أرجوكم.. احترموا عقولنا!
لم يخترع الصحفيون الأخبار التي انتشرت خلال الفترة الماضية، وتتعلق بنوايا الحكومة الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسات الصحفية القومية، وإغلاق عدد من الصحف، وتحويلها إلى مواقع إلكترونية وتخفيض المطبوع من الإصدارات.. صدرت تلك التصريحات عن مصدر رسمي مختص بتوصيل المعلومات الدقيقة إلى وسائل الإعلام بصفته المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المستشار نادر سعد.
أعلن الرجل خلال اتصال تليفوني بإحدى القنوات الفضائية أن ديون الحكومة على المؤسسات الصحفية القومي تصل إلى المليارات، ولا يمكن أن تواصل الحكومة الدعم لمؤسسات تحقق خسائر، وأن الاجتماع الذي عقده رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي مع رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر، ناقش قضية الديون، وكيفية سدادها..
وأوضح المستشار في اتصاله بالقناة الفضائية أن الصحافة الورقية تتقلص في العالم كله، خاصة بعد ارتفاع سعر الورق، وانتشار المواقع الإلكترونية التي أصبحت أكثر انتشارا وفاعلية.. وأنه سيتم دمج بعض الإصدارات، وتحمس مذيع البرنامج لهذا الاتجاه الذي تتبناه الحكومة..
وأشار إلى أن الأهرام كانت تحقق أرباحا قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ وتحولت تلك الأرباح إلى خسائر، ولا يمكن تصور أن ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء من اختراعه، أو من وحي خياله، فهو رجل مسئول، ولا يمكن أن يقع في تلك السقطة، ولو أنه فعلها، فليس مقبولا أن يستمر في عمله، ومادام أنه استمر.. فذلك يعني أن ما ذكره حدث بالفعل، وأن محاولة إنكاره تستخف بعقول المواطنين.
وما حدث في اليوم التالي أن أعلن رئيس الهيئة الوطنية للصحافة أن الاجتماع لم يتطرق من قريب أو بعيد، لم يتطرق لما أشيع عن اتجاه الحكومة إلى إلغاء بعض الإصدارات الصحفية وتحويلها إلى مواقع إلكترونية، أو دمج المؤسسات الصحفية والمساس بالكيانات القائمة، مما يهدد وجودها واستمرارها، وقد نسفت تلك التصريحات كل ما سبق أن أعلنه المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء..
والمثير أن نفس المذيع الذي رحب بالتصريحات التي صدرت عن المستشار، تحمس بنفس القدر للتصريحات المخالفة الصادرة عن كرم جبر، بل حذر مشاهديه من الانجرار وراء مروجي الشائعات، الذين يسعون إلى هدم الاستقرار الذي ننعم به، وإشعال الفتنة بين الصحفيين داخل المؤسسات القومية، متناسيا أن تلك التصريحات لم تصدر عن مروجي الشائعات إنما عن مسئول كبير في الحكومة عبر برنامجه.
والذي حدث أن تصريحات المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء أحدثت قلقا بالغا داخل المؤسسات الصحفية القومية، وأصابت الصحفيين بالفزع والخوف على مصيرهم المجهول، مما دعا للتحرك السريع من رئيس الهيئة الوطنية للصحافة لطمأنة الصحفيين خاصة أن تصريحات المستشار تضمنت أيضا أن الاجتماع لم يبحث زيادة بدل التكنولوجيا الذي أعلنه المرشح لمنصب النقيب ضياء رشوان، ما أزعج أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين قبل موعد الانتخابات بأيام معدودة، وجاء رشوان ليؤكد أن الزيادة تقررت بالفعل يا سادة.. احترموا عقولنا.