رئيس التحرير
عصام كامل

نزار قباني: مصر هي بيتي

نزار قباني
نزار قباني

في مجلة صباح الخير عام 1987 أجرى الصحفى رشاد كامل حوارا مع الشاعر الفنان نزار قبانى "ولد في مثل هذا اليوم 21 مارس 1923 ـــ رحل 1998" حول علاقته بمصر.


وقال: "مصر هي حب كبير، مصر هي دائما مصر، علاقتي بمصر هي مثل القضاء والقدر لا يمكن لأحد أن يغيرها أو يشوهها".

مصر هي بيتى، وأنا أدخلها بالحب وحده.. دون أن أطلب مفاتيحها من أحد فالشعب المصرى وحده هو الذي يملك مفاتيح مصر، وأنا كشاعر عربى أعتبر نفسى في ضيافة عمرو بن العاص، وفى ضيافة النهر الكبير والتاريخ الكبير حيث يجلس في صالون واحد أحمد عرابى ومصطفى كامل وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورفاعة الطهطاوى وأحمد شوقى وطه حسين وتوفيق الحكيم وعباس العقاد وجميع المفكرين والمبدعين والثائرين الذين علمونا أول درس من دروس الحرية.

لا انفصال بين مصر وبين قدرها العربى، كما لا تستطيع العين أن تنفصل عن أهدابها، والقمر عن ضوئه، والوردة عن عطرها.
مصر العربية هي ملكنا جميعا ولا تستطيع أي شركة للمقاولات أو أي جمعية للمنتفعين، أو أي تجمع للوصوليين والمرتزقة أن يتحدثوا بلسان مصر أو يوصدوا سماواتها في وجه أي عصفور عربى يفكر أن يحط على أرضها الطيبة.

إن مصر ليست صفحة تنزع من كتاب أو جيلا يحذف من المنطقة، أو قمرا تنفخ عليه فتنطفئ شعلته الزرقاء، أو نهرا يستطيع تغيير مجراه، أو جملة يشطبها الرقيب لأنها لا تعجبه، أو منزلا نتركه ونستأجر غيره.

إن مصر هي حادثة تاريخية وجغرافية وحضارية لا يمكن اللعب بها، وكل الذين حاولوا اللعب بالمعادلات الأساسية للتاريخ والجغرافيا اكتشفوا بعد فوات الأوان أن التاريخ أقوى منهم، وأن الجغرافيا أكثر ثباتا منهم، ولذلك فإن كل من حاولوا القفز فوق الخطوط الحمراء التي رسمها التاريخ سقطوا وكسرت أعناقهم.

وأخيرا لا أستطيع أن أتصور حديثا عن مستقبل المنطقة لا تكون مصر جزءا منه، كما لا أستطيع أن أتصور شكلا للعالم العربى القادم لا تشترك مصر في صياغته أو رسمه.
الجريدة الرسمية