«مانكوسي».. حكاية قرية تحولت من الفقر الإلكتروني إلى الطاقة الشمسية بجنوب أفريقيا
في جنوب أفريقيا تحديدا في بلدة ريفية نائية تسمى «مانكوسي» في مقاطعة كيب الشرقية، وتضم قرابة الـ6 آلاف شخص، يعاني سكانها من نقص الخدمات والكهرباء والإنترنت وغلاء الأسعار بسبب موقعها الذي يبعد عن باقي القرى حيث يفصلها عن أقرب مدينة لها «مثاثا» نحو 6 آلاف كيلو مترًا.
ظلام
عرفت المدينة بكسائها بالظلام الليلي التام، كون أغلب منازلها غير متصلة بشبكة الكهرباء، ويقوم سكانها بشحن هواتفهم في متاجر أو حانات محلية ممن يتمتعون بالتيار الكهربي، مقابل مبالغ مالية باهظة، حيث إنهم ينفقون نحو 22% من دخلهم على الاتصالات اللاسلكية.
شعاع نور
وبعد معاناة استمرت لفترة طويلة، تمكن فريق باحثين من جامعة ويسترن كيب بالعمل مع قاطني «مانكوسي» لتطوير شبكة لاسلكية محلية تعمل بالطاقة الشمسية، لتذليل بعض الصعوبات التي تواجههم، من خلال مشروع شبكة «زنزليني» والذي يعني «ساعد نفسك بنفسك» باللغة المحلية.
جمعية خيرية
ويتميز المشروع بأنه يتضمن شركة مسجلة غير ربحية تعمل مع الجمعيات التعاونية في المنطقة لتقديم خدمات نقل بيانات واتصالات صوتية بأسعار بسيطة، للحفاظ على أموال أهالي القرية وعدم ارتفاع البطالة.
وبعد أن أثبت المشروع نجاحه في القرية، وأصبح بإمكان السكان الاتصال ببعضهم البعض، تم تطويره في عدة أماكن أخرى بأماكن نائية داخل زامبيا والمكسيك وإسبانيا.
واي فاي
بدأ إطلاق مشروع مانكوسي عام 2012، وتم تسجيله قانونيًا في العام 2014، بعد أن تواصل الباحثون مع رؤساء المجتمع المحلي للمساعدة في إشراك المجتمع في الشبكة، وقدموا المساعدة والإرشاد، وفي نهاية المطاف أدار السكان المشروع بأنفسهم، كون الشبكة ترتكز على فكرة اعتماد المجتمعات على ذاتهم.
وبموجب إذن من السلطة المحلية، تم تشكيل جمعية تتكون من 10 أشخاص، ممن يحظون باحترام صممت هذه المجموعة مخطط الشبكة العام وبنت 10 محطات شبكات لاسلكية داخل وفوق منازل في أنحاء مانكوسي، ورتبتها ضمن ما يسمى شبكة شعرية أو متداخلة، وهي توفر إشارة «واي فاي» لاسلكية، تغطي مساحة 30 كيلو مترًا مربعًا.
خدمة متكاملة
تشكل شبكة زنزليني مزود خدمة إنترنت متكاملا وتقدم خدمة الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الإنترنت، عبر ما يسمى بوابة بروتوكول الإنترنت Internet Protocol Gateway، إضافة إلى نظام باللغة "الكوسية" اللغة المحلية لأهالي القرية.
كما أن هيئة الاتصالات المستقلة في جنوب أفريقيا، والمسئولة عن منح تراخيص لمزودي خدمة الإنترنت وتحصيل الرسوم عند الحاجة، قررت إعفاء المشروع من من التراخيص وعدم دفع أية رسوم لتشغيل البنية التحتية وبيع الخدمات، فقط يدفعون ثمن الاتصال بالشبكة شهريا.
أما عن الاشتراك الذي تقوم القرية بدفعه للشركة فيبقى داخل المجتمع حيث تملك كل جمعية تعاونية حسابًا بالبنك ويجتمع جميع السكان من أجل اتخاذ قرار حول ما يجب إنفاق المال الذي دفع من أجل الاشتراك، فعلى سبيل المثال قدمت جمعية مانكوسي المال على هيئة قروض صغيرة للسكان لبدء مشاريع صغيرة.
الأكثر انتشارا
وتعد هذه الشبكة هي الأكثر انتشارًا في مقاطعة كيب الشرقية، والتي تعد مزود خدمة الإنترنت الأول والوحيد الذي تمتلكه وتديره جمعيات ريفية في العالم، ومثل أي مزود خدمة إنترنت.
وتقوم شبكة زنزليني بتركيب بنية تحتية للاتصالات والحفاظ عليها كما تقوم ببيع خدمات الاتصالات اللاسلكية، ومنها مثلا خدمات نقل الصوت والبيانات.
وتشتري شبكة زنزليني خدمة الاتصال بالإنترنت من مناطق مثل مانكوسي، والتي فشلت شركة تيلكوم وغيرها بتوفير الخدمة فيها للسكان، ولذلك فهي تعمل في مناطق جديدة مهملة كليًا لأنها بعيدة جدًا ولا تولّد إيرادات جيدة.
والهدف التالي لشبكة زنزليني هو دعم ما بين 20 إلى 30 تجمعًا سكانيًا محليًا حول بلدة مانكوسي، وتمكين مدارسهم وعياداتهم ومستشفياتهم ومنازلهم من الحصول على خدمات اتصالات صوتية وشحن الهواتف المحمولة ونقل البيانات وبتكلفة أقل.