إدارة الوقت!
هناك بعض الأقوال المأثورة التي توارثناها أبًا عن جد، تتعلق بمدى إدراكنا لقيمة وأهمية الوقت، ودوره الحقيقى في حياتنا، وقد اكتشفت بالممارسة العملية أنها ليست دقيقة على الإطلاق، ويعوزها الكثير من التصحيح، مثل مقولة "ريتشارد باكستر" أن "الوقت من ذهب"، ومقولة "بنجامين فرانكلين" إن"الوقت هو المال".
لأن هناك فرقا شاسعا بين الوقت في جوهر حقيقته وبين الذهب أو المال، لأنه أثمن منهما بكثير فهو لا يعوض، ولا يدخر، ولا يمكن اقتراضه أو إقراضه، على عكس جميع الأشياء المادية.
وفى هذا يحدثنا العالم الجليل "الحسن البصري" قائلًا: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي منادٍ: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإنى إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة"، كما يحدثنا الإمام الشجاع الورع على بن أبى طالب عن قيمة وكيفية "إدارة الوقت" قائلًا: "الدنيا ثلاثة أيام: يوم مضى ليس لك منه شىء، ويوم آت لا تدرى أتدركه أم لا، ويوم أنت فيه فاغتنمه".
ونظرًا للقيمة العظيمة للوقت، ولأنه معروف لدى المفسرين أن الله سبحانه وتعالى إذا أقسم بشيء من خلقه فذلك لينبهنا إلى مدى نفاسته وعظيم منفعته، وللحض على الاستفادة منه، فقد أقسم الله جل وعلا في مطالع سور عديدة من كتابه الكريم بأجزاء من الوقت وبأطواره المختلفة، حيث أقسم سبحانه بالليل، والنهار، والضحى، والفجر، والصبح، والعصر.
كما توجد حقيقة مهمة عن الوقت في حديث رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ"، وهو هنا يشير إلى أن الوقت نعمة كبرى لا يعرفها حق المعرفة، ولا يستفيد منها إلا القليل من الناس.
وهو ما يستوجب أن ندرك أنه في عصرنا الحديث، هذا من المهم للغاية لكى نحقق أقصى استفادة ممكنة من الوقت المتاح أن نحسن ترتيب أولوياتنا وأنشطتنا، وأن نوازن بين واجباتنا، وأهدافنا، ورغباتنا، وأن نتغلب بذكاء ومهارة على "مضيعات الوقت" العديدة التي تتخلل يومنا.
رزقنى الله وإياكم حسن التفكير والتدبير، إنه سميع مجيب الدعاء.