقاطعة شراء السلع في الدواجن نجحت هي الأخرى في تحديد سعر الدواجن في الأسواق عند 27 جنيها في السوق المحلي، فالمقاطعة تنجح دائما في ضبط السوق المحلى.

وأوضح أن الحكومة تسير في خطوات تطور كبيرة، وخاصة مع تدشين المزارع السمكية والأراضي الزراعية، وتحتاج إلى مهلة حتى يكون هناك وفرة في المعروض من السلع داخل الأسواق، نتيجة لهذه التوسعات في السوق المحلي، والدورة الزراعية تستغرق على الأقل ثلاثة شهور حتى ظهور الإنتاج، الأمر الذي سيؤدى إلى توافر السلع بشكل مستمر داخل الأسواق، والقرارات الخاصة بمنع الاستيراد ساهمت في زيادة القيمة الخاصة بالمنتجات المحلية، صحيح أن الأسعار زادت بنسبة ما.. إلا أن الفترة القادمة متوقعة لها الاستقرار.

وعن توقعاته للأسعار خلال الفترات المقبلة، قال "جعفر": اتخذنا الكثير من القرارات المقيدة للاستيراد طوال الفترة الماضية، ويجب تحويل العاملين في المجال الاستيرادي إلى المجال التصنيعي، وهو ما يتم على مستوى القاهرة والمحافظات لتدعيم هذا الاتجاه، وتعظيم الصناعة المحلية واستبدالها المستورد بالمنتجات محلية الصنع، وهناك اتجاه لزيادة القدرة التصنيعية بشكل كبير على مستوى المحافظات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وزيادة المكونات التي تدخل في الصناعة المحلية بدلا من استيرادها، وهو ما سيكون له تأثير واضح على الأسعار ويضمن لها الثبات والاستقرار.

وبخصوص الدور الرقابي الغائب، شدد "جعفر" على أهمية قيام الأجهزة الرقابية، مثل: "جهاز حماية المستهلك" ودورها في ضبط إيقاع السوق وكبح جماح جشع التجار، وعدم المغالاة في الأسعار، خاصة في ظل التنافس الشديد داخل الدولة بين التجار لخدمة وإرضاء المستهلك في النهاية، وغياب المنافسة هي السبب في ارتفاع الأسعار في السوق نتيجة تحكم عدد محدود في السلعة والسيطرة والاستحواذ عليه، بينما تضمن المنافسة استقرار السعر دون الحاجة إلى وجود رقابة.

وعن توقعاته لحركة الأسعار خلال شهر رمضان، رجح "جعفر" أن تكون هناك حالة من الهدوء والاستقرار، وقد تصل إلى التراجع النسبى في أسعار بعض السلع المهمة.

"نقلا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية