صالح جودت يكتب: إلى زوجتي وكل زوجة
في مجلة المصور عام 1954 كتب الشاعر الصحفى صالح جودت مقالا قال فيه: عشت في لندن أياما عصيبة كان كل شيء فيها بالبطاقات حتى القبلات، كان كل الجنود الأمريكيين يملؤون شوارع لندن فكانت القبلات من شفاه بنات التايمز الفاتنات لا تنال إلا بنوع من البطاقات اسمه "الدولار".
لكن الحكاية التي أرويها اليوم حكاية جادة لا مازحة.. جاء زميل لنا من لندن منذ أيام فقال لى: إن البطاقات قد ألغيت وأن القيود المفروضة على توزيع المواد الغذائية الأساسية وفى مقدمتها اللحم قد ألغيت منذ أول مارس 1954.
حدث هناك مثل ما حدث عندنا من قبل فما كادت القيود ترفع حتى عمد القصابون إلى رفع سعر اللحم أربعة أمثال ما كانت عليه.
غضبت ربات البيوت كما غضبت أخوات لهن في مصر من قبل، لكن غضبهن هناك اتخذ مظهرا عمليا رائعا فقد أحجمن جميعا عن شراء اللحم واستمر إضرابهن عن شرائها سبعة أيام متتالية، فلم يدخل فيها بيتا واحدا لحما اللهم إلا بعض سيدات أرادت أن تجامل زوجها في يوم ميلاده فاشترت شيئا من اللحم وقدمته إليه في طبق شهى تحية لعيد ميلاده.
تأمل الزوج الطبق الشهى وقال لها: من أين لك هذا؟
قالت: اشتريته من السوق بسعر غال طبعا.
تجهم الزوج وقال: إننى أشكر لك عاطفتك الجياشة ولكنى ما كنت أحب لك أن تخالفى قرارا أجمعت عليه ربات البيوت في سبيل الصالح العام.
حمل الزوج طبق اللحم بين يديه وألقى به في صندوق الفضلات.
واستطرد الزميل العائد من لندن يقول لى: بعد سبعة أيام وجد القصابون أنهم أضعف من أن يقاوموا قرارا لربات البيوت فاضطروا إلى الهبوط بسعر اللحم إلى مستوى دون مستواه حتى في أيام البطاقات.
وأخيرا.. إلى زوجتي والى كل الزوجات أهمس بهذه القصة.