زغلول صيام يكتب من معسكر المنتخب الأوليمبي بإسبانيا: المهنة في خطر
طوال مشواري الصحفي الممتد لربع قرن كنت دائما أتحرى الدقة في كل ما أكتب لأني أعرف قيمة الكلمة وتأثيرها، لم أسع لضرب مواضيع حتى تحقق انتشارا وحتى مع ظهور الإنترنت والوسائل الحديثة لم نسع في فيتو لتحقيق قراءات كثيرة من خلال نشر مواضيع مثيرة رغم ما يصل إلى مسامعنا من الوسط الكروي.
اليوم كنت طرفا في موضوعات هدفها الإثارة والتشهير ولا شيء آخر، فأنا أرافق بعثة المنتخب الأوليمبي في معسكره بإسبانيا في أجواء تبدو مثالية للغاية، والتزام أكثر من رائع سواء من اللاعبين أو الجهاز الفني، وصباحا تناول اللاعبون الإفطار في المطعم وبعدها اجتمع معهم الجهاز الفني ثم حصلوا على ساعة ترفيه حيث المكان به «ترابيزات» تنس وبلياردو ودارتس وشاركت في لعب البنج مع نجوم الفريق والتقطت لهم صورا كثيرة وهم يلعبون وأرسلت الصور لعدد من الزملاء ونشروا أخبارا ترفيهية عن معسكر المنتخب ولم يدر بخلدي أو عقلي أن هناك من يحاول تفسير الصور على هواه.. في إحدى الصور كان يوسف الجوهري يضع في فمه كيس سكر صغير من تلك التي تكون موجودة بكافيتريات الفنادق، وإذا بأحد المواقع يأخذ الصور وينسج حولها حكاية من الخيال عن أن اللاعب يدخن السجائر في معسكر المنتخب.
إلى هنا ونقطة نظام لأن في أوروبا كلها التدخين ممنوع سواء بالفندق أو ملعب التدريب وكل من سافر للخارج يعلم ذلك، ثم أن أحدا لم يكلف نفسه عناء التفكير لثوان إن كان هناك لاعب كرة يدخن داخل معسكر فريقه أمام الجهاز الفني بالكامل وزملائه، وإذا حدث فهل سيدخن أمام صحفي لا يعرفه من قبل.
الحق أنني أول مرة أشعر أن مهنتنا في خطر لأن الصورة التي قمت بنشرها في موقعنا لو أن بها شيئا غير طبيعي لكنا سبقنا في التعرض له ولكن مجرد النظر إلى الصورة يوضح أنها ليست سيجارة.
الآن أصبح اللاعب مطالبا بأن يمر على كل شخص ويقسم أنها ليست سيجارة، بينما كاتب الخبر صاحب الملاحظة الدقيقة سعيد بالقراءات الكثيرة ولا يعنيه مستقبل لاعب في بداية مشواره.
الحقيقة أنني في غاية الحزن لما وصلت إليه مهنتنا وأشعر إني سبب في ظلم لاعب ولم أكن أفكر لحظة أن الصورة ستسبب ألما نفسيا للاعب، أشعر بالضيق وأعذر المصادر بعد ذلك من أنها تخشى أن تجلس على حريتها في وجود الإعلام ولكن لم أتخيل يوما أن نصل لهذا الحد.
يا سادة إذا لم ننتقد أنفسنا فقل يا رحمن يا رحيم على هذه المهنة فلم أعد أشعر بالفارق بين ما ينشر في مثل هذه المواقع وما ينشر على فيس بوك من وقائع غير دقيقة، نسأل الله العافية لمهنتنا المهددة بالخطر.