«المصرية للتضامن» تدعو إلى تغيير ثقافة المصريين تجاه الأفارقة
دعت اللجنة المصرية للتضامن إلى العمل لتغيير ثقافة المصريين تجاه أفريقيا، ونظرتهم للأفارقة، بالإضافة إلى دعم الجمعية الأفريقية، وتشجيع المؤسسات والكيانات التي كانت تدعم التواجد المصري في القارة السمراء.
ونبهت اللجنة في الندوة التي عقدتها برئاسة الدكتور حلمي الحديدي، وزير الصحة الأسبق، ورئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية، إلى ضرورة التركيز على العلاقات مع دول حوض النيل، وخاصة جنوب السودان التي تعد أهم دولة بالنسبة لمصر نظرًا لما تمتلكه من فائض المياه.
وتساءلت "الحديدي": كيف يمكن أن تستمرّ العلاقة المصرية – الأفريقية قوية، ومتينة، ومؤسسية.. علاقة شراكة إستراتيجية، حتى مع تغير القيادات، بعد أن استشعرنا أهمية القارة السمراء مرة أخرى؟!.. مشيرًا إلى أن دور الاستعمار في أفريقيا كان اه دور آثم، وأثر سلبًا، ووضع بذرة المشاعر المضادة، والعبودية بدعة استعمارية، ولا بد من تدخل الدولة لحماية المستثمر المصري.
وأضاف: "أحلم بالوحدة الاقتصادية، وحلمنا بإنشاء الولايات المتحدة الأفريقية United States of Africa، (U. S. A.).. محذرًا من ضعف التبادل التجاري البيني.. وطالب بضرورة دراسة أمزجة وعادات وأخلاقيات الأفارقة.
وقال السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية، إن الأفريقي يستطيع أن ينفذ بداخلك، ويعرف تماما شعورك نحوه.. هذا من خلال خبرة 30 سنة.. وهم حاليًا يشكون من سوء معاملة المسئولين المصريين.. ويلوموننا لأن خلافاتنا، كعرب، كثيرة، وننقلها للمنظمة الأفريقية.
واستطرد: لا نستطيع التنصل من العروبة ونقول إننا أفارقة، ولا العكس.. مشيرًا إلى أن أول مؤتمر عربي أفريقي عُقد بحضور 70 دولة أفريقية وعربية بعد حرب أكتوبر 1973، وتم اتخاذ عدة قرارات مهمة، ولكن بعد فتور الحماس لم ينفذ شيء.. باستثناء التنسيق في الأمم المتحدة، وإنشاء معرض تجاري.
وأشار "حجاج" إلى أن "عبد الناصر كان يطمح لتكوين دولة واحدة، وجيش أفريقي موحد.. ثم أنشئت المنظمة الأفريقية للتمهيد لإلغاء الحدود المصطنعة، وأنشأنا لجنة تحرير أفريقيا لتقديم الدعم وتقديم هذه الحركات التحررية للأمم المتحدة.. ومجال الاستثمار الحقيقي في أفريقيا وليس أوروبا، خاصة مع دخولنا للكوميسا، والتي زادت صادراتنا بعدها 20 ضعفًا.. التحدي أمام الرئيس السيسي حاليًا هو تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة لاتحاد شرق أفريقيا.. ومن الحتمي إقناع الشعب المصري بتحسين سياستنا تجاه أفريقيا، وهذا يتطلب حملة رسمية من الدولة، لإنهاء حالة "التنمر" ضد الأفارقة، و"التريقة" عليهم.
وأردف: "اعترف بأنه لا توجد جدية في الاستثمار إلا من بعض شركات القطاع الخاص، ولا يزال قطاع رجال الأعمال غير مهتم، هل من المنطقي ألا يكون هناك أي فرع لأي بنك مصري في أفريقيا؟!!".
وفي نفس السياق الدكتور السيد فليفل، العميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الأفريقية، وعضو مجلس النواب: "منذ 1967 حتى جاء السيسي تعرضت العلاقات المصرية الأفريقية لعملية تصحير، فلم تكن التربية والتعليم تتضمن شيئًا عن أفريقيا، ولقد فاتنا الكثير، نعم كانت هناك محاولات مخلصة لإصلاح الأخطاء لكنها فردية".
وأضاف: "لو قابلنا أناسًا عاديين في الشارع وسألناهم: هل أنتم أفارقة؟ بماذا يجيبون؟! تخيلوا أن هذا الاستطلاع أجري على شباب الجامعات وسكان مناطق عشوائية، فأجاب 17% من شباب الجامعات بأنهم "يظنون" أنهم أفارقة، وفي المناطق العشوائية كانت النسبة مقاربة".
وكثيرًا ما كنت أسأل: أين توجد الضفة اليمنى لنهر النيل؟ وكثيرًا ما كنت أتلقى الإجابة: المقابلة للصحراء الغربية.. فأرد: لا.. هذا معناه أننا نيمم وجهنا شطر أوروبا شمالا.. والصواب أن نتوجه نحو أفريقيا جنوبا، لتكون الصحراء الشرقية هي المقابلة للضفة اليمنى للنيل.
وقال فليفل: الفراعنة رسموا إدارة الدولة، وقد نظروا لأفريقيا. بعد عبد الناصر عاد القادة لنفس رؤية الخديو إسماعيل.. ونحن نحتفل بمئوية ثورة 1919، نرى أن المصريين وقتها قصروا فلم يضم وفد التفاوض على الاستقلال سودانيًّا واحدًا.. فالمطلوب إعادة تعليم الشعب لينظر للجنوب.. نحن أفارقة أكثر مما نعلم.. نسبة الدماء الأفريقية في عروقنا أكثر مما لدى الإثيوبيين الذين يحتضنون مقر الاتحاد الأفريقي في عاصمتهم "أديس أبابا".. هذا يثبته علم الجينات الوراثية.
وكان مانديلا يقول: إن مصر واحدة من دول قليلة في العالم تملك حرية الحركة على محاور متعددة.
لا يمكن لبلد ولا لشعب لديه هذا الاعتماد المطلق على النيل أن يدير ظهره لأفريقيا.. هذه خيانة عظمى!!
أول مرة قابلت فيها معمر القذافي، رحمه الله، قبلت يده، ففوجئ وقال: كيف والإعلام عندكم يشتمني ليل نهار؟! قلت له: أنا قاتلت في 1973 وأعرف ماذا فعلت وقدمت لمصر.
أفريقيا مصلحة وجود.. وهي أكبر من الأمن القومي.. مصر بلد نيلي، كما قال جمال حمدان.. نحن بدون أفريقيا حطب، وأي قيادة بدون أفريقيا عطب.. نحن الآن الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي.. لا يجب تصوير الأمر على أنه معجزة، والمعروف أن الرئاسة 3 سنوات، وليست سنة واحدة، والنظام المعمول به أن يحكم 3 رؤساء معًا (ترويكا 3 رؤساء يعملون معًا: الرئيس السابق والحالي والمتوقع).. وعلينا أن نعتبر 2019 سنة البداية للعودة لأفريقيا.
الأمن القومي
من جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد الشافعي: علينا أن نتصور أن هناك مثلثين؛ الأول جغرافي.. والثاني تاريخي.. والاثنان يؤكدان أننا جزء من أفريقيا، ولنا تاريخ أفريقي عريض.. أفريقيا هي البعد الحقيقي للأمن القومي المصري.. وسبب عزل الخديو إسماعيل أنه حاول تأمين القرن الأفريقي وباب المندب.
وأضاف: أي تعامل مصري مع أفريقيا يحتاج إلى تكتيكات مثل: شركة النصر للاستيراد والتصدير، والإذاعات الموجهة التي تم إغلاق نصفها، لدرجة أن "صوت العرب" لم تعد تصل إلى كثير من الدول العربية الآن، بعد أن بثها يصل إلى أوزبكستان، وأيضًا مدينة البعوث الإسلامية.. أيضًا علينا إعداد الكوادر وتأهيلها.
وقال الشافعي: من يقرأ كتاب "فلسفة الثورة"، يجد دوائر الأمن القومي ممثلة في: الدائرة العربية والأفريقية والإسلامية ثم عدم الانحياز. نحن نحتاج إلى فعل سياسي، وليس فقط "ضجيج سياسي" لأن الإخوة الأفارقة متألمون جدا من "الزفة بتاعة رئاسة الاتحاد الأفريقي".. وللعلم "احنا مش من الدول الـ10 أوائل اقتصاديًّا في أفريقيا".
وأشار إلى أنه في عام الرمادة الذي حكم فيه "الإخوان" مصر، قال رئيس أوغندا "يوري موسيفيني" لمحمد مرسي: "نحن لن نتعاون معكم لأنكم تكرهون عبد الناصر، نبي أفريقيا".. هناك 3 بوابات لأفريقيا، هي: الأزهر والكنيسة وعبد الناصر.. باختصار لا بديل عن الوحدة الاقتصادية الأفريقية.
وطالب الدكتور بهاء الغمري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، بدعم الجمعية الأفريقية لأنها كانت تدير أفريقيا أيام عبد الناصر.. قائلًا: كيف نعود لأفريقيا؟! هذا هو السؤال.