ترامب: ألمانيا مطالبة بدفع مال أكثر للقوات الأمريكية
يريد الرئيس الأمريكي ترامب من الشركاء في حلف الناتو زيادة نفقاتهم العسكرية، ولا ترمي خطة الرئيس إلى قيام هؤلاء بدفع تكاليف القوات الأمريكية المتمركزة في بلدانهم وحسب، بل أيضا إلى دفع مبالغ فوقها.
تنشر الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 170.000 جندي في أكثر من 160 بلدا. وبذلك تعادل قوة الوحدات العسكرية خارج الولايات المتحدة تقريبا قوام الجيش الألماني بأكمله. والولايات المتحدة الأمريكية لا تريد فقط خدمة مصالحها، لأن الأمر يرتبط أيضا بحماية الحلفاء لاسيما من حلف شمال الأطلسي. وطوال عقود من الزمن أمكن لحلفاء الولايات المتحدة أن يعتمدوا على هذا الدعم، إلا أنه منذ تسلم الرئيس الأمريكي ترامب زمام الحكم بات هذا محل جدل.
القوات الأمريكية كامتياز
ويضع ترامب شرطا للحماية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية يتمثل في أن ينفق الحلفاء أكثر من أجل الدفاع الذاتي، ويكشف مخطط جديد من البيت الأبيض جدية ما يفكر فيه ترامب، يتعلق الأمر ببلدان تتمركز فيها قوات أمريكية مثل ألمانيا، فهذه البلدان وجب عليها تحمل جميع تكاليف القوات، كما يجب عليها دفع 50% إضافية من هذه التكاليف مقابل امتياز احتضان قوات أمريكية فيها، ما يزال هذا المشروع موضع نقاش داخل القيادة الأمريكية، لأنه إلى حد الآن لم يُتخذ أي قرار، علما أن هذه المبادرة أثارت جدلا لدى قيادات في وزارة الدفاع وقيادة الجيش.
بن هودجيس القائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا يعيش منذ 2017 في ألمانيا، ينتقد هذا العارف بسياسة الدفاع الأمريكية هذه الخطط في حال ما تأكدت صحتها "عندما سمعت بها للمرة الأولى أصابتني الدهشة، لأن الاعتبارات السياسية لم تؤخذ بشكل جدي"، يقول بن هودجيس في حديث مع DW.
كوريا الجنوبية للتجربة
تتمثل جدية ما يفكر فيه ترامب في المفاوضات الأخيرة مع كوريا الجنوبية التي يتمركز فيها نحو 26.000 جندي، فبعد اليابان وألمانيا يحتل هذا البلد الآسيوي المرتبة الثالثة بين الدول التي تتمركز فيها قوات أمريكية في الخارج. ترامب طالب كوريا الجنوبية بمزيد من الأموال مقابل تمركز الجنود الأمريكيين "نريد التكاليف زائد 50%"، كما صرح ترامب على ما يبدو. وفي النهاية وافقت كوريا الجنوبية وعرضت دفع 8% أكثر: 924 مليونا عوض 830 مليون دولار. هنا يرى بن هودجيس أن "الجيش الأمريكي متمركز في كوريا الجنوبية للدفاع عن البلاد". ويمكن تفهم أن يطالب ترامب هناك بمزيد من المال، "لكن الوحدات المنتشرة في ألمانيا وإيطاليا واليونان أو بريطانيا تخدم الأمن المشترك للجميع".
محور انتشار الجيش الأمريكي
وألمانيا هي أهم موقع للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا. أواخر 2018 كان يعمل أكثر من 35.000 جندي أمريكي في ألمانيا، وعدد أكثر من الجنود الأمريكيين في الخارج موجود فقط في اليابان.
وفي مدينة شتوتجارت توجد مراكز الجيش الأمريكي لمهام أوروبا وأفريقيا. ومركز أوروبا لسلاح الجو موجود في رامشتاين بولاية راينلاند بفالس/ رينانيا بلاتينا. وحتى مشاة البحرية الأمريكية متمركزون في ألمانيا، فقط البحرية الأمريكية ليس لها قاعدة ثابتة في ألمانيا. والمركز الطبي الإقليمي في مدينة لاندسهوت هو أكبر مستشفى للجيش الأمريكي خارج الولايات المتحدة، وهناك تمت معالجة الجنود الذين أصيبوا مثلا في العراق، وحاليا يبني الجيش بالقرب من رامشتاين مستشفى إضافي يكلف تقريبا مليار دولار.
"القوات الأمريكية في البلاد تأتي بمزايا صغيرة لألمانيا، لكن مزاياها كبيرة للولايات المتحدة"، كما قال توماس هيتشلير السياسي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في لجنة شئون الدفاع بالبرلمان الألماني، وبالتالي سيكون من غير الصواب تحميل ألمانيا التكاليف. والقائد العسكري السابق بن هودجيس يوافق على هذا، وقال: "ذلك يحصل في مصلحتنا. فقط على هذا النحو يمكن القيام بما يجب علينا فعله في أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا".
مبالغ لا يمكن تصورها
ويرى هيتشلر في المخطط الأمريكي الخطاب العنيف المعروف عن الرئيس الأمريكي الذي يهدف إلى انتزاع أفضل الصفقات للولايات المتحدة الأمريكية تبعا لشعار "أمريكا أولا". وليست هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها ترامب بالمال من الحلفاء "البلدان الميسورة التي نحميها تقع جميعها تحت المراقبة"، قال ترامب في كلمة أمام وزارة الدفاع. "لا يمكن لنا أن نكون الرجل البليد للجميع". وهاجم ترامب بشكل خاص ألمانيا عدة مرات لأنها لم ترفع من مستوى النفقات العسكرية، كما اتُفق عليه في الناتو إلى 2% من الناتج القومي المحلي. ويفيد القائد العسكري السابق هودجيس أن على ألمانيا فعل المزيد، لكن "يجب البحث عن طرق للتعاون مع هذه البلدان وليس ضربها باستمرار على رأسها".
تخفيضات مقابل السلوك الجيد
وهناك فكرة إضافية من الحكومة الأمريكية تثير بعض القلق، وتفيد أن البلدان التي تتحرك تماشيا مع الأجندة الأمريكية وجب عليها دفع أموال أقل. ويرى توماس هيتشلر في هذا خطرا على التعاون الدولي "لأن منظمة الأمن الدولي لا تعمل بهذا الشكل".
وقد تتفجر نقاشات مبدئية حول تمركز الوحدات الأمريكية، وهذا يدعمه الموقف الانتقادي الحالي للسكان الألمان تجاه الحكومة الأمريكية، وبالتالي فإن الحكومة الأمريكية تتعامل بتحفظ مع هذا المشروع، ولا يمكن لها الاستغناء عن موقع ألمانيا: "نحتاج إلى هذا المنفذ في أوروبا لحماية نفسنا والحلفاء"، كما يقول القائد العسكري السابق هودجيس.
وفي حال أصدرت الحكومة الأمريكية فواتير لبلدان أوروبية، فإن هذه قد ترد بإجراءات مضادة، كما نراه في الخلاف الجمركي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. وعلى ضوء ذلك يُستبعد أن ينفذ ترامب هذا المخطط.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل