بعد دعوات «أسرلة» الجولان.. فليعتذروا للسادات
في مايو من العام الماضي قدم عضو مجلس النواب الأمريكي، رون دي سانتيس، مشروع قانون لاعتبار مرتفعات الجولان أرضا إسرائيلية. صحيفة "الجورسلم بوست" Jerusalem Post وغيرها من المصادر الإخبارية قالت إن المشرعين الأمريكيين بصدد تقديم المقترح نفسه باعتبار الجولان أرضا إسرائيلية، هو الأمر الذي رفضه مبعوث الأمم المتحدة في سوريا "جير بيدرسون"، والذي أكد بدوره سيادة سوريا على مرتفعات الجولان.
إسرائيل ليست في حاجة لإعلان الجولان كأرض إسرائيلية، فإسرائيل تسيطر طولا وعرضًا على مرتفعات الجولان. لكن إذا أعلنت إسرائيل من جانب واحد أو أعلنت إسرائيل والولايات المتحدة أن مرتفعات الجولان أرض إسرائيلية، فهل هناك من يمكن أن يمنع إسرائيل؟
لا يوجد من يوقف إعلان إسرائيل مرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية، والإجابة هنا ليست ظنية ولكنها قطعية، فلا "بشار الأسد" ولا غيره يمكن أن يفعل شيئًا، "بشار" كاد أن يفقد عرشه لولا تدخل روسيا وحزب الله. واعتراض الدول العربية والإسلامية لن يجدي شيئًا.
الدعوات المتكررة لضم مرتفعات الجولان لإسرائيل بشكل رسمي يذكرني دوما بـ"أصحاب الحناجر"، الذين عارضوا اتفاقية السلام مع إسرائيل والذي لجأ إليها السادات لاستعادة سيناء، فماذا فعل "حافظ" و"بشار الأسد" لاستعادة أرضه المحتلة وهم جلسوا على عرش سوريا لعقود مديدة؟ وهل ساعد أصحاب "الحناجر" بشار أو والده في استعادة الجولان؟
قد تسمع -كما هي العادة– المقولة التي يستخدمها الفاشلون كشماعة لتبرير فشلهم: أن اتفاقية السلام مع إسرائيل هي من تسببت في ضياع الجولان، وأن مصر من أضعفت العرب. هؤلاء الفاشلون ينسون أن "السادات" لبى نداء "حافظ الأسد" عندما لم يستطع الجيش السوري بأكمله الدفاع عن الجولان، ودفع بالقوات المصرية لتخفيف الضغط على الجيش السوري، مما تسبب في حدوث الثغرة.
ويتناسى الباكون على الجولان اليوم أن "السادات" سافر إلى سوريا والتقى "حافظ الأسد" قبيل زيارته للقدس. الحوار الذي دار بين "السادات" و"حافظ الأسد" نقله نصًا اللواء "طه زكي" مدير مكتب الرئيس "أنور السادات"، والذي حضر اللقاء وقال إن الرئيس "السادات" قال لـ"حافظ الأسد": "يا حافظ أنا جاي أستأذنك تسمحي لي أتكلم باسمك أرجعلك الجولان.. أنا رايّح إسرائيل، فقال له "حافظ الأسد": "مو هيك ياريّس".. إحنا هانرجعها بقوة السلاح"، فرد الرئيس "السادات" على "حافظ الأسد": "مش هاتقدر".
"نتنياهو" يتباهي بأن الجولان هي أرض إسرائيلية، ولولا ذكاء "السادات" ودهاؤه لكان العلم الإسرائيلي يرفرف على سيناء، ولتوسعت إسرائيل في إقامة المستوطنات والمنتجعات. الحقيقة التي لا يدركها أصحاب العبارات الرنانة والمتشدقين بالعروبة والذين لا يتجاوز فهمهم السياسي نقطة أبعد من حناجرهم، أن إسرائيل تبسط سيادتها جوًا وبرا على الجولان.
وهي ليست في حاجة لضم الجولان بشكل رسمي إليها، فليعتذر من عارض "السادات" له، ويعترفون أنهم لا يفهمون شيئًا في السياسة، ولا في الجغرافيا، ولا في التاريخ. لأن التاريخ سيقول لك استعد جغرافيتك المفقودة بأي شكل، ثم تحدث بعدها في السياسة.