رئيس التحرير
عصام كامل

أفريقيا.. والمراهقة الإعلامية


بعض الإعلاميين يصورون رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، الذي يضم 54 دولة، على أنها معجزة القرن، هي بالفعل خطوة ممتازة أن تترأس مصر الاتحاد بعد أن كانت عضويتها مجمدة، منذ يوليو 2013، وحتى يونيو 2014، بفعل ألاعيب الإخوان، لكن مكانة مصر، وقدرة رئيسها لا نستبعد معهما شيئًا.. وننتظر المزيد من النجاحات على المستوى الدولي..


فضلًا عن أن آلية رئاسة الاتحاد تتبع نظام "الترويكا"، وتعني "القيادة الثلاثية"، أي أن الذي يدير شئون الاتحاد الأفريقي كل عام، هم ثلاثة رؤساء؛ الرئيس السابق والحالي والتالي.. وليس رئيسًا واحدًا.. والمعروف أن رئاسة الاتحاد دورية، وتتبادل المناطق الخمس في القارة، الشمال والجنوب والشرق والوسط والغرب، ترشيح الرؤساء..

والرئيس السيسي هو الرئيس رقم 18 منذ إنشاء الاتحاد، الذي خلف منظمة الوحدة الأفريقية، وكان يسبقه رئيس رواندا، بول كاغامه، من منطقة شرق أفريقيا، منذ 28 يناير 2018، وحتى بداية العام الحالي.

ثقافة المصريين نحو القارة السمراء وأبنائها قاصرة ومحدودة، يغذيها بعض نعرات إعلامية، يستحق أصحابها وصف "الجهل"، و"عدم المهنية".

على صانعي السياسية الخارجية في مصر أن يخضعوا الإعلاميين، والصحفيين، لدورات تثقيفية وتوعوية مكثفة، لاستيعاب التطور الهائل الذي حققته الدول الأفريقية، والنمو الاقتصادي المعتبر، والطفرات التي حدثت في السنوات الأخيرة، كذلك لكي يعرف العاملون في مجال الإعلام؛ المسموع والمقروء والمرئي، أن هناك حضارات أفريقية ضاربة في أعماق التاريخ.. علينا ألا نغمطها حقها، بل ننحني لها احترامًا، وتقديرًا.. إن أردنا أن نستثمر النشاط غير المسبوق، والنجاح الذي حققته السياسة الخارجية المصرية في عهد السيسي.

التقارب المصري مع أفريقيا ليس فقط ضرورة أمن قومي، بل إنه قضية حياة أو موت.. فنحن دولة نيلية، وماء النهر الخالد هو مصدر الحياة لشعبنا؛ فكيف نغفل عن بوابة الحياة لنا؟!

الكلمات والمعاني السابقة استلهمتها من الندوة التي عقدتها اللجنة المصرية للتضامن الأفروآسيوي، حول "مصر وأفريقيا".. حيث اتهم المتحدثون من أغفل البعد الأفريقي، خلال سنوات سابقة، بالتقصير الخطير، ووضع الدكتور السيد فليفل، البرلماني، والخبير الأفريقي الكبير، معيارًا للمسئول الناجح، من خلال نظرته إلى الضفة اليمنى لنهر النيل في مصر؛ فإن رآها هي المقابلة للصحراء الشرقية، فهو فاشل، وإذا رآها تقابل الصحراء الغربية، فإنه موفَّق؛ ذلك أنه يمم وجهه شطر أفريقيا.. وهذا ما استوعبه الفراعنة تمامًا، وعملوا من خلاله على تحقيق الاستقرار للقطر المصري، وتمكنوا من تأمين الحدود الجنوبية، حتى وصلوا إلى ما بعد منابع النيل.

نعود إلى ما بدأنا به؛ لننقل عن المتحدثين في الندوة ما ذكروه عن تألم الأفارقة بسبب ما يردده بعض وسائل إعلامنا من فضل الحضارة المصرية على الجنوب، ومن أن مصر ستتولى تعليم وتثقيف أبناء القارة، والسهر على صحتهم، والعمل على تطوير مجتمعاتهم.. ومن يردد هذا فإن معلوماته توقفت عند السبعينيات من القرن الماضي، فهناك تجارب ناجحة جدا في القارة، وثمة دول تحقق معدلات نمو متقدمة.. ويكفي أن نعرف أن مصر ليست من بين الدول العشر الأفضل اقتصاديًّا في أفريقيا.. فهل نفهم؟!
الجريدة الرسمية