رئيس التحرير
عصام كامل

مذكرات موسى صبري (8)


"موسى صبري" و"مصطفى شردي" ومعركة الوفد الأولى..

في الحلقة الأخيرة من مذكرات "موسى صبري"، نجده يتحدث عن علاقته بجريدة الوفد، وتحديدًا برئيس تحريرها "مصطفى شردي"، ويحاول "موسى صبري" تصوير ما قام به تلميذه «شردي» خيانة صحفية، لا أعلم لماذا لم ينظر بتلك النظرة إلى حديثه هو عن أستاذه "مصطفى أمين"، وهل الاختلاف والحملات الصحفية تخضع لمعايير التلميذ والأستاذ، بل والأهم لماذا يرسم "موسى صبري" صورة «المُحسن» على "مصطفى شردي".


نعود للمذكرات ويقول "موسى صبري" «الموقف من صحيفة الوفد مرتبط بـ"فؤاد سراج الدين"، وكان "أحمد أبو الفتح" كتب مقالا في الأخبار تحدث فيه عن "سراج الدين" قبل تأليف المنابر ورددت عليه بمقال استنكرت فيه الإشادة بمبادئ "سراج الدين" قبل الثورة ورويت العديد من وقائع إفساد الحياة السياسية وقلت إنني لا أقبل أن يعود هذا الوجه القبيح إلى السياسة المصرية ورفع "سراج الدين" دعوى ضدي وقضت المحكمة ببراءتي، وزرته بعد ذلك بعد وساطة "سعد عبد النور" وفي فرح ابنتي دعوته هو و"مصطفى شردي" الذي جاءني حاملا اعتذار "سراج الدين" بسبب مرضه».

وبعد التمهيد بعلاقته بـ"فؤاد سراج الدين"، يقول "موسى صبري": «عندما كانوا يستعدون لإصدار صحيفة الوفد اقترح "مصطفى أمين" أن يكون "مصطفى شردي" رئيسا لتحريرها وتقدم "شردي" بطلب السماح له بذلك ووافقت بوصفي رئيسا لمجلس الإدارة وكتبت مقالا ضمن يوميات في آخر ساعة قدمت فيها رئيس تحرير الوفد الجديد بكل المودة وكان "مصطفى شردي" مراسلا لصحف أخبار اليوم في مكتبنا ببورسعيد..

وكان يعمل في هذا المكتب شقيقه الأكبر في جلب الإعلانات وعمل معه "شردي" وكان يكتبها بأسلوب جيد وكان صحفيا نشيطا وكنت أنشر له بعض الأخبار والتحقيقات في مجلة "الجيل" عندما كنت رئيس تحريرها، وتكونت رابطة شخصية بيني وبينه لأنني كنت أمضي وأسرتي شهر أغسطس في عطلة الصيف ببورسعيد وكان يزورني ويكرم وفادتي هو وأسرته».

ويكمل "موسى صبري": «وكان "شردي" على علاقة طيبة بمحافظ بورسعيد وعينه عضوا في مجلس المحافظة وذات يوم حضر لي "مصطفى شردي" وقال إن المحافظ أصدر قرارا عسكريا بنفيه من بوسعيد، لأن المجلة صدرت وبها موضوعات غير صحيحة عن مستشفى المحافظة، وطلب أن أتوسط لإنهاء الأزمة وفعلا سافرت وقابلت المحافظ وعدل عن قراره، واستمرت علاقتي بـ"شردي" طيبة وخلال العدوان الثلاثي، حيث استطاع أن يلتقط صورا لضحايا العدوان وعاد بها إلى القاهرة وقدمها إلى "مصطفى أمين" الذي استغلها لإثارة الرأي العام ضد إسرائيل».

«ثم سافر "مصطفى شردي" إلى إحدى دول الخليج في إجازة بدون مرتب ورأس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية، وكان معه عدد من زملائه بأخبار اليوم، وكان يحضر بين الحين والآخر للقاهرة، ويطلب رأيا في عمله الصحفي، ثم عاد إلى القاهرة بعد أزمة بينه وبين المسئول عن الإعلام في أبو ظبي، ورتبت له عملا في الأخبار، وخلا منصب مدير تحرير "آخر ساعة" وقررت تعيينه في هذا المنصب، واعترض "وجدي قنديل" رئيس تحرير آخر ساعة..

كما فوجئت بثورة داخل الأخبار، وسبب ذلك أن هناك شعورا أنه سافر للخارج وتكفيه الفائدة المالية، وليس من العدل أن يعود ليحتل منصبا، وطعن البعض فيه ولكني سددت آذاني وصدر القرار».

ويكمل "موسى صبري" صورة «المُحسن» فلم يتحدث عن كفاءة "مصطفى شردي"، وهل كان يصلح للمنصب أم لا، بل اكتفى بالقول إنه صمم على القرار، ويقول «تسلم عمله وكان دائم الشكر لي وطلب أن يسافر على حساب المؤسسة لأمريكا إثر أزمة صحية تعرض لها، وطلبت منه تقرير كالعادة، فاتصل بي "إبراهيم سعدة" وقال إن حالته خطيرة، ولو اطلع على تقرير الطبيب لمات من الخوف»..

وأمام هذا، وعندما وافقت على عمله في صحيفة "الوفد" كان في قمة السعادة، وحدث ليلة صدور العدد الأول أن أصيب بأزمة خطيرة في أمعائه، وأسرع أحد الزملاء في "آخر ساعة" إلى مستشفى القوات المسلحة يستنجد بطبيب، وما إن كشف عليه حتى قرر إجراء جراحة فورية وقررت أن يكون علاجه على حساب أخبار اليوم.

والحقيقة أن ما يعتبره "موسى صبري" قمة الإنسانية هو إهدار مال عام لصحيفة تُمول من جيوب المصريين، فالسفر على الأقل يعني أن هناك تقريرا طبيا مُوصيا بذلك، بل وذكر "موسى صبري" لقصة اتصال "إبراهيم سعدة" في محاولة للتشكيك يدينه هو شخصيًا أن يتصرف في أموال الشعب؛ بتلك الطريقة.

نعود لبداية المعركة فيقول "موسى صبري": «خرج "مصطفى شردي" من المستشفى وكان يزورني بعد صدور كل عدد ويقدم لي الصحيفة، ويستمع لرأيي، وهكذا جرت العلاقة إلى أن فوجئت بخبر منشور عني في "الوفد" يقول إنني تزوجت المطربة "صباح" وطلبته في منزله ومكتبه وتهرب مني، وتحدثت إلى زوجته وقلت لها هذا آخر ما أتوقعه من "مصطفى"..

وقابلت "جمال بدوي" مدير الوفد بالصدفة في الأخبار وسألني ماذا يرضيك قلت تكذيب الخبر والاعتذار وهذا ما حدث».

«وحضر "مصطفى شردي" لمكتبي وعاتبته وأقسم إنه لم يقرأ الخبر، وكنت أحس إنه كاذب، ولكني أردت تصديقه وقلت له نصيحة مني ابتعد عن الأخبار الشخصية، خاصة إذا كانت كاذبة، وابتعد عن نشر أخبار سيئة عن زملائك الصحفيين، وضربت له مثل خبر سخيف عن "جلال عارف"، وخلال هذه الفترة كتبت أكثر من مقال نقدي لـ"فؤاد سراج الدين" وحضر "مصطفى شردي" لمكتبي وسألني هل من الممكن ألا تهاجم الباشا، وقلت كيف يا "مصطفى" أنا لا أهاجم شخصه، ولكني أهاجم سياسته، وكرر كلماته بأن هذا رجاء شخصي مني وقلت له آسف».

ويكمل "موسى صبري": «لم أكن أتصور أن هذا الحوار كان إيذانا بشن حملة تشهير ضدي في كل أعداد "الوفد" وكنت أعلنت أنني لا أقاضي صحيفة أو صحفيا، وشجعهم هذا أن يتمادوا، ولذلك قررت أن أقاضي "سراج الدين" و"شردي"، وحكم لصالحي في ثلاث قضايا، ومجمل حملات التشهير أنني زير نساء، حياتي في نوادي الليل وبين الغواني وتعقبوا أبنائي ونسبوا إلى ابني الأصغر دخول كلية الطب بمجموع 50%، وأنني عينت ابني الأكبر في شركة البيضاني مقابل الدفاع عنه صحفيًا، ثم بدأوا اختلاق علاقة بيني وبين ياسمين الخيام وهذا الخبر الوحيد الذي آلمني».

«واتصل "عبد الرحمن الشرقاوي" بدافع من ضميره بـ"سراج الدين" أكثر من مرة، ووعد بتكذيب الخبر ولم يفعل، واتصلت به "ياسمين الخيام" ولم يفعل، وأمضت أياما تبكي هذا التشهير وهي ابنة الشيخ، وانتهز "شردي" فرصة هجومي على أعمال النصب التي قامت بها شركات توظيف الأموال فكتب أكثر من مقال يدعي فيه بأن هجومي سببه التعصب الديني، وفي النهاية أقول إن الصحف الحزبية كان هدفها الأول الإثارة والتشهير والكل يريد أن ينال من النظام بأي ثمن والشوط ما زال طويلا».

إلى هنا انتهت مذكرات الكاتب الصحفى "موسى صبرى" ونلتقي مع شخصية جديدة من حكايات الناس..
الجريدة الرسمية