البرلمان البريطاني يوجه صفعة جديدة لـ«ماي».. رفض اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي للمرة الثالثة.. تضاؤل فرص رئيسة الوزراء في الوصول لحلول قبل انتهاء المهلة.. والانتخابات المبكرة تطرح حلا للأ
رفض النواب البريطانيون أمس الجمعة للمرة الثالثة اتفاق بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، ما يزيد من احتمالات خروج بريطانيا من التكتل "بدون اتفاق" أو ما يعرف بخروج قاس أو تأجيل العملية برمّتها لفترة طويلة.
وفور إعلان نتيجة التصويت دعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى قمة أوروبية طارئة تعقد في 10 أبريل لبحث التطورات، وكان من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد بنهاية اليوم الجمعة 29 مارس، في ما أسماه البعض "يوم الاستقلال"، لكنّ ذلك تعطّل إثر فوضى وخلاف في البرلمان البريطاني، ما دفع بماي الأسبوع الفائت لطلب مزيد من الوقت. لكن رفض الاتفاق مجدّدًا يفرض عليها إعداد خطة جديدة بحلول 12 أبريل تتضمّن خيارات من بينها بريكست من دون اتّفاق أو تأجيل طويل الأمد.
فوضى وقلق
وفيما يظل سيناريو "لا اتفاق" أو ما يعرف بـ"بريكست قاس" هو الخيار القانوني الأرجح، صوّت النواب مرارًا ضدّ ذلك خشية فوضى كارثية إذا قطعت بريطانيا علاقاتها مع أقرب شريك تجاري لها دون خطة. وفي أول ردّ فعل لها على تصويت مجلس العموم، اعتبرت المفوضية الأوروبية أنّ بريكست بدون اتفاق بات الآن "السيناريو المرجح". ففوضى البريكست في لندن يقابله قلق كبير في العواصم الأوروبية الأخرى مثل باريس وبرلين.
ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "إذا لم يعط البريطانيون في 12 أبريل موافقتهم، لن يكون هناك اتفاق وسنتّجه نحو بريكست قاسٍ مع كلّ ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات".
وبينما كان البرلمان يجري التصويت، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن الاتحاد الأوروبي بحاجة لتسريع إجراءات التحضير لخروج بدون اتفاق، وقال المستشار النمساوي زيباستيان كورتس إنه إذا لم تخرج بريطانيا بخطة فسيحدث خروج "صعب". وفي برلين، حذر وزير الخارجية الألماني من أن "الوقت ينفد منّا لمنع حصول بريكست غير منظّم".
الفرصة الأخيرة
وأدّى عجز البرلمان عن تمرير اتفاق بريكستإلى أزمة كبيرة في بريطانيا، ودفعت الفوضى الناجمة عن ذلك أصحاب الشركات والنقابات والاتحادات التجارية إلى التحذير من "حالة طوارئ وطنية"، كما ساهمت نتيجة تصويت اليوم في هبوط الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، حيث شهدت أسهم الشركات البريطانية تراجعا كبيرا في أسواق الأوراق المالية والأسهم.
ويثير الاتفاق انقسامًا كبيرًا بين الناخبين، والكثير منهم غاضبون وقلقون، فيما تلقى ماي اللوم على النواب الذين يتّهمونها برفض طرح أي بدائل لخطتها، وتجمّع آلاف المؤيدين للبريكست خارج مقرّ البرلمان الجمعة ملوّحين بأعلام ومتّهمين النواب بخيانة بريكست، وحمل بعضهم لافتات تقول "أعيدوا مملكتنا" و"حرّروا بريطانيا الآن".
وداخل البرلمان، أكّدت ماي أنّها ستواصل الضغط من أجل التوصّل "لبريكست منظم"، معتبرة في الوقت نفسه أنّ "تداعيات قرار البرلمان خطيرة".
ويعتقد مسئولون أنّه لا تزال هناك فرصة للخروج في مايو، إذا نجحت ماي في تمرير الاتّفاق قبل أبريل في تصويت رابع وأخير، وقال المتحدث باسم ماي إنّ أرقام التصويت ضدّ الاتفاق تتراجع، معتبرًا أنّه "على الأقلّ نحن نسير في الاتجاه الصحيح".
والحصول على جلسة تصويت جديدة بخصوص الاتفاق بات معقّدًا، خصوصًا مع تحذير رئيس مجلس العموم جون بيركو الأسبوع الماضي من طرح نفس الاتفاق مرة تلو الأخرى.
وبموجب اتّفاق ماي مع قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الفائت، كان إقرار الاتفاق الجمعة سيخرج بريطانيا من التكتّل في 22 مايو، ورغم أنّ عرض ماي الاستقالة لتمرير الاتفاق حوّل بعض معارضيها لصفّها، فلا يزال هناك 34 نائبًا في حزبها ضدّ الاتفاق.
انتخابات مبكرة
وأمام بريطانيا حاليا وحتى يوم 12 أبريل لإقناع أعضاء الاتحاد الأوروبي أن لديها مسارا بديلا للخروج من الأزمة، أو أن تجد بريطانيا نفسها خارج التكتل اعتبارا من ذلك التاريخ دون اتفاق بشأن العلاقات بعد الانسحاب مع أكبر حليف تجاري للبلاد.
وهناك تكهّنات متزايدة بأنّ المخرج الوحيد من المأزق هو إجراء انتخابات مبكرة، ويرى كثير من النواب البريطانيين أن هذا هو السبيل الوحيد لحل الأزمة.
وكشف الاستفتاء بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 عن انقسام كبير في المملكة حول العديد من القضايا وأثار جدلا واسعا بشأن أمور شتى مثل الانفصال والهجرة.
في غضون ذلك، شارك مئات الآلاف من البريطانيين في مسيرة بالعاصمة لندن يوم السبت الماضي للمطالبة باستفتاء ثان بينما نظم آلاف من مؤيدي الانفصال الغاضبين احتجاجا بالمدينة أمس الجمعة.
وقال الناشط المؤيد للانفصال نيجل فاراج لرويترز "ما كان يُتوقع أن يكون احتفالا أصبح في الواقع يوما للخيانة".
وأثار الغموض الذي يكتنف عملية الانفصال قلقا شديدا لدى الحلفاء والمستثمرين خاصة وأن هذه الخطوة تعد أهم خطوة سياسية واقتصادية في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
ويخشى المعارضون للانفصال أن يؤدي الخروج إلى إضعاف الاقتصاد البريطاني وإلى انقسام أوروبا في مواجهة رئاسة أمريكية غير تقليدية تحت قيادة دونالد ترامب فضلا عن زيادة تأثير روسيا والصين.