رئيس التحرير
عصام كامل

بيعة الفضائيات.. خطة لإزاحة كبار الإخوان وتمكين جيل الشباب برعاية تركيا وقطر.. «الجزيرة» تفتح شاشاتها للهجوم على القيادات.. وأفلام وثائقية ومقالات نقدية لفضح تجاوزات «العواجيز»

فيتو

تمر جماعة الإخوان الإرهابية، بأسوأ أحوالها منذ نشأتها، وليست الأزمة في وضعها القانوني بمصر، وعودتها إلى ما خلف الأسوار بأغلب الدول العربية التي امتطت فيها جواد السلطة قبل 7 أعوام، ولا حتى في تمزق قواعدها، وتشتت كوادرها في جميع بلدان العالم، وانشقاق الكثير منهم عنها، إما للانخراط في تيارات بعيدة تماما عن الإسلام السياسي، أو للجوء لما هو أكثر دموية منها على شاكلة داعش، ولكن الأزمة الدائرة حاليًا في وجود نوايا حقيقية ودعم دولي من الدوائر المؤيدة لهم، لعزل التيار التاريخي عن القيادة، عبر تصعيد لغة الطعن والتخوين فيه، وإظهار سوءاته، وضعف قدرته على التغيير بين الصف الذي لا يزال يخاف من أي عملية تغيير يمكن أن تبيد الجماعة للأبد.


تطورات لها دلالة
في الأيام الماضية، خرج أحمد منصور، الإعلامي المتطرف بقناة الجزيرة القطرية، والمحسوب على تنظيم الإخوان فكريًا، وهاجم الجماعة بعنف ليفتح كل أبواك الشك في سر تحول قطر وتركيا عن الكبار خلال الأسابيع الماضية، وإمطار قيادات الإخوان بسلسلة وثائقيات تتناول أوضاع أعضائها، وتكشف حجم الشروخ التي أصابتها، وتقود أبناءها إما إلى الإلحاد أو الدعشنة، وهي منتجات إعلامية كانت تبررها الجزيرة بحسب مصادر من داخل الإخوان، برغبة في زيادة المصداقية لدى متابعيها وخاصة من الخارج، وإظهارها كقوة إعلامية مستقلة عن أي طرف، ولن يحدث ذلك إلا بالنقد الشرس للجماعة.

التوتر بين الكبار وإعلام قطر، الذي كثيرا ما ساعدهم، وعمل على ترويج أجندتهم السياسية والتنظيمية، تلقفته على ما يبدو الخلايا الناقمة على قيادات الجماعة، بسبب رفضها لأي تنازل عن مقاعدها ولو بالدماء، رغم كل ما تسببت فيه من أزمات للبلاد، وللتيار الديني الساعي للعودة إلى شغل مرتبة متقدمة في العمل السياسي بالمنطقة، وأعادت الهجوم الشرس على الكبار مستغلة أخطاءهم الساذجة في التعامل مع ملفات حساسة، على رأسها المطلوبون أمنيا من الإنتربول المصري والدولي، وتعاملهم المتدني مع أبناء التيارات السلفية، أو مع الجبهة الموازية للقيادات التاريخية من الإخوان بطريقة أشبه بالمخبرين، لدرجة أنهم يبلغون السلطات التركية وغيرها في بلدان العالم، بخلفية أي شخص لا يتفق مع سياساتها، وتتهمه بالإرهاب والدعشنة، حتى تعيده سلطات البلدان المؤيدة للجماعة، إلى الدولة المصرية، لمحاكمتهم على الجرائم المتهمين بها، وعمل كارت إرهاب للصف الإخواني في رسالة واضحة إما أن تكونوا معنا أو نهايتكم إلى الجحيم.

بحسب المصادر، عقدت اجتماعات مغلقة خلال الأسبوع الماضي، أشادت فيها القيادات التابعة للجبهة الموازية، بانضمام أحمد منصور إلى قائمة الناقمين على القيادات التاريخية، واعتبرته إنجازا كبيرا على طريق إزاحة الكبار عن السلطة في الجماعة، وبدأت المطالب تتصاعد بضرورة محاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم، وتقول المصادر إن انضمام منصور، الإعلامي المقرب بشدة من دوائر الحكم في قطر، إلى المشككين في نزاهة الإخوان، بدأ يخرج للعلن منذ فترات طويلة، بدأها بتويتات غامضة وغاضبة مع كل انتكاسة إخوانية، يشير فيها إلى رفضه سياساتهم خلال سلسلة حواراته مع الخارجين على الجماعة، وقت وجودها في الحكم من أمثال محمد محسوب، مما يعني أن هناك تنسيقا كبيرا يحدث الآن بين هذه التكتلات وبعضها، وتستخدم الجزيرة كسلاح قوي، وبشكل متدرج ومدروس لإقصاء الكبار، وترتيب عملية نقل السلطة إلى جيل جديد داخل الإخوان.

إعلاميو الجزيرة
دخول منصور الحلبة، يعني انضمام كل الإعلاميين بالجزيرة، سواء أصحاب الهوى الإخواني، أو التنظيميين بالفعل، الذين يقفون على مسافة بعيدة من القيادات التاريخية إلى ملعب الصراع، وخاصة بعدما انتهت كل الآمال الرامية لإعادة الإخوان إلى سدة الحكم أو حتى الانخراط في حوار يعيدها بأي شكل، وهو ما يعني افتقاد القيادة لمبررات وجودها، وأصبح هناك حاجة ملحة لإبعادها بالقوة عن الحكم، بعد أن انتهت كل الطرق الودية للقبول بالانتخابات الداخلية التي طرحها القرضاوي على سبيل المثال، للخروج من عنق الزجاجة، وفي ظل الملايين التي تصرف شهريا من لوبي المصالح الذي يعمل خلف الإخوان، لإعادتها للحياة دون أدنى أمل في ذلك مرة أخرى.

ما يؤكد صحة تحليلات المصادر الإخوانية، عن عملية التنسيق الدائرة لإرباك معسكر الكبار، عملية التنظيم الشديدة، لخروج قيادات من الصف الثالث والرابع، للهجوم بشكل مباشر على الإخوان، والدفع بأهالي المطلوبين أمنيًا للضرب في قيادات الجماعة، وهي آلية يتم اللجوء إليها لأول مرة منذ اشتعال الصراع بين الجبهات الإخوانية قبل 3 أعوام، واستعانت الجبهة الشبابية بزوجة محمد عبد الحفيظ، الذي تم ترحيله إلى مصر مقيدا من مطار إسطنبول، للهجوم على قيادات الجماعة، وسبقه هجوم منظم شرس أيضا للقيادات المعارضة للإخوان من كل الجبهات، وكان لافتا خروجهم في توقيت متزامن، على فضائيات إسطنبول الممولة تركيا وقطريا، لعرض ما جرى في الكواليس، في الوقت الذي كان الهجوم الأكبر تذيعه الجزيرة لزوجة عبد الحفيظ، واتهمت فيها «جمعية رابعة» المسئول الأول عن أعضاء وقيادات الإخوان في تركيا، بالتواطؤ في عملية ترحيل زوجها، بل وأكدت أنها تتعرض لعملية ضغط كبير وابتزاز، قد تعرضها للترحيل هي أيضا في القريب العاجل.

ما يحدث مع زوجة عبد الحفيظ، التي انضمت إلى الجبهة المعارضة للقيادات، أفصح عنه والدها في بيان ناري، هو الأول من نوعه، واتهم فيه القيادات ومسئولي قناة وطن، الصوت الرسمي للإخوان، بتهديدها، وتسريب المكان الذي تتواجد فيها رغم تنبيه السلطات التركية، بضرورة التحرك في سرية تامة، واعتبرهم «خونة وعملاء».

توحش الاستقطاب وساعة الصفر
التنسيقات الجارية، بدأت تتحرك بشكل واضح، لاستقطاب شباب الإخوان من جبهة العواجيز، للهجوم عليهم إعلاميا بشكل شرس، وهو ما وضح بحسب المصادر في هجوم القيادي الشاب نادر فتوح على الكبار، وتضامنه مع زوجة محمد عبد الحفيظ، وأكد وجود مؤامرة لترحيلها عن تركيا بالفعل، بسبب هجومها الدائم عليهم، وأكد أن هناك مخططا لترحيل المزيد من شباب الإخوان الناقم على سياسات الكبار، أو وضعهم في السجون التركية على أقل تقدير، مثل ما حدث مع عبد الرحمن أبو العلا، وهو قيادي شاب كان محتجزا في السجون التركية لاتهامات غامضة، وكان في طريقه للترحيل، وبسبب الضغط الإعلامي المكثف، تم وقف ترحيله إلى مصر.

عملية الشحن ضد الإخوان، واستقطاب المزيد من القيادات والكوادر من جميع التيارات الدينية، يبدو أنها تقترب من ساعة الصفر، بعدما استطاع أصحاب الصوت الجديد ضم عبد الرحيم الصغير، نجل محمد الصغير، مستشار وزير الأوقاف الأسبق والقيادي الهارب بالجماعة الإسلامية، إلى الدائرة الساعية لإزاحة الكبار، ويشن الصغير، هجوما ممنهجا عليهم، ويتهمهم بالخيانة، لدرجة أنه أكد على معلومات عرفها من مصادر موثوقة ــ في إشارة إلى والده ــ أن مسئولين كبار في الحكومة التركية، اعترفوا بوقوف القيادات ومسئولي جمعية رابعة، خلف التقارير الناقمة على الشباب، والتي تتهمهم بالدعشنة، انتقاما منهم على مواقفهم ضدها، وبسبب التوحش المبالغ فيه لضرب أي صوت ينتقدهم، يتدخل مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي في المشهد الإعلامي بقوة، ويتحدث بشكل مباشر ودون وسيط عن ملف المرحلين، بتدخل إعلامي قطري أيضا، لإبراء ذمة تركيا، وتلبيس القيادات الكبيرة في الأزمة، ما يعني أن القيادات التي حصنت نفسها من العزل، قد تشهد عملية مخابراتية واسعة من حلفائها خلال الآونة القادمة، لإزاحتها عن الصورة كاملة.

"نقلا عن العدد الورقي...."
الجريدة الرسمية